اتّفق أعضاء الاتحاد الأوروبي، الاثنين، على تأجيل انسحاب بريطانيا من التكتل لثلاثة أشهر في قرار اتخذ قبل 90 ساعة من الموعد المقرر للانفصال الذي كان يمكن لبريطانيا أن تخرج فيه على عجل ودون اتفاق. