غزة - كثر الحديث في الفترة الأخيرة عن فتور في العلاقات بين قطر وحماس، رغم محاولات كلا الجانبين إخفاءه، وربطت تقارير استخبارية التحول القطري تجاه الحركة الفلسطينية بالانتخابات الأميركية وخشية الدوحة المتزايدة من نجاح الرئيس دونالد ترامب في الحصول على ولاية رئاسية ثانية، في ظل تقارب نتائج سبر الآراء بينه والمرشح الديمقراطي جو بايدن. وكانت قطر أوصلت رسالة لقيادة حركة حماس قبل فترة مفادها عدم تجديد المنحة المالية لقطاع غزة، الأمر الذي دفع حماس إلى تصعيد الموقف مع إسرائيل من خلال تعمد نشطاء إطلاق بالونات حارقة على المستوطنات الجنوبية القريبة من غلاف غزة، وإطلاق صواريخ من حين لآخر. هذا التصعيد قابلته حكومة بنيامين نتنياهو بردود فعل عنيفة، حيث شن الجيش الإسرائيلي ضربات على مواقع للحركة على مدار أيام، لتنتهي الجولة بتعهد قطري بتقديم المزيد من المساعدات المالية للقطاع. وقال رئيس اللجنة القطرية لإعادة إعمار غزة، السفير محمد العمادي، هذا الأسبوع، إن وقف إطلاق النار بين حركة حماس وإسرائيل – الذي توسطت فيه بلاده وأعلن عنه في 31 أغسطس الماضي – سيسمح بدخول المزيد من المساعدات الإنسانية إلى القطاع. وأوضح السفير العمادي في تصريحات صحافية أن قطر أرسلت ملايين الدولارات إلى غزة بعد التهدئة والآن تحرص على توفير الكهرباء للمنطقة، بالإضافة إلى مشاركتها الطويلة مع المانحين الدوليين لتقديم المساعدة الإنسانية لسكان غزة. وأضاف “هذا الشهر فقط، ساهمت قطر بمبلغ 34 مليون دولار بالإضافة إلى تزويد غزة بالكهرباء بالتنسيق مع وكالات الأمم المتحدة”. محمد العمادي: قطر أرسلت ملايين الدولارات إلى غزة بعد التهدئة محمد العمادي: قطر أرسلت ملايين الدولارات إلى غزة بعد التهدئة ويرى مراقبون أن حركة حماس تحولت إلى عبء مالي وسياسي ثقيل تحاول بالواضح الدوحة التخلص منه، خاصة بعد أن أبدت الإدارة الأميركية توجها أكثر تشددا مع الحركة المرتبطة بالتنظيم الدولي للإخوان والتي تصنفها واشنطن تنظيما إرهابيا. وتخشى الدوحة التي اتسمت علاقتها بإدارة دونالد ترامب بالفتور في أغلب الأحيان أن يجري تجديد العهد معه (ترامب) في نوفمبر المقبل، لتجد نفسها في موقف صعب في حال استمرت في دعمها لمنظمات مصنفة إرهابية على غرار حماس. وذكر موقع ديبكا الاستخباراتي الإسرائيلي أن أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أبدى مؤخرا استعدادا لتغيير سياساته الداعمة لتلك المنظمات. وذكر الموقع أن علاقات قطر مع الجماعات المتطرفة وضعت الدوحة في مسار مغاير لمساعي ترامب الدبلوماسية في المنطقة، كما تسببت تلك العلاقات في مأزق للدوحة مع محيطها الخليجي لاسيما مع المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، التي أعلنت الشهر الماضي تطبيع العلاقات مع إسرائيل بوساطة أميركية. وكشف موقع ديبكا أنه وبعد زيارة مستشار الرئيس الأميركي جاريد كوشنر إلى الدوحة قبل أيام في إطار جولة شملت عدة دول في المنطقة من بينها السعودية، أصدر الشيخ تميم بن حمد تعليمات لمستشاريه لإبلاغ حماس بأن استمرار تدفق الأموال القطرية إلى غزة لم يعد مضمونا. وحذر من أن التحويل المالي الأخير “ليس سياسة”، وهو “لمرة واحدة”، وأشار الموقع إلى أن الشيخ تميم بن حمد قال بالحرف الواحد إن “الأمور تغيرت ولا يمكننا الاستمرار في فعل الأشياء بالطريقة القديمة”. ولفت الموقع الإسرائيلي إلى أن هذه الاستدارة القطرية تعود إلى نصائح أسداها أصدقاء ديمقراطيون للشيخ تميم بن حمد، بعد ملاحظة تراجع الفجوة بين ترامب وبايدن. ووفق ديبكا، أصدر مستشارو أمير قطر تعليماتهم لكبار المحررين في شبكة الجزيرة التلفزيونية القطرية بالتخفيف من مدحهم لحماس وغيرها من المنظمات الراديكالية في مواجهة إسرائيل والولايات المتحدة والإمارات العربية المتحدة وأن يكونوا أقل استفزازًا. ويرى البعض أن الخشية مما تحمله الانتخابات الرئاسية الأميركية أحد الأسباب الرئيسية في ما يسجل من فتور على خط الدوحة حماس، لكنها ليست السبب الوحيد، ذلك أن الدوحة ليست مرتاحة للقيادة الحالية لحماس، في ظل سياسة الانفتاح التي تنتهجها على أكثر من محور. ويعتقد هؤلاء أن الدوحة تحاول من خلال تلويحها في كل مرة بوقف الدعم المالي للقطاع إضعاف موقف القيادة الحالية للحركة لاسيما قائد قطاع غزة يحيى السنوار لصالح رئيس المكتب السياسي السابق خالد مشعل مع اقتراب الانتخابات الداخلية لحماس. وكانت صحيفة “يديعوت أحرونوت”، نقلت على لسان مسؤولين في الاستخبارات بالجيش الإسرائيلي قولهم إن الجولة الأخيرة من التصعيد، كانت جزءا من المعركة الانتخابية الداخلية في حماس. وذكرت الصحيفة أن يحيى السنوار كان التقى في وقت سابق السفير محمد العمادي، المسؤول القطري عن ملف القطاع، صارخا في وجهه ومتهما إياه بتعمد إفشاله في الانتخابات الداخلية، بهدف تعزيز مكانة خالد مشعل الذي يعد أبرز المقربين في صفوف الحركة للدوحة.
مشاركة :