المناطق الآمنة ـ هل تضمن فعلا الحماية والأمان للمدنيين؟

  • 10/25/2019
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

كثر الحديث مؤخرا عن اقامة منطقة آمنة في سوريا، ودخل مقترح وزيرة الدفاع الألمانية على الخط باقامة منطقة حماية أمنية دولية، لكن هل تحقق هذه المناطق فعلا الحماية للمدنيين؟ نستعرض تجارب سابقة لمعرفة الإجابة عن هذا السؤال. منطقة آمنة في شمال سوريا تحت مراقبة دولية. هذا الاقتراح تقدمت به وزيرة الدفاع الألمانية في مقابلة مع DW. ومنذ ذلك الحين تناقش ألمانيا هذه المبادرة السياسية المفاجئة. وفي الوقت الذي ماتزال تبحث فيه ألمانيا عن دور لها، يعمل الفاعلون على إيجاد حقائق في النزاع في سوريا. وفي سوتشي الواقعة على البحر الأسود اتفق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس التركي طيب رجب أردوغان على تمديد وقف إطلاق النار والقيام بدوريات مشتركة على طول منطقة عريضة بثلاثين كيلومترا في سوريا. ومنذ تفجر النزاع تطالب جهات مختلفة، لاسيما تركيا بإقامة منطقة آمنة للاجئين السوريين على طول الحدود التركية السورية. ومشروع المنطقة الآمنة أو العازلة ليس مشروعا جديدا، بل تم استخدامه في السابق. ونظرة إلى الماضي تكشف أن هذه المهام لم تتكلل دوما بالنجاح. المنطقة العازلة بين إسرائيل والعرب ومن تجارب أهوال الحرب العالمية الثانية طورت الأمم المتحدة أفكارا ومبادرات أولية لحماية السكان في مناطق الحروب والنزاعات. ففي عام 1948 أوفد مجلس الأمن الدولي للمرة الأولى مراقبين عسكريين لمراقبة وقف إطلاق النار المبرم في النزاع العسكري الأول بين اسرائيل والفلسطينيين إضافة إلى دول عربية مجاورة وإقامة منطقة عازلة لاحقا. وفي هذه المهمة ومهام أممية أخرى كان وقف إطلاق النار شرطا أوليا. الأمم المتحدة تطلق مبادرة أولى لإقامة منطقة آمنة منطقة حظر الطيران في شمال العراق على أبعد تقدير في تسعينات القرن الماضي تجسد مشروع مناطق الحماية الدولية عبر الأمم المتحدة. فعلى هذا النحو أقامت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا في 1991 في شمال العراق منطقة حظر طيران فرضتها عسكريا وبمراقبة جوية منتظمة. مقاتلة أمريكية لمراقبة أجواء شمال العراق وبعد نهاية حرب الخليج الثانية وانسحاب العراق من الكويت كان الغرض من منطقة حظر الطيران هو حماية السكان الأكراد والشيعة في البلاد من اعتداءات النظام العراقي تحت حكم صدام حسين. وهذا حصل في البداية دون تفويض من الأمم المتحدة وتم تنسيقه لاحقا مع الأمم المتحدة. وفي 1992 وسعت تلك الدول حظر الطيران على جنوب العراق لتفادي قمع الأقلية الشيعية المقيمة في هذه المنطقة. ويقول حقوقيون بأن منطقة الحماية لا ترتكز إلى أساس قانوني، لكنها مقبولة سياسيا وأخلاقيا. مذبحة سربرنيتشا لإقامة مناطق آمنة خلال الحرب الأهلية في كرواتيا والبوسنة والهرسك في 1993 أصدر تفويض واضح من مجلس الأمن الدولي. وفرض هذه المناطق الآمنة تولته قوة حماية الأمم المتحدة التي كان من واجبها حماية المسلمين من اعتداءات الصرب وتمكين توزيع المواد الغذائية ودعم العملية السياسية. مقبرة ضحايا سريبرنيتسا البوسنية ورغم أن هذه المناطق الآمنة أنقدت حياة بشر، إلا أن الأهداف المتوخاة منها لم تتحقق. على أبعد تقدير عندما وقعت إحدى أكبر المذابح منذ نهاية الحرب العالمية الثانية حين استولت في يوليو 1995 وحدات شبه عسكرية صربية على مدينة سريبرنيتسا البوسنية بقيادة الزعيم العسكري راتكو ملاديتش. وأكدت المحكمة الجنائية الدولية الخاصة بيوغوسلافيا السابقة أن تلك الوحدات قتلت أكثر من 7000 رجل وشاب مسلم بين 13 و 73 عاما. القتل الجماعي في رواندا ومنذ تلك اللحظة تٌعتبر سريبرنيتسا رمزا لأكبر فشل للمجتمع الدولي في حماية حياة البشر في ظروف الحرب. "قتل جماعي تحت أعين الأمم المتحدة"، كما يقول رجل القانون كريستيان توموشات. فالتفويض الخاص بقوة الحماية التابعة للأمم المتحدة كان في البداية محدودا. فالقبعات الزرقاء "وجب عليها بالفعل مراقبة اتفاق سلام وتأمينه، ولكن ليس التحرك ضد من يخططون وينفذون هجمات". وكارثة أكبر مرتبطة بمنطقة الحماية الإنسانية المقامة في 1994 في رواندا. فلوضع حد لمذبحة الهوتو ضد التوتسي ووقف الهجرة الجماعية إلى زائير، أقام تحالف عسكري فرنسي سينغالي منطقة آمنة في جنوب غرب رواندا وفقا لقرار من مجلس الأمن الدولي. تفويض قوي من الأمم المتحدة لضبط الأمن ورغم المعلومات حول قوائم الموت التي أصدرها الحزب الحكومي للهوتو حول أعضاء أقلية التوتسي والتي كانت متوفرة لدى الأمم المتحدة، حصل كابوس. فمن الـ 6 من أبريل حتى منتصف يوليو 1994 تم قتل أكثر من 800 الف شخص. ففي غضون مائة يوم تقريبا قتل الهوتو نحو 75 في المائة من الأقلية التوتسية إضافة إلى معارضين. والقبعات الزرقاء المنتشرة في رواندا تم سحبها خلال ارتكاب تلك المجازر. وهذه وصمة عار في تاريخ الأمم المتحدة. وبالرغم من هذا كله فإن الكثير من الخبراء في السياسة الدولية والقانون يثقون في وسيلة منطقة الحماية الدولية. والشرط الأولي لذلك هو إصدار تفويض يمكن من حماية السكان المدنيين واللاجئين. " مجلس الأمن مسؤول عن السلام العالمي وتأمين الأمن الدولي وكذلك حماية حقوق الإنسان". وفي الأخير يجب الإشارة إلى أن الواقع السياسي القائم حاليا يحول دزن إصدار تفويض أممي خاص بسوريا لعدم وجود إجماع دولي. فروسيا تستخدم حق الفيتو في مجلس الأمن، كما أن المواقف متباينة داخل أوروبا المنهكة بالبريكسيت. رالف بوزن/ م.أ.م

مشاركة :