وجهات نظر مخضرمة حول البطالة والسعودة «1»

  • 5/10/2015
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

عند الحديث عن البطالة، فوجهات النظر تتعدد، ورغبة في الاستزادة فقد عرضت مقالي (المطلوب حزم يعصف بالبطالة) -الذي نُشر هنا يوم الخميس الماضي- على نحو مئة من أصدقاء وزملاء الدرب، من أصحاب الخبرة الممتدة، التي تتجاوز الثلاثين عاماً بعد التخرج من الجامعة، لنتابع سوياً مرئياتهم حول البطالة والسعودة.. أولا: موضوع البطالة من المواضيع التي تحتاج وقفات وحلولا جذرية: (1) من أسباب البطالة في بلدنا عدم وجود الوعي لدى مالكي الأعمال ومديريهم، فلو وجد الوعي للمدى الطويل لشجعوا الشباب على العمل لديهم وحفزوهم لبناء قوة عاملة تساهم في نجاح مشاريعهم الجديدة، وتيسير الدخول في صناعات وخدمات، نُحرم منها اليوم؛ بسبب عدم توفر العمالة التي يمكن تدريبها بسهولة للقيام بتلك الصناعات والخدمات. (2) أقر بأن مخرجات التعليم ضعيفة، غير أنها بحاجة لتغيير جذري يبدأ من رياض الأطفال ويدخل المدارس والبيوت، والتغيير المطلوب هو للتركيز على خلق إمكانات ومهارات لدى الشباب مثل: الابداع والالتزام واحترام الوقت. (3) لا يكون التخلص من العمالة الوافدة فقط برفع تكلفتها أو اشتراط نسبة السعودة، وإن كان ذلك جزءا من الحل، بل المطلوب كذلك أن يتم استقدام العمالة الماهرة للرفع من مستوى الكفاءة ويستفاد منها في التدريب للمواطنين، كما ينبغي أن يكون الاستقدام لمدة محددة يتم سعودة الوظيفة، بتعبير آخر: يتم تغيير مبدأي استيراد العمالة والسعودة على مستوى الوظيفة الواحدة ودمجهما معاً وعدم اشتراط نسبة إلا عند البداية. ثانياً: من وجهة نظر صاحب العمل، فهناك ثلاثة أسباب تعيق خلق وتوطين جزء (وليس كل) الوظائف: (1) جميع القرارات التي ولدت لتشجيع وفرض السعودة بالقوة لم تطبق على جميع أصحاب العمل سواسية، فالاستثناءات متعددة والأعذار كثيرة، مما أدى إلى عدم الانصاف في ترسية العقود بسبب تفاوت التكلفة من مقاول (أو مورّد) لآخر. (2) نظام المشتريات الحكومية ينص على ترسية المشروع أو العقد على الأقل سعراً، بغض النظر عن نسبة السعوديين. (3)بالرغم من زيادة رواتب المواطنين في القطاع الخاص بنحو أربع أضعاف خلال الخمس عشرة سنة الماضية (2001-2014)، إلا أن إقبال المواطن على وظائف القطاع الخاص لا يزال ضعيفاً حتى مع توفير التأمين الصحي له ولعائلته ومنح عطلة نهاية أسبوع لمدة يومين، والمميزات الأخرى التي أقرتها وزارة العمل خلال الخمس عشرة سنة الماضية. أما لماذا (ليس بعض وليس كل) الوظائف قابلة للسعودة؟ فالسبب أن هناك وظائف لا يُقبل عليها المواطن لتدني راتبها أو لطبيعتها. ثالثاً: البطالة السائدة لدينا هي بطالة مقنعة وليست حقيقية، والدليل توفر فرص وظيفية أينما تذهب، لكن المشكلة تكمن في مصداقية أرباب الأعمال، في توفير الاشتراطات وتحفيز الموظف وتطويره ومنحه فرصة من خلال القيام بعملٍ له معنى يكسبه خبرة ويؤهله للتطور والترقي. رابعاً: لعل أحد معوقات توظيف السعودي هي عدم القدرة عملياً على تسريحه إن لم يكُ منتجاً أو جاداً منتظماً ومنضبطاً. وأكاد أجزم أنه لو تم تعديل النظام ليصبح لدى صاحب العمل سلطة أوسع لتسريح عماله، فسنشهد إقبالاً أكبر على توظيف السعوديين، ومن المهم إدراك أن صاحب العمل لن يستغني أبداً عن موظفيه المنتجين الأكفاء إلا مضطراً. فحالياً، قد يأخذ من مؤسسة في القطاع الخاص إلى عامين من التداعي لإنهاء خدمات موظف! خامساً: اهتمامنا بالسعودة بدأ بهرمٍ مقلوب؛ فلو تخيلنا أن الوظائف عبارة عن هرم وقاعدته، فسنجد أننا قد خلطنا القطاعات، فما يفترض أن يكون قاعدة للهرم وفي أسفله أُعطي الأولوية، في حين أنه يحتاج إلى وقت لإحداث تغيير في بعض المفاهيم التعليمية والسلوكية، فعلى سبيل المثال لو ذهب أحدنا إلى فندق في أوربا مثلاً ستجد أن الأعمال البسيطة مثل أعمال النظافة تستقدم عمالتها، وفي الدرجة الأعلى مثل أعمال الصيانة ستجد العمالة خليطا، وفي الدرجة الأعلى ستجد نسبة الموظفين من مواطني البلد أعلى. القصد أنه يجب ملء الشواغر بحيث تذهب للمواطنين أفضل الأعمال قيمة وعائداً، لا سيما أن لدينا أعدادا كبيرة نسبياً من المتعلمين وحملة الثانوية والدبلومات والشهادات الجامعية. تبدأ من منتصف الهرم، وبما أن اقتصادنا يرتكز على الاستهلاك، فإن قاعدة الهرم أعرض وأكثر تنوعاً من الطبقات الأعلى، ولذا فإن الحزم لا بد أن يكون من خلال نظرة شمولية للكل، وليس لأجزاء هنا وهناك.

مشاركة :