** استطلاع: نجاة الفارس أكد عدد من المثقفين والكتاب أن اهتمام الطالب المدرسي بالأدب العربي تقلص، نتيجة عدة عوامل أهمها عدم كفاءة الكثير من معلمي اللغة العربية في تدريس منهج الأدب العربي، وتوصيل ذائقة الأدب العربي بشكل جيد للطالب، موضحين أن المادة المختارة في المناهج فيما يختص بالأدب العربي ملائمة إلى حد ما بالنسبة للمراحل العليا، لكن المشكلة تكمن في المراحل الابتدائية. وقالوا في استطلاع ل «الخليج»، من الضروري أن يتجاور الأدب الإماراتي مع الأدب العربي والعالمي في المناهج؛ كي يطّلع التلميذ على مختلف النتاجات، فشعر التفعيلة قليل في الكتب التعليمية، و قصيدة النثر غائبة تماماً، مما يعني غياب عدد كبير من شعراء الإمارات عن الحضور، مبينين أن بعض أولياء الأمور لا يهتمون بمستوى أبنائهم في الأدب العربي، المهم المواد العلمية واللغات الأخرى أولاً، متمنين أن تهتم مناهج الأدب العربي التعليمية بالجانب الجمالي. قالت الشاعرة فاطمة محمد العطر، بالنسبة لي كمتابعة للمنهج الدراسي وكخريجة جامعية بتخصص الأدب العربي أعتقد أن منهج الأدب في التعليم المدرسي في الإمارات جيد، لكن حبذا لو يتم التركيز على أولويات مهمة في عملية التدريس، فمن الملاحظ في السنوات الأخيرة تقلص اهتمام الطالب المدرسي بالأدب العربي، وذلك ناتج عن عدة عوامل أهمها الكادر التعليمي، وهذا ما أكده عدد من موجهي اللغة العربية في وزارة التربية والتعليم؛ حيث لاحظوا عدم كفاءة الكثير من معلمي اللغة العربية في تدريس منهج الأدب العربي، وإيصال جمالياته بشكل جيد للطالب، ما نتج عنه عدم اهتمام الطالب بالأدب، فأخذ ينظر إلى القصيدة كأنها نظرية فيزيائية معقدة يصعب فهمها وتحليلها، ومن منظوري الشخصي يفضل أن يتولى تدريس الأدب العربي أساتذة نابغون في المنهج أصحاب مؤهلات علمية عالية كالماجستير والدكتوراة. وجود نقص أو خلل في أحد جوانب المنهج يؤثر سلباً في المنظومة بأكملها، وبالتالي في رغبة الطالب أو نفوره من المادة، فلو وجد المنهج الدسم المشتمل على جوانب الأدب بشكل متكامل ومغذٍّ للطالب، ولو وجدت الكفاءات التدريسية، ووجد اهتمام المعلم بمواهب الطالب الإبداعية واكتشافها ورعايتها وتطويرها، ولو وجدت المكتبات الداعمة للأدب في كل فصل دراسي وليس فقط في كل مدرسة، ولو وجدت تحفيزات مدرسية من إدارة المدرسة بإعداد المسابقات الأدبية وتكريم الفائزين، ولو وجد الدعم من المدرسة للطالب بالمشاركة في أنشطة المجتمع الثقافية والأدبية واصطحاب الطلبة لحضور الأمسيات وغيرها من الفعاليات الأدبية، لو وجدت كل هذه الجوانب لاكتملت المنظومة، الأمر الذي سيرغب الطالب فعلاً بالأدب، ويخرج جيلاً مفكراً واعياً ملهماً بالحس الأدبي في جميع مجالاته. ما درسناه سابقاً يختلف عما يدرس اليوم في منهج الأدب العربي، فبرغم عدم دسامة منهج الأدب العربي في التسعينات من القرن الماضي إلا أنه كان أفضل بكثير من مناهج اليوم التي قلصت جوانب الأدب في المنهج وانتقت نصوصاً لا ترتقي أصلاً بذائقة الطالب، وغفلت عن الاهتمام بالشعراء الإماراتيين، لهذا يُفاجأ الطالب الجامعي الذي يلتحق بهذا المجال في الجامعة بكثافة المنهج، ما يدفعه للإحباط، فيكمل التخصص بسآمة، أو يفضل تغيير