سان فرانسيسكو- كان يرتدي قناعا للتزلج ويوقظ ضحيته بمصباح يدوي شديد الإضاءة، وكان عادة ما يحمل مسدسا وسكينا وحبلا ورباطا لاستخدامها في التقييد، أثناء عمليات الاقتحام الليلية التي كان يقوم بها في ضواحي كاليفورنيا الهادئة. وكان يقوم بتقييد الأزواج واغتصاب زوجاتهم، ثم يقتل كلا من الزوج والزوجة بعد تعذيبهما. وغالبا ما كان يتسكع في المكان، حيث كان يعد لنفسه الطعام والشراب، ويأخذ هدايا تذكارية من منازل الضحايا. وظل الرجل الذي عُرف باسم “غولدن ستيت كيلر” (القاتل الذهبي للولاية)، يرعب سكان كاليفورنيا لمدة 10 سنوات. ويُعتقد أن جرائمه كانت قد بدأت في عام 1976، بالعشرات من عمليات السطو والاغتصاب في منطقة ساكرامنتو، التي أرجعتها الشرطة إلى “مغتصب في المنطقة الشرقية”. وتصاعدت حدة الجرائم لتتحول إلى سلسلة من عمليات القتل السادي في جنوب كاليفورنيا، خلال الفترة من عام 1979 إلى عام 1986، والتي أطلق على مرتكبها اسم “أوريجينال نايت ستوكر” (مطارد الليل). واعتقد بعض محققي الشرطة في ذلك الوقت أن ثمة شخصا واحدا هو الذي ارتكب مجموعة الهجمات، ولكن لم تتأكد صحة ذلك إلا في عام 2001، من خلال نتائج اختبارات الحمض النووي (دي.إن.إيه). وقد اختارت الكاتبة المتخصصة في الجرائم التي حدثت بالفعل، الأميركية ميشيل ماكنمارا، لقب “غولدن ستيت كيلر” (القاتل الذهبي للولاية)، في إشارة إلى كاليفورنيا، لتعكس انتشار القضية على نطاق الولاية. وفي كتابها الأفضل مبيعا، والذي يحمل اسم “سأرحل في الظلام: هوس امرأة بالبحث عن قاتل الولاية الذهبية”، تسرد ماكنمارا جرائمه بالتفصيل. الكاتبة ميشيل ماكنمارا لم تتعرف أبدا على هوية القاتل الذهبي للولاية الكاتبة ميشيل ماكنمارا لم تتعرف أبدا على هوية القاتل الذهبي للولاية وقد تم نشر الكتاب بعد وفاتها في فبراير من عام 2018، أي بعد عامين تقريبا من وفاتها أثناء نومها وهي في سن السادسة والأربعين، بسبب إصابتها بنوبة قلبية لم يتم تشخيصها، وجرعة زائدة من المخدرات. وبعد أقل من شهرين من وفاتها، اعتقلت الشرطة مشتبها فيه أخيرا. وقام محققو القضايا القديمة المفتوحة بتحميل ملف تعريف الحمض النووي الخاص بالمشتبه به من خلال أدلة اغتصاب، كانت على موقع إلكتروني عام خاص بتسلسل الأنساب، وحددوا أقاربه البعيدين، وقصروا بحثهم على جوزيف جيمس ديانجيلو، البالغ من العمر 72 عاما. ثم قاموا في ما بعد بتجميع الحمض النووي الخاص بديانجيلو، والذي تم الحصول على بعض منه من مقبض باب سيارته، والبعض الآخر من مناشف ورقية ملقاة في سلة المهملات الخاصة به، ووجدوا أنه يتطابق مع منفذ جرائم الاغتصاب والقتل المحترف. وكان ميكانيكي الشاحنات المتقاعد، وهو من قدامى المحاربين الذين شاركوا في حرب فيتنام، وشرطي سابق، مطلقا ويعيش حياة هادئة في إحدى ضواحي ساكرامنتو، مع إحدى بناته الثلاث وحفيد له، وقت إلقاء القبض عليه. وقد تم اتهامه في 13 جريمة، بالقتل باستخدام هراوات أو بإطلاق النار، بالإضافة إلى جرائم أخرى. ولم ينكر ديانجيلو، الذي كان يجلس على كرسي متحرك ويبدو ضعيفا عند توجيه الاتهام إليه، الجرائم الموجهة إليه. وكان اهتمام ماكنمارا بالجرائم الحقيقية بدأ في سن الرابعة عشرة، عندما قُتلت امرأة شابة كانت تعرفها من كنيستها، أثناء ممارستها للركض بالقرب من منزل ماكنمارا. وقد تركت القضية، التي لم يتم فك لغزها حتى يومنا هذا، انطباعا دائما لديها. وفي عام 2006، أنشأت ماكنمارا مدونة تحت اسم “ترو كرايم دايري” (مذكرات الجريمة الحقيقية)، بعد أن قررت أنه سيكون من الأفضل مشاركة تحقيقاتها الدقيقة بشأن الجرائم التي لم يتم حلها. وبينما كانت تغطي قضايا الجرائم الحديثة وتلك القديمة المفتوحة، كانت تركز بشكل رئيسي على “القاتل الذهبي للولاية”. وقامت بتطوير علاقة مهنية بمحققي الشرطة، حيث كان يُسمح لها بفحص صناديق ملفات الشرطة، وإعادة إجراء مقابلات مع الضحايا وحتى مع جيرانهم. وقد كان كتاب ماكنمارا قيد الإعداد عندما توفيت. وقد قام باحثها الرئيسي، بول هاينز، الذي تشير إليه في الكتاب تحت مسمى “الطفل”، وصحافي التحقيق بيلي جنسن بتنظيم ملاحظاتها لتضمينها في فصول غير مكتملة، وتعاونا سويا في كتابة فصل نهائي للكتاب. ومن ناحية أخرى، كتب أرملها، الكوميدي الأميركي باتون أوزوالت كلمة ختامية. ويقول هاينز لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) “لقد لعب كتاب ميشيل دورا كبيرا في إلقاء القبض على المجرم… لم نحدد هوية ديانجيلو، ولكن عمل ماكنمارا والعلاقات التي بنتها مع المحققين خلقا زخما للقضية”. ويقول هاينز إنه ليس هناك شك في أن ديانجيلو سيدان على أساس أدلة الحمض النووي. وكان قد حصل على نظرة عن قرب على المشتبه به أثناء جلسة استماع في المحكمة. وكانت آخر مرة مثّل فيها ديانجيلو أمام المحكمة، لمناقشة مسائل إجرائية، في أواخر أغسطس الماضي، ومن المقرر أن تعقد جلسته التالية أمام المحكمة في أواخر يناير. ويعرب هاينز، الذي يتعاون مع محطة “إتش.بي.أو” التلفزيونية الأميركية لتقديم مسلسل وثائقي حول “القاتل الذهبي للولاية”، عن أسفه إزاء شيء واحد، قائلا “من المحزن أن ميشيل لم تتعرف على هويته أبدا، ولم تتح لها الفرصة قط لتستمتع بإنجازاتها”.
مشاركة :