على وقع القبضة الأميركية التي تشتد بشكل متواصل تجاه حزب الله، وكل من يُقدّم له الدعم المعنوي والمادي، بدأ حزب الله يعدّ العدّة لمواجهة العقوبات، بعدما استشعر بثقلها، خصوصاً أنها تتوسّع لتطال حلفاءه من طوائف ومذاهب مختلفة. حزب الله إلى الشارع وتندرج في سياق تلك "العدة" ما أشارت إليه الاثنين وسائل إعلام مقرّبة من حزب الله، بأن الأخير قرر القيام بخطوات عملية لمواجهة العقوبات الأميركية والمتحمّسين لها، وأن قيادة الحزب تدرس خيارات عديدة، بينها اللجوء إلى الشارع لمواجهة المصارف. وتتقاطع تلك التقارير الإعلامية مع إعلان امين عام حزب الله، حسن نصرالله، في إحدى المناسبات قبل أسابيع "أنه ذا كانت العقوبات علينا وحدنا نصبر أما إذا طالت ناسنا وشعبنا فيجب أن نتصرف بطريق مختلفة، وعلى الحكومة أن تدافع عن اللبنانيين لا أن تسارع بعض مؤسسات الدولة إلى تنفيذ القرارات والرغبات الأميركية وألا يكون بعضها ملكياً أكثر من الملك". عروض عسكرية.. تلويح وتهديد ويبدو أن طلائع هذا التصرّف، بدأت تظهر من خلال ثلاث حوادث بحسب تدرّجها الزمني، وضعتها مصادر مطلعة في سياق "التهديد المُبطّن" للمصارف تجاه إجراءاتها في الالتزام بالعقوبات. وأوضحت المصادر للعربية.نت أن الحادثة الأولى تمثلت بالعرض العسكري الذي نفّذه حزب الله أواخر سبتمبر الفائت، من دون أي مناسبة في بلدة كيفون التي تقع وسط الجبل في قضاء عالية (معقل الزعيم الدرزي وليد جنبلاط)، وتسريب الصور عن العرض، في حدث "لافت" لا يمكن اعتباره مصادفة، نظراً للتشدد الذي يعتمده الحزب في الإبقاء على سرية أنشطته العسكرية. كما اعتبرت المصادر "أن حزب الله "تعمّد" إجراء هذا العرض في منطقة درزية، رداً على إجراءات أحد المصارف التي يُديرها أشخاص من الطائفة الدرزية، اعتبرها "قاسية" في حق المودعين، خصوصاً من أبناء الطائفة الشيعية. أما الحادثة الثانية فأتت بعد أقل من 48 ساعة على عرض بلدة كيفون، حيث شهد شارع الحمرا قرب وسط مدينة بيروت، عرضاً عسكرياً، أحياه الحزب السوري القومي الاجتماعي ، حليف حزب الله، في مناسبة ذكرى حزبية. ولفتت المصادر إلى "أن اللافت بالعرض العسكري مكانه، إذ أُقيم في شارع مكتظّ بفروع تابعة لمصارف لبنانية عديدة وعلى مقربة من المصرف المركزي، وهو ما يُفسّر بأنه رسالة إلى القطاع المصرفي اللبناني مفادها أن التجاوب مع العقوبات الأميركية على طريقة "ملكيين أكثر من ملك" سترتد سلباً عليهم من خلال استخدام الشارع كما حصل في ذكرى 7 مايو/أيار 2008، حيث اجتاح حزب الله وحلفاؤه شوارع بيروت الجبل بقمصان سود مدجّجين بالسلاح. تظاهرة "غير بريئة" أما الحادثة الثالثة فكانت الأحد الماضي مع تظاهرة الحزب الشيوعي أمام مصرف لبنان، وهو من الأحزاب الدائرة في فلك الحزب. واعتبرت المصار أن "هذه التحرّكات تُمهّد لتحرّك أوسع إطاراً عبر جمهور حزب الله ستكون وجهته أيضاً المصارف اللبنانية، لأنها وفق حزب الله مسؤولة عن تجويع اللبنانيين وبأنها "ملكية أكثر من ملك" في التزامها بتطبيق قانون العقوبات على حزب الله والأفراد والكيانات المرتبطة به". أميركا ذاهبة بعيداً في العقوبات يأتي كل ذلك فيما بات من شبه المؤكد أن الولايات المتحدة الأميركية تّتجه إلى توسيع إطار العقوبات التي تفرضها تباعاً على "حزب الله"، لتشمل حلفاءه في الحكومة اللبنانية. ونقلت مصادر مطّلعة التقت أخيراً عدداً من السيناتورات في الكونغرس الأميركي، لـ"العربية.نت" تأكيدها "أن الادارة الأميركية ذاهبةً بعيداً في العقوبات، ولن تتراجع عنها، وهي ستطال قريباً حلفاء حزب الله من غير الشيعة". ولفتت المصادر إلى "أن الأميركيين مقتنعون بأن الحرب العسكرية لن تؤتي ثمارها المرجوة، لذلك فإن اللجوء إلى استخدام السلاح الاقتصادي من خلال العقوبات له نتائج أعلى وأكثر ألماً على النظام الإيراني وحزب الله وحلفائه". كما أكدت "أن الجمهوريين والديمقراطيين ورغم اختلافهم في قضايا عدة فإنهم "متحمّسون" جداً لإجراءات وزارة الخزانة الأميركية، لأنها أقلّ كلفة من إجراءات وزارة الدفاع (البنتاغون) حيث كان الأميركيون يدفعون الأثمان من أرواح الجيش والقوى المسلّحة، كما أن هذا السلاح (العقوبات) هو السلاح الذي تتفرّد به واشنطن بوجه خصومها وحتى حلفائها". إلى ذلك، نقلت المصادر عن الوفد تشديده على "ضرورة إبعاد الصراع القائم مع إيران عن المؤسسات اللبنانية، من خلال إلزام حزب الله احترام سياسة النأي بالنفس، وتحييد القطاع المصرفي عن نشاطات الحزب، خصوصاً أن وضع مصرف "جمال ترست بنك" على لائحة العقوبات OFAC بدأ يؤثّر سلباً على سُمعة القطاع المصرفي خارج لبنان والثقة به".
مشاركة :