الجزائر - خرج عمار سعداني الأمين العام السابق لحزب جبهة التحرير الوطني الحزب الذي حكم الجزائر منذ الاستقلال حتى استقالة الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة في ابريل/نيسان الماضي، عن موقف طالما تبنته منظومة الحكم السابقة والتي لايزال بعض بقاياها في السلطة من قضية الصحراء المغربية، مؤكدا على مغربية الصحراء وعلى أن جبهة البوليساريو الانفصالية الكيان غير الشرعي، شكّل عبئا على الجزائر طيلة 50 عاما. وفي حوار مع موقع "كل شيء عن الجزائر" نشر اليوم الخميس، قال سعداني الذي كان مقربا جدا من بوتفليقة، أعتبر من "الناحية التاريخية أن الصحراء مغربية وليست شيء آخر واقتطعت من المغرب في مؤتمر برلين وفي رأيي أن الجزائر التي تدفع أموال كثيرة للمنظمة التي تُسمى البوليساريو منذ أكثر من 50 سنة، دفعت ثمنا غاليا جدا دون أن تقوم المنظمة بشيء أو تخرجُ من عنق الزجاجة". وكان سعداني الذي عرف بمواقفه المثيرة للجدل وبخصوماته الكثيرة حين كان على رأس الأمانة العامة لجبهة التحرير الوطني، يشير إلى ما كانت تمثله الجبهة الانفصالية من عبء على الجزائر وهو موقف تردد كثيرا في الشارع الجزائري لكن في صمت خشية عقاب السلطة. وكسر الجزائريون جدار الخوف بعد أن خرجوا في مظاهرات حاشدة أنهت نحو عقدين من حكم بوتفليقة وتتواصل حاليا للضغط على ما تبقى من منظومة الحكم للرحيل، لتعود قضية العلاقات بين الجزائر والمغرب إلى واجهة الاهتمام وسط تساؤلات عما إذا كان الحراك الشعبي سيعيد الزخم للعلاقة المقطوعة بين الجارين الشقيقين. وطرحت مسألة الدعم الجزائري للجبهة الانفصالية بقوة وسط تقديرات بأن رياح التغيير التي هبّت على الجزائر ستنهي مسببات الخلاف مع المغرب أي ستنهي دعم الجبهة الانفصالية وإعادة تصحيح مسار العلاقات بما يخدم تطلعات الشعبين. وسمم الدعم الجزائري للبوليساريو العلاقات مع المغرب، حيث ألقت السلطة الحاكمة بكل ثقلها في دعم البوليساريو بالمال والسلاح ووفرت لها غطاء سياسيا في المحافل الإقليمية والدولية بوصفها "كيانا شرعيا" تحت مسمى الجمهورية الصحراوية. وتكتسب تصريحات سعداني أهمية كونها تأتي من شخصية كانت في قلب منظومة الحكم ومن النواة الصلبة للنظام السابق والمطلعة على خبايا المخططات الرسمية لتعطيل مسار تسوية النزاع في الصحراء المغربية. وتعزز شهادة سعداني وجاهة الموقف المغربي ومقاربته لحل النزاع في الصحراء وتعطي أيضا إشارات إلى موقف جديد في الجزائر حول الموقف الرسمي من الكيان غير الشرعي. ويعتبر موقف الأمين العام السابق لحزب بوتفليقة اختراقا مهما للموقف الرسمي من قضية الصحراء المغربية فمنظومة الحكم كانت تعتبر دعم البوليساريو من الثوابت في سياساتها وتجاهلت لعقود الروابط التاريخية والثقافية والدينية مع المغرب. واعتبر سعداني أن العلاقة بين المغرب والجزائر أكبر من البوليساريو، مؤكدا أن الظرف الحالي مناسب لإعادة تطبيع العلاقات بين البلدين لأن هناك انتخابات رئاسية واتجاه لتغيير في النظام وتغير في النظام التونسي، فيما تشهد ليبيا تحولا وهي ظروف تعتبر ملائمة لإحياء مشروع اتحاد المغرب العربي. وحثّ على ضرورة غلق ملف الصحراء وفتح الحدود بين المغرب والجزائر، مؤكدا أن الأموال التي كانت تدفع لجبهة البوليساريو والتي وظفها قادة الجبهة الانفصالية في انفاقها في الفنادق الفاخرة منذ 50 عاما، أولى أن تنفق على سوق أهراس والبيض وتمنراست وغيرها، مضيفا "هذا هو موقفي سواء أغضب البعض أو لم يعجب البعض الآخر".
مشاركة :