قطر المعزولة عربيا ترفع شعار مع تركيا ظالمة أو مظلومة

  • 10/16/2019
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

الموقف القطري من التدخّل العسكري التركي في الشمال السوري، ليس فقط موقفا شاذّا بخروجه عن شبه الإجماع العربي والدولي على إدانة ذلك التدخّل ومعارضته، لكنّه أيضا موقف خطير يؤسس لسابقة تتمثّل في منح دول إقليمية “حقّ” غزو أراضي العرب بذريعة الدفاع بشكل استباقي عمّا تعتبره تلك الدول أمنها القومي. الدوحة - شذّت قطر عن حالة شبه الإجماع العربي والدولي في معارضة التدخّل العسكري التركي بالشمال السوري، معربة عن “تفهّمها” لذلك التدخّل المدان رسميا من قبل الجامعة العربية، والمُنْتَقد دوليا من قبل أغلب دول العالم بما في ذلك شركاء تركيا في الحلف الأطلسي. وقال وزير خارجية قطر الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، الثلاثاء، إنّ تركيا لا يمكنها أن تصبر حتى تصل التهديدات داخل أراضيها، معربا عن تفهمه للعملية العسكرية التركية داخل الأراضي السورية والتي تطلق عليها أنقرة اسم “نبع السلام”. وبحسب محلّلين سياسيين، فإنّ الموقف القطري امتداد للسياسة الخارجية القطرية المعقّدة والمليئة بالتناقضات، والمتولّدة في الفترة الراهنة عن “فوبيا” عزلة الدوحة التي تقاطعها أربع دول عربية؛ هي السعودية والإمارات ومصر والبحرين، بسبب علاقاتها المشبوهة بالتنظيمات الإرهابية والجماعات المتشدّدة، وهي علاقات تمثّل نقطة التقاء بين تركيا وقطر. ووصف محلل سياسي قطري ينعت نفسه بـ“المستقلّ” موقف بلاده من التدخّل التركي في الشمال السوري بـ“الموقف الصعب والمحرج الذي يضع قطر، ليس فقط في موضع الخروج عن الإجماع الإقليمي والدولي، ولكن أيضا في موضع مخالفة قيم مبادئ أساسية تتعلّق بسيادة الدول على أراضيها وحماية وحدتها الترابية والحفاظ على سلامة مواطنيها من أي عدوان خارجي”. وأضاف “الحرج من الموقف القطري من العملية العسكرية التركية في سوريا، مضاعف لأنّ الأمر يتعلّق ببلد عربي”، معتبرا “أنّ كلام وزير الخارجية يؤسس لسابقة خطرة، ليس فقط بتبرير العدوان على بلد عربي، بل بإعطاء دول إقليمية مشروعية الدفاع عما تعتبره أمنها بشكل استباقي في عمق أراضي جيرانها العرب”. ومن المفارقات أن كلام وزير الخارجية القطري جاء بمناسبة مؤتمر أمني تحتضنه الدوحة تحت عنوان “التحديات الأمنية التي يفرضها تداول المعلومات المضللة في وقتنا الحاضر”، حيث قال الوزير إثر افتتاح المؤتمر “إنّ تركيا حذّرت من تسليح المجموعات الانفصالية الإرهابية التي تحاربها لكن لم يصغ لها أحد”. ويخشى ساسة وقادة رأي خليجيون من أنّ التماهي القطري التامّ مع المواقف والسياسات التركية الذي حمله كلام الشيخ محمّد بن عبدالرحمن، هو مظهر على علاقة تبعية كاملة نشأت بين قطر المعزولة عن محيطها وتركيا التي تفوقها حجما وقوّة في مختلف المجالات ما يجعل الدوحة عرضة لابتزاز سياسي واقتصادي أيضا من قبل أنقرة التي تنتهج تحت حكم حزب العدالة والتنمية سياسة موغلة في البراغماتية الفجّة التي تلامس الجشع والانتهازية. وتابع وزير الخارجية القطري تبريره للعدوان التركي على سوريا قائلا “الأسلحة التي قُدّمت للقوات الكردية أثناء الحرب على داعش، والتدريب الذي حصلت عليه يمثل تهديدا محدقا للأمن التركي”. وأضاف “لا يمكن أن نطلق كل اللوم على تركيا، فهي تريد أن تطهّر أراضيها وتتصدى للإرهاب ولا يمكنها أن تصبر حتى يصل أراضيها”. وأضاف أنّ تركيا حاولت حل المسألة منذ أكثر من عام مع الولايات المتحدة لخلق منطقة آمنة، وإنهاء التهديدات على حدودها، معتبرا أنّ “التهديد يأتي عبر مجموعات محددة تابعة لحزب العمال وهي مدانة ومصنفة بأنها إرهابية”. ويظهر الكلام الأخير تبني قطر بشكل كامل للطرح التركي الذي يصرّ على الخلط بين قوات سوريا الديمقراطية التي تحصر نشاطها العسكري داخل الأراضي السورية وكانت لها مساهمة كبيرة في الحرب على تنظيم داعش الذي يضم في صفوفه الآلاف من المقاتلين الأجانب الذين دخلوا سوريا عبر الأراضي التركية، وبين حزب العمّال المعارض لتركيا والذي يخوض ضدّها صراعا مسلّحا مستمّرا منذ عقود. وتحدّث الوزير القطري نيابة عن الأتراك نافيا نيّة أنقرة الإبقاء على جيشها داخل الأراضي السورية قائلا إنّ عملية “نبع السلام لها هدف واحد هو القضاء على التهديد هناك، وسجلّ تركيا واضح بأنها لا تود البقاء على الأرض السورية في المستقبل”. التأسيس لسابقة خطرة تمنح دولا إقليمية "حق" التدخل العسكري في عمق الأراضي العربية لمواجهة ما تعتبره تهديدات لأمنها وبلغ الموقف القطري مدى غير مسبوق من الانحياز لتركيا ضدّ الإرادة والمصلحة العربية حين وصف العدوان التركي على سوريا بأنّه تحرير. وقال “الأماكن التي تمّ تحريرها هي الآن في وضع أفضل، لم نسمع أيّ تطهير عرقي أو أي انتهاكات من قبل تركيا”. ورافقت العملية العسكرية التركية في الشمال السوري منذ أيامها الأولى عمليات قتل على الهوية واعتداءات على المدنيين نفذّها المقاتلون السوريون الذين جلبتهم تركيا للقتال إلى جانب قواتها ويُعتقد على نطاق واسع أنّهم من تنظيمات متشدّدة مثل تنظيم جبهة النصرة المصنّف إرهابيا. وقتل هؤلاء السياسية الكردية هفرين خلف، كما وثقت كاميرات المسلّحين أنفسهم عملية قتل أسرى مقيدين بدم بارد وفي أجواء من المرح والتباهي على طريقة تنظيم داعش. ولم يستبعد مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، الثلاثاء، تحميل تركيا المسؤولية عن عمليات الإعدام تلك. ويناقض الموقف القطري المساند بالكامل لتركيا مواقف الكثير من البلدان والمنظمات ذات الوزن والتأثير على الساحة الدولية. ونقلت وكالة إنترفاكس الروسية، الثلاثاء، عن ألكسندر لافرينتييف مبعوث الكرملين إلى سوريا وصفه للهجوم التركي في شمال شرق سوريا بأنه “غير مقبول”، موضحا أن موسكو لم توافق على هذه العملية مسبقا. كذلك اعترضت فرنسا وألمانيا على العملية، فيما عبّر حلف الأطلسي الذي تنتمي إليه تركيا عن خشيته من تداعيات الهجوم على قتال تنظيم الدولة الإسلامية. وكانت الجامعة العربية قد أدانت في اجتماع على مستوى وزراء الخارجية العدوان التركي على الأراضي السورية واعتبرته خرقا واضحا لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن الدولي التي تدعو إلى الحفاظ على وحدة واستقلال سوريا، ما حدا بالرئيس التركي رجب طيّب أردوغان إلى مهاجمتها معتبرا في مقال له بصحيفة وول ستريت جورنال الأميركية أنّ الجامعة العربية “فقدت شرعيتها”.

مشاركة :