كيف يمكن لشركات المنطقة مواجهة تحديات قطاع الطاقة؟

  • 10/25/2019
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

يشهد قطاع الطاقة حول العالم تحولات متعددة الأوجه والمستويات ومنطقة الشرق الأوسط ليست استثناءً، وربما لا يعتبر ذلك بالأمر الجديد بالنظر إلى أن هذا القطاع دائماً ما كان عرضة للاضطرابات والتقلبات التي زادت حدتها خلال السنوات العشر الماضية، مما فرض تحديات كبيرة على الشركات العاملة فيه للحفاظ على مزاياها التنافسية في السوق. وقد ساهمت التكنولوجيا الرقمية في توفير إمكانات كبيرة لإحداث تحولات جذرية في السوق، وصناعة فرص نمو جديدة للشركات التي تتمكن من مواكبة المتطلبات الرقمية، إلا أن العديد من الشركات العاملة في القطاع تواجه في الواقع مجموعة من التحديات في رحلتها نحو التحول الرقمي والحصول على قيمة حقيقية من التقنيات والحلول الرقمية الحديثة. وبحسب الأبحاث التي أجرتها شركة «بوسطن كونسلتيج جروب»، فإن 70% من التحديات التي تواجهها الشركات العاملة في مجال الطاقة تتعلق بتحول الأعمال، في حين أن 20% من التحديات تتمحور حول المسائل المتعلقة بتكنولوجيا المعلومات والبيانات، بينما تتعلق 10% فقط من التحديات بالصعوبات المتعلقة بالخوارزميات والعقبات التقنية الأخرى، وحتى عند تلبية جميع هذه الاعتبارات، تواجه الشركات في كثير من الأحيان تحديات مع دمج التقنيات الرقمية في أنظمتها وعملياتها اليومية. لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو «كيف يمكن للشركات العاملة في قطاع الطاقة التعامل بفعالية مع التحولات والتحديات التي تعترض طريقها نحو التحول الرقمي؟» في الواقع ينبغي على الشركات العاملة في القطاع اتخاذ مجموعة من التدابير والإجراءات التي يمكن أن تضمن لها الحفاظ على تنافسيتها في السوق. وتعتبر الرقمنة عامل تمكين غاية في الأهمية بالنسبة لشركات النفط والغاز لا سيما فيما يتعلق بإدارة الطاقة والمرافق وضمان استدامة الأعمال الأساسية بشكل فعال إلى جانب تطوير قدرات جديدة. وعلى هذا النحو، تحتاج شركات الطاقة إلى السعي وراء تطبيق تقنيات رقمية محددة ذات فوائد ملموسة خاصة وأن أحد الأخطاء التقليدية التي ارتكبتها الشركات في هذا القطاع هو اعتماد التكنولوجيا الرقمية دون طموح محدد بشكل واضح. ولبناء استراتيجية رقمية أكثر فاعلية، يجب على الشركات التركيز على حالات الاستخدام المختارة واختيار التقنيات بناءً على حالات الاستخدام هذه والنظر في كيفية تطبيقها وتطويرها لتحقيق القيمة المرجوة داخل الشركة. بالإضافة إلى ذلك، ينبغي أيضاً تكييف أطر واستراتيجيات الحوكمة مع حجم التحدي الذي يصاحب عملية تحول الأعمال. وتشكل مسألة التغير المناخي، وتأثيرها على القطاعات الاقتصادية بما في ذلك قطاع الطاقة، هي الأخرى واحدة من التحديات التي يواجهها القطاع. ففي الوقت الذي بدأت فيه العديد من الدول حول العالم الاستثمار في حماية المناخ بما في ذلك العديد من دول المنطقة التي بدأت بالفعل بوضع استراتيجيات والاستثمار بشكل أكبر للاعتماد عل مصادر الطاقة النظيفة، لا تزال هناك تحديات في إزالة الكربون وتحقيق الأهداف التي حددها اتفاق باريس ألا وهي الحد من ارتفاع درجة الحرارة العالمية بحيث لا تتعدى درجتين مئويتين مقارنة بمستويات ما قبل الثورة الصناعية، ومحاولة الحد منها بدرجة أكبر إلى 1.5 درجة مئوية، مما يعني بالنسبة لمعظم البلدان النامية، إزالة الكربون بالكامل من جميع القطاعات ذات الصلة بحلول عام 2050. وبالنظر إلى مدى طموح هذا الهدف، فقد يبدو من غير المحتمل أن يتحرك العالم في هذا الاتجاه، كما تعتبر فكرة الانتقال إلى مصادر الطاقة فكرة جيدة من الناحية العملية. ومن المهم أن نلاحظ أن هناك ثلاث خطوات مهمة لدمج اعتبارات تغير المناخ في استراتيجية أعمال الشركة: جعل المناخ جزءاً من أجندة الشركة ومسؤوليات الرئيس التنفيذي وفريق الإدارة العليا، والاستعداد لتحديد استراتيجيات تغير المناخ والإفصاح عن الإنجازات التي تحققت على هذا الصعيد، والبدء بالتفكير بشكل جدي في عالم يبلغ فيه الاحتباس الحراري درجتين مئويتين وكيف ستكون العمليات في هذا السيناريو. وفي ضوء الاضطرابات الناجمة عن الرقمنة وتغير المناخ، تبرز أهمية دمج إدارة المخاطر في عمليات واستراتيجيات الشركات. وبات من الضروري بالنسبة لشركات الطاقة دمج استراتيجيات إدارة المخاطر ضمن عمليات إعادة التقييم المستمرة للسياسات والقرارات التي يتم اتخاذها على مستوى المنظومة المؤسسية، وينبغي النظر إلى هذه المسألة على أنها مصدر محتمل لزيادة الربحية، فضلاً عن كونها وسيلة لخلق المزيد من الفرص كونها تساعد على توقع السيناريوهات المحتملة واتخاذ القرارات المناسبة. وفيما يتعلق بالتنظيم والعمليات، يجب أن تكون إدارة المخاطر واحدة من الوظائف الحيوية للشركة لكي تنسجم مع جميع الوظائف. والشيء الأكيد هو أن تحليلات البيانات يمكنها المساهمة في إنشاء شبكات داخل المؤسسة لإعطاء صناع القرار في أقسام مختلفة من الشركة مخرجات المخاطرة التي يحتاجون إليها لاتخاذ قراراتهم على صعيد وضع السيناريوهات الأكثر ترجيحاً أو الأقل احتمالاً أو العمل بشكل اعتيادي. وتركز هذه العملية على بعض التحديات الأساسية ونقاط القرار التي تجلبها المخاطرة، ومن ثم بناء خطة واستراتيجية تنظيمية للاستفادة من هذه النقاط وتخفيف المخاطر عبر جميع الاحتمالات بدلاً من التركيز على سيناريو واحد في المستقبل. وفي نهاية المطاف، سيتعين على الشركات أن تتكيف مع التحولات من حولها، سواء كان ذلك يعني التحول الرقمي، أو الانتقال إلى المسائل المتعلقة بالمناخ، أو ببساطة إيجاد طريقة أفضل لتحديد ودمج استراتيجيات إدارة المخاطر داخل الشركة. وبكل تأكيد ستتمكن الشركات التي يمكنها مواكبة التغيرات والمحافظة على التنافسية في السوق من تحقيق النجاحات المنشودة. ـــ مدير وشريك مفوّض في «بوسطن كونسلتينج جروب» الشرق الأوسططباعةEmailفيسبوكتويترلينكدينPin InterestWhats App

مشاركة :