برشلونة (إسبانيا) – عاد شبح العنف ليخيّم على المشهد في كتالونيا غداة إدانة المحكمة الإسبانية العليا لـ9 من قادة الانفصال. وأعلنت السلطات في الإقليم، الواقع شمال شرقي إسبانيا،عن إصابة 37 متظاهرا وإلغاء 108 رحلة، إثر اشتباكات مع الشرطة في مطار برشلونة، الاثنين. وقالت الشرطة الإقليمية، إنها ألقت القبض على اثنين من المتظاهرين بتهمة “مهاجمة الضباط”، أحدهما في مطار جوسيب تاراديلاس ببرشلونة، والآخر في بلدة ماتارو، حسب ما أوردته وكالة “أسوشيتد برس” الأميركية. وألقى المتظاهرون طفايات الحريق الفارغة وغيرها من الأشياء على الشرطة، ما اضطر الضباط لاستخدام الرصاص المطاطي والهراوات لردّ الحشود الهائلة في المطار. وهاجمت قوات مجهزة بمعدات مكافحة الشغب المتظاهرين الذين يغلقون مدخل مطار برشلونة الدولي، احتجاجا على الإدانات الجنائية للعشرات من السياسيين والناشطين الذين روجوا لاستقلال منطقة كاتالونيا. وتأتي هذه الأعمال بعد إصدار المحكمة العليا في إسبانيا، الاثنين، أحكاما تتعلق بسجن 9 من القادة الانفصاليين لـفترات تصل إلى 13 سنة بتهمة الترويج لاستقلال الإقليم بطريقة غير قانونية عام 2017. وتضم قائمة المتهمين نائب رئيس الإقليم سابقا أوريول جونكيراس، الذي تلقى حكم السجن لأطول فترة بالنسبة إلى باقي المدانين. وقال متحدث باسم قوة الشرطة في كتالونيا إن الضباط كانوا يحاولون الحفاظ على سلامة المطار من خلال السيطرة على مساحة بين المتظاهرين ومدخل المطار. وكان الادعاء العام في إسبانيا قد طالب، في فبراير، بإنزال عقوبة السجن على المتهمين الـ12 لمدة تراوح بين 7 و25 عاما. وصوّت في مطلع أكتوبر عام 2017 نحو 90 بالمئة لصالح الانفصال، في استفتاء نظمته حكومة كتالونيا السابقة بقيادة بيغديمونت. ثم صوّت برلمان الإقليم في 27 من الشهر ذاته على إعلان الانفصال، ما دفع بمدريد إلى إقالة حكومة كتالونيا وفرض الحكم المباشر على الإقليم. وفي ردود الفعل بشأن هذه الأحكام وصف الرئيس السابق لإقليم كتالونيا كارليس بيغديمونت، الأخيرة التي أصدرها القضاء الإسباني بحق الانفصاليين، الاثنين، بأنها “فظيعة”. وقال بيغديمونت في تغريدة نشرها على حسابه في تويتر ”لقد حان الوقت للردّ.. من أجل مستقبل أبنائنا وبناتنا، من أجل الديمقراطية في أوروبا، وفي كتالونيا”. وكان الادعاء الإسباني قد طالب قبل سنتين بمحاكمة بيغديمونت، لكنّه فرّ إلى بلجيكا، حيث يعيش في منفاه الاختياري هناك. ورغم فراره إلى بلجيكا ظلت التهم تلاحق بيغديمونت حيث أعلنت المحكمة العليا الإسبانية، الاثنين، أن القضاء أصدر مذكرة اعتقال دولية بحق زعيم إقليم كتالونيا السابق. وتثير الاشتباكات التي جدت في كتالونيا مخاوف بعض الدول الأوروبية، التي تكافح بدورها جموح العديد من الأقاليم إلى الانفصال عنها. ولعل أهم هذه البلدان؛ إسبانيا التي واجهت على مدار 40 عاما بيدٍ من حديد توجهات البعض في إقليم الباسك الواقع شمالي البلاد، والذي لا تزال النزعة الانفصالية مستمرة فيه. وليس ببعيد عن إسبانيا تسعى جزيرة كورسيكا الفرنسية إلى الانفصال، حيث اتخذ قادة الانفصال هناك في البداية من العمل المسلح واجهة لتحقيق هدفهم، إذ شنت جبهة التحرير الوطني سلسلة هجمات عنيفة عام 2014. واتخذت الجبهة، عام 2014، من العمل السياسي واجهة لها بعد رفض باريس منحها استقلالها . ويعدّ إقليم اسكتلندا من أبرز الأقاليم، كذلك، المطالبة بالاستقلال في أوروبا وبالتالي الانفصال عن المملكة المتحدة. وكان سكان الإقليم قد رفضوا في استفتاء شعبي عام 2014 الاستقلال، ورغم هذا الرفض فإن قادة الانفصال هناك يتشبثون بضرورة الاستقلال، وازدادت مطالبتهم بالانفصال مع اقتراب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وتسعى جميع هذه الدول، من بريطانيا وصولا إلى فرنسا وإسبانيا، إلى إخماد شرارات الانفصال ومنع تمددها.
مشاركة :