في ظل أجواء مشحونة بالقلق والتوتر في العراق، جاء الإعلان الأميركي عن مقتل زعيم تنظيم «داعش» أبو بكر البغدادي في منطقة إدلب بسوريا ليثير مخاوف من عمليات انتقامية قد يقوم بها مناصرو التنظيم في العراق وحول العالم. ورجّح خبراء انتقال قيادة {داعش} إلى قيادي في التنظيم يُعرف باسم {البروفسور قرداش}. وطبقاً للخبير الاستراتيجي بشؤون الجماعات المسلحة الدكتور هشام الهاشمي فإن «المخابرات العراقية كان لها دور في قتل زعيم (داعش) الإرهابي أبو بكر البغدادي». وقال الهاشمي، في تصريح له أمس، إنه «في أغلب الأحوال فإن قتل البغدادي يؤسس إلى فترة سكون وكسل في العمليات الإرهابية»، مستشهداً بما حدث بعد مقتل أبو عمر البغدادي، إذ احتاجت «القاعدة» إلى 4 أشهر حتى تنشط بعملياتها من جديد. وأضاف أن «هذا الخمول والكسل قد يمتد حتى ينتهي الخلاف على من يخلف البغدادي، وأظن أن الخلافة (المزعومة) خرجت من العراق، فهي بين تونسي أو جزائري». وأكد أن «المخابرات العراقية ساهمت بتقديم معلومات مهمة جداً عن مكان البغدادي في سوريا، عبر خلية خاصة (أميركية – بريطانية – عراقية)»، مبيناً أن «العراقيين ساعدوا في كشف معلومة محاولة البغدادي نقل عائلته تجاه تركيا». إلى ذلك، أكد أستاذ الأمن الوطني في جامعة النهرين الدكتور حسين علاوي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «مقتل أبو بكر البغدادي جاء في توقيت مناسب جداً، حيث إنه جاء بمثابة إعلان نهاية الصراع السياسي في سوريا، وبداية صفحة جديدة للتنظيمات الإرهابية في المنطقة». ولكن على مستوى الوضع الداخلي، رأى علاوي أن «مقتل البغدادي لن يكون له تأثير كبير في الشأن العراقي، كون التنظيم سينشغل كثيراً بتشكيل القيادة الجديدة الدولية للتنظيم الإرهابي، في حين أن مسؤولياته في العراق سوف تبقى باتجاه استخدام أدوات الحرب الهجينة». وبيّن علاوي أنه «على مستوى العالم، فإن المتوقع أن العمليات الإرهابية سوف تنشط عبر الذئاب المنفردة والأرامل السوداء والمراهقين»، موضحاً أنه «من المؤكد أن البغدادي هو من الجيل الذي أدى إلى تطوير استراتيجية الجهاد العالمي، وفقاً لأدبيات التنظيمات الإرهابية في بناء تجربة إدارة الحكم عبر أرض التمكين في الموصل والرقة وغيرها من الولايات». وفي تقدير الدكتور معتز محيي الدين، رئيس المركز الجمهوري للدراسات الاستراتيجية، فإن «مقتل البغدادي كان متوقعاً بعد ملاحقة مكثفة من قبل الاستخبارات العراقية، ونظيرتها الأميركية، فضلاً عن عيون كانت تراقب تحركاته، بعد أن أثبتت التقارير الأخيرة أنه ذهب إلى إحدى القرى السورية، وهو ما بيّنه الفيديو الذي ظهر فيه البغدادي». وقال محيي الدين لـ«الشرق الأوسط» إن «(داعش) سوف يستمر، ولن يتأثر كثيراً بمقتل البغدادي، لأن هناك رؤية له قبل مقتله في أن يكون الخليفة له في إدارة التنظيم، عبد الله قرداش، الذي انتخبه قبل فترة، بعد أن شعر أنه مريض ومشلول، ولا يستطيع قيادة التنظيم»، مبيناً أن «قرداش تركماني عراقي، ومن المتوقع أن يلعب دوراً كبيراً في عمليات التنظيم المقبلة، وهو ما سوف تثبته الأيام المقبلة». كما أوضح أن «تنظيم (داعش) سوف يقوم بعمليات نوعية لكي يثبت أنه موجود عبر خلايا نائمة انتقاماً لمقتل البغدادي». وبيّن أن «مهمة قرداش، الذي يطلق عليه البروفسور، ستتضمن إعادة التنظيم والتخطيط، وبالتالي فإننا أمام مرحلة جديدة في طريقة التعامل مع تنظيم (داعش)». بدوره، أكد الخبير الأمني العراقي المتخصص بشؤون الإرهاب، فاضل أبو رغيف، لـ«الشرق الأوسط»، أن «هناك خطين تابعا البغدادي على مدى 6 أشهر، هما خلية الصقور الاستخبارية التابعة لوزارة الداخلية، والخط الآخر هو جهاز المخابرات، حيث اهتديا بعد رصد ومعلومات دقيقة إلى أماكن وجود البغدادي». وأشار إلى أن «شعور البغدادي بالقلق حيال هذه المتابعة، جعله يُغير أماكن وجوده باستمرار، الأمر الذي أدى به فيما بعد إلى مغادرة الأراضي العراقية إلى سوريا». وأوضح أبو رغيف: «في داخل الأراضي السورية تمت أيضاً متابعته، بالإضافة إلى وجود قرائن أكدت وجوده في إدلب السورية، منها مقتل ابنه حذيفة في مكان قريب من إدلب، وكذلك مقتل اثنين من مرافقيه في المنطقة نفسها من قبل جبهة (النصرة)».
مشاركة :