التخصص. من جانب آخر فمنهج الأدب لا يرتبط بالحياة، فنحن لا نلاحظ دمج الطالب بأنشطة المجتمع الثقافية، ولا هناك نية لدفع الطالب لحضور الأمسيات الأدبية، ولا الإشادة حتى بمواهب الطالب الأدبية بشكل محفز، وتوفير كل العوامل المساعدة على تنمية مواهبه وصقلها. إن الأدب في مناهج اللغة العربية يستغيث ويفتقد فعلاً إلى نصوص أدبية لكبار الكتاب والشعراء الإماراتيين، مثل حبيب الصايغ ومحمد المر وغيرهم الكثير، نتمنى أن تهتم إدارة المناهج في السنوات المقبلة بهذا الجانب، وتعمل جميع الجهات المعنية بالاهتمام بربط الطالب بشعراء دولته والتعرف إليهم وحفظ بعض نصوصهم. مفارقة الشاعر الدكتور طلال الجنيبي قال: أرى أن المادة المختارة في المناهج فيما يختص بالأدب العربي ملائمة إلى حد ما بالنسبة للمراحل العليا، المشكلة تكمن في مراحل الابتدائية؛ حيث إن الاختيارات فيها ما لا يلائم بالضرورة الشريحة المستهدفة، ربما يكون من المناسب اختيار نصوص أدبية تراعي مستويات الأطفال في أعمارهم المبكرة، وبالنظر إلى بعض النصوص المختارة من حيث مفرداتها ومضامينها نستشعر أن هناك بعض الغرابة وبعض المصطلحات التي تحمل في طياتها الكثير من التعقيد بما لا يلائم هذه الشريحة المستهدفة في هذه الأعمار المبكرة، تبقى النصوص في أغلبيتها نصوصاً جيدة، و أعتقد أن المناهج بتعديلها الجديد، تم الأخذ فيها بعين الاعتبار أسماء الشعراء الكبار من الشعراء الإماراتيين الراحلين منهم والحاضرين، وتبقى المسألة في نهاية المطاف اختياراً، وهناك جهود تقدم لا يمكن إنكارها، الموضوع فقط يحتاج إلى تدقيق أكثر في ما يتعلق بالاختيارت، حينما يتم التعامل مع الفئات العمرية الأصغر، الاختيارات جيدة ولا ينقصها المضامين الهادفة التي نستشعر من خلالها الجهود المبذولة للقائمين على هذه المناهج. بدورها أوضحت الدكتورة هناء صبحي: إذا أردنا أن نغرس في نفوس وعقول أولادنا القيم الأخلاقية ينبغي البدء معهم في المراحل العمرية المبكرة؛ كي تؤثّر فيهم ويكبروا معها، والأدب هو أفضل الوسائل التي ينبغي الاستعانة بها لغرس هذه القيم؛ لأنه قريب إلى النفس البشرية المجبولة على حبّ القصّ إذا ما أحسن اختيار النصوص، وقد حقق الأدب الإماراتي تطوراً كبيراً، ولمعت أسماء عديدة من الأدباء الإماراتيين، وحصلوا على جوائز محلية وعالمية تجعل من نتاجهم نموذجاً جيداً لتلاميذ المدارس وتحفزهم إلى الإبداع. الأدب الإماراتي حاضر في مناهج التعليم المدرسي في الإمارات، ونذكر من الأدباء الإماراتيين أسماء الزرعوني، والدكتورة لطيفة النجار، وعارف الخاجة، وكريم معتوق، ورهف المبارك، وناصر الظاهري، وحمد خليفة بو شهاب، ومانع سعيد العتيبة، ونجيبة محمد الرفاعي، ومحمد المر، وأحمد راشد ثاني، وخليفة حمد بو شهاب، وفاطمة أحمد الكعبي، وسعيد حارب، والدكتورة فاطمة البريكي وآخرين غيرهم، ونتاجهم موزع على مختلف المراحل الدراسية، وهذا أمر مهم جداً لتعريف التلاميذ بالأدباء الإماراتيين، أما فيما يتصل بمضامين هذا الأدب، فهي تعزز تراث الإمارات وإنجازات الآباء ودورهم الريادي في قيام الاتحاد وإنجازاتهم المحلية والدولية، وهذا يعزز الانتماء والهوية الإماراتية لدى الطالب، ويدفعه للاقتداء بهؤلاء الأدباء.ولابد من التركيز على إقامة ورش كتابة لجميع الأعمار في المدارس؛ لتحفيز التلاميذ على الإبداع والمشاركة، والتركيز على اختيار النصوص التي تتناسب مع المرحلة العمرية للتلميذ، والحرص على التنوع في الأجناس الأدبية.القاصة والروائية الدكتورة فاطمة حمد المزروعي قالت: حجم النصوص الإماراتية في مناهج التعليم ازداد كماً ونوعاً، ما بين عام 2014 والعام الحالي زاد عدد النصوص الإماراتية، هناك أسماء كثيرة مثل الدكتور مانع سعيد العتيبة، حبيب الصايغ، أحمد راشد ثاني، محمد المر، كريم معتوق، ابتسام المعلا، رهف المبارك، أسماء الزرعوني، وغيرهم، ربما لا يوجد اهتمام بشعر التفعيلة و قصيدة النثر غائبة تماماً، مما يعني غياب عدد كبير من شعراء الإمارات عن الحضور، بالنسبة لقصص الأطفال، ومعالجة النصوص الأدبية إجمالاً تمتاز بالذكاء، وهذا ما لمسته. غرس الكاتبة إيمان الهاشمي قالت: بأمانة أشعر بالرضا الكبير عن تدريس الأدب العربي في مناهج التعليم المدرسي في الإمارات، ولكنه ليس كما نتمنى تماماً، حيث إن الأهم من تدريس الأدب العربي في المناهج هو غرس حب الأدب العربي في نفوس الطلاب أولاً، وهذه المهمة ليست سهلة أو بالأمر اليسير، فهي تتطلب الكثير خاصة في زمن العولمة وانتشار الثقافات الأخرى على ثقافتنا العربية الأصيلة. لا شك توجد فئة من الطلبة لا تزال متمسكة بلغتها الأم، وحريصة على تعلم منهج الأدب العربي، في المقابل فئة أخرى تسعى لاحتضان لغة غير جذورها الأصلية، ولا ضير من تعلم اللغات، دون المساس بأهمية الجذر الأساسي للعرب أجمع. إن دولة الإمارات حافلة بكوكبة من المثقفين والمتمرسين بالأدب العربي، وهذا أمر لا خلاف عليه، ويبقى العمل على صناعة أجيال قادمة بنفس المستوى، ولا بأس أن قلت أفضل، فنحن دولة تطور واستمرارية في إخراج الأفضل إلى هذا العالم. واقع وبيئة وقالت القاصة والروائية فاطمة سلطان المزروعي، أتمنى أن تهتم مناهج الأدب العربي التعليمية بالجانب الجمالي في النصوص العربية ومناسباتها، والأجواء التي تم تأليفها، فالنص يفصح في أحيان عن البيئة والمعيشة وعن الناس، وينقل للطالب حقبة زمنية كاملة، ويجب أن تعزز النصوص قيمة الحضارة العربية العلمية والأدبية، من خلال تركيزها على أسماء كانت فعلاً ثرية بإنتاجها الإبداعي، كما أن اختيار الأسماء التي يتم تغذية المادة بها على درجة عالية من الأهمية، وهي حاسمة في نجاح وتقبل هذه المادة من قبل الطلبة. تطور تقني المادة الدراسية إذا لم تكن مواكبة لتصورات الطلبة وما يعيشونه من تطور تقني، وتوجهت نحو الحفظ والتلقين ووضع الأسئلة فقط للامتحان فإنها ستكون غير مرغوبة، لكن إذا ركزت على جوانب التذوق وتنمية الحس الإبداعي لدى الطالب، ودراسة النصوص من أجل معرفة مصدر القوة والخلل، حينها سيتعلم الطلبة بحب، ويقبلون على الأدب العربي بدافعية أكبر، وهو ما نكاد نفتقده اليوم للأسف. الطلبة يقبلون على الأسماء المعاصرة التي تعيش واقعهم، ويوجد بيننا الكثير من الأسماء المبدعة التي تستحق النظر لمنجزها الأدبي ودراسته دراسة جمالية، كما أن طالب اليوم يحتاج إلى تقديم المادة التعليمية في قوالب متطورة تتوافق مع ذهنيته وطريقة تفكيره، يجب أن تعطيه المادة قيماً وفوائد حياتية ملموسة.
مشاركة :