نفت حكومة الكويت وجود نيّة لديها للاستقالة، وذلك على خلفية استجوابين نيابيين لاثنين من أعضائها سيطرحان للنقاش أمام مجلس الأمّة (البرلمان) الذي يفتتح الثلاثاء دور انعقاده الجديد. وجاء النفي الحكومي أياما بعد نفي نيابي مماثل لإمكانية حلّ البرلمان، ليتأكّد بذلك التوجّه الكويتي الواضح نحو الحفاظ على استقرار السلطتين التشريعية والتنفيذية، والابتعاد بهما عن متوالية الحلّ وإعادة التشكيل التي مثّلت عاملا شبه منتظم في الحياة السياسية بالكويت منذ 2006. والحكومة الحالية الصامدة منذ 2017 هي السابعة التي يشكلها الشيخ جابر المبارك الحمد الصباح منذ سنة 2011 حين تولى رئاسة مجلس الوزراء خلفا للشيخ ناصر المحمّد. أما البرلمان الحالي فهو بدوره نتاج انتخابات مبكّرة جرت في نوفمبر 2016 بعد إبطال البرلمان الذي سبقه إثر خلافات حادّة مع الحكومة، وكانت تلك المرّة الثامنة التي يجري فيها حلّ البرلمان في الكويت. وهو يتجّه اليوم لتحقيق إنجاز في مجال الصمود إذ لم يبق على موعد الانتخابات القادمة سوى قرابة السنة. ويقول مطّلعون على الشأن الكويتي إنّ الحفاظ على استمرارية الحكومة والبرلمان هو قرار سياسي من أعلى مستوى في الدولة، ومن أمير البلاد ذاته، الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح الذي سبق له أن حذّر في أكثر من مناسبة من مخاطر عدم استقرار السلطتين خصوصا في الظروف الإقليمية والداخلية الحالية وما تطرحه من تحدّيات أمنية واقتصادية. ونفى الناطق الرسمي للحكومة الكويتية طارق المزرم، الاثنين، ما يتداول بشأن استقالة الحكومة، قائلا “هي مستمرة بأعمالها”. ونقل مركز التواصل الحكومي في حسابه على تويتر عن المزرم قوله “لا صحة لما يتداول عن استقالة الحكومة”. ويفتتح أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد، الثلاثاء، دور انعقاد مجلس الأمة العادي الرابع من الفصل التشريعي الخامس عشر بالنظر في الاستجوابين الموجهين إلى وزير المالية نايف الحجرف ووزيرة الأشغال العامة وزيرة الدولة لشؤون الإسكان جنان بوشهري. وتقدّم النائب محمد هايف بطلب استجواب وزير المالية، فيما تقدّم النائب عمر الطبطبائي بطلب استجواب وزيرة الأشغال. ويتعلق الاستجواب الأول بمخالفة سياسة وقرارات وأعمال وزير المالية لأحكام الدستور المتعلقة بالشريعة الإسلامية، ومخالفة أحكام القانون المتعلقة بتنفيذ الأحكام القضائية وحظر التعسف في استعمال السلطة. ويتعلق الاستجواب الثاني بالتراخي في تطبيق القانون على الجهات المتعاقدة مع المؤسسة العامة للرعاية السكنية مما كبد الدولة خسائر فادحة، وإهدار المال العام وعرقلة خطط الدولة في التنمية المستدامة. وخلال الدورة البرلمانية السابقة، وتحديدا في شهر أبريل الماضي، تقدّم النائب عبدالكريم الكندري بطلب لاستجواب رئيس الحكومة الشيخ جابر المبارك، لكنّ لجنة الشؤون التشريعية والقانونية بمجلس الأمة توصّلت في اجتماعها الاثنين، إلى عدم دستورية الاستجواب. الحفاظ على استمرارية السلطتين قرار سياسي من أعلى مستوى في الدولة أملته الظروف الإقليمية والداخلية وقال رئيس اللجنة النائب خالد الشطي في تصريح بالمركز الإعلامي للمجلس إن اللجنة انتهت بإجماع الأعضاء الحضور إلى عدم دستورية الاستجواب، موضّحا أنها ستتقدم بمذكرة كاملة وشاملة فيها البحث القانوني والتأصيل القانوني والدستوري لما توصلت إليه. وأكد الشطي أنّ “كل محاور الاستجواب خرجت عن الاختصاص لرئيس مجلس الوزراء ومن ثم جاءت على النحو المخالف لأحكام الدستور”. وتتعلّق المحاور المذكورة “بغياب السياسة العامة للحكومة وكذلك التناقض في تلك السياسة حول ترشيد الإنفاق، فضلا عن إخفاق رئيس الوزراء في الدفاع عن الهوية الوطنية”. وكان رئيس مجلس الأمّة مرزوق الغانم قد نفى في التاسع عشر من أكتوبر الجاري وجود أي توجّه لحل المجلس بسبب رغبة النائبين في البرلمان باستجواب وزيرين في حكومة الشيخ جابر المبارك. وكثيرا ما كانت الاستجوابات النيابية التي لا تُستخدم فقط كأداة رقابية على عمل الحكومة، بل وسيلة لتصفية حسابات شخصية وحزبية وحتى عشائرية، مصدر توّتر في علاقة السلطتين التشريعية والتنفيذية في الكويت وسببا في حلّهما وإعادة تشكيلهما.
مشاركة :