في حزيران (يونيو) المقبل، ربما يقرر صندوق النقد الدولي إدراج الرنمينبي الصيني ضمن حقوق السحب الخاصة لديه. على الرغم من أن هذه الخطوة تعتبر رمزية إلى حد كبير، إلا أن رمزيتها تلك تعتبر ضخمة. إنها اعتراف آخر بمكانة الصين المتنامية في الاقتصاد العالمي والأسواق المالية. بل هي أيضا علامة تؤكد مدى السرعة التي تتحرك بها الصين لتفكيك ضوابط رأس المال، وذلك تمشيا مع سياسات الإصلاح التي يطبقها بنك الشعب الصيني. وهذا بدوره له آثار في المستثمرين. وسيعني أنه يمكن للصين أن تتولى قريبا وزنا أكبر في الأسواق المالية العالمية الحاسمة. على سبيل المثال، اليوم، تعتبر الصين مجرد 2.5 في المائة من مؤشر مورجان ستانلي المركب لجميع دول العالم، وذلك استنادا إلى الشركات الصينية المدرجة في هونج كونج. عندما تقرر القوى المهيمنة أن العملة قابلة للتحويل بما فيه الكفاية فإنه يمكن إدراج أسهم شركات البر الصيني في المؤشر، ما يعني أن حصتها في المؤشر قد ترتفع إلى أكثر من 10 في المائة، وفقا لمايكل سمبالست من بنك جيه بي مورجان لإدارة الأصول. اليوم، الرنمينبي أوضح ما يكون باعتباره العملة التي يتم بها تقويم جزء متزايد من التجارة الصينية. الشركات الصينية في كثير من الأحيان تقدم أسعارا جذابة وتمويلا لنظرائها التي تريد أن تتداول بالرنمينبي، وبالتالي القضاء على مخاطر الصرف الأجنبي الذي يتعاملون به. الأهم من ذلك، هو أن الرنمينبي ينمو أيضا في مكانة رفيعة باعتباره عملة للاستثمار. وكما يضيف سمبالست، تستثمر البنوك المركزية وصناديق الثروة السيادية بين 300 مليار رنمينبي و400 مليار رنمينبي في الأصول المقومة بالرنمينبي. وفي حين إن معظم تلك الأصول موجودة في آسيا، قال البنك المركزي الأوروبي أيضا "إنه يدرس الاستثمار فيها". علاوة على ذلك، يقول المسؤولون في البنك المركزي الياباني إنهم يفكرون في اتفاقات يمكن لبنك اليابان والبنك المركزي الصيني بموجبها توسيع الاستثمار في أسواق السندات الحكومية لبعضهما البعض (على افتراض أن الذكرى السنوية القادمة لانتهاء الحرب العالمية الثانية، لن تؤدي إلى اندلاع موجة جديدة من العمليات العدائية بين البلدين). ويدرس البنكان المركزيان أيضا استئناف خطوط المقايضة. ويوجد لدى الصين بالفعل نحو عشرة تريليونات رنمينبي لهذه الترتيبات مع 30 بنكا مركزيا في العالم. وفي الوقت نفسه، تصمم مجموعات إدارة الأصول وشركات الأوراق المالية الصينية الشابة منتجات بالعملة المحلية سواء في الداخل أو في الخارج أكثر من أي وقت مضى، حيث يوجد تريليوني رنمينبي من الودائع، معظمها في هونج كونج. لا يتوجب على الصين إزالة كافة القيود حول عملتها، ولا سيما القواعد المتعلقة بتدفقات استثمار المحافظ، لتأهيلها للإدراج في سلة صندوق النقد الدولي. حتى اليوم، هناك أربعة بنود فقط من أصل 40، أي أقل من 15 في المائة من حساب رأس المال، تعاني القيود، وفقا لتشو هونج بين، كبير المختصين الاقتصاديين في الشأن الصيني في HSBC في هونج كونج. بعد كل شيء، حتى سنغافورة وهونج كونج لا تزالان تحتفظان ببعض القيود على عملتيهما. استعداد الحكومة الصينية لإزالة القيود المفروضة على الرنمينبي يأتي في مواجهة لمخاوف واسعة النطاق، خاصة خارج الصين، جراء تباطؤ النمو الاقتصادي في البر الرئيسي وأزمة ديون محتملة، ونظرا لحقيقة أن الديون في الصين ارتفعت بنسبة 70 في المائة منذ الأزمة المالية العالمية في عام 2008. مزيج من التدفقات من الخارج من مختلف التكتلات وتناقص العائد من الاستثمار المحلي يوحي بأنه، في الوقت الذي ترفع فيه الصين الضوابط، على الأقل خلال فترة قصيرة من الزمن، سيفقد الرنمينبي جزءا من قيمته. بعد كل شيء، في الأرباع الثلاثة الماضية، كان هناك نحو 333 مليار دولار من التدفقات الخارجة من الأموال الساخنة من الصين، (الكثير منها من شركات التحوط أو لتسديد ديونها بالدولار). وعلاوة على ذلك، انخفضت الاحتياطيات التي أنهت العام بالتراجع من مبلغ 3.8 تريليون دولار، إلى 3.73 تريليون دولار في نهاية الربع الأول. حتى الآن، كان الرنمينبي أحد العملات القليلة التي تحتفظ بقيمتها مقابل الدولار في عالم تتزايد فيه التخفيضات التنافسية في قيمة العملات. وقد بدأت الصين أخيرا بتخفيف السياسة النقدية، لكنها تحاول أن تفعل ذلك بطريقة مدروسة أكثر من اليابان أو أوروبا. التخفيض التنافسي غير المتكرر في قيمة العملة لدعم الصادرات يعتبر أقل جاذبية بالنسبة للصينيين من الارتفاع التدريجي الذي يجعل من عملتها جذابة كمخزن للقيمة. الشرعية المتزايدة للرنمينبي تأتي أيضا في الوقت الذي كان يبحث فيه بقية العالم عن بديل ذي مصداقية للدولار كعملة احتياطية حقيقية وحيدة. كليف تان، اقتصادي لدى شركة MUFG، يتندر بأن اختصار مصطلح حقوق السحب الخاصة بالإنجليزية (الحروف الأولى من المصطلح) ينبغي أن يدل على "يوما ما الرنمينبي". هذا "اليوم الما" يقترب بسرعة.
مشاركة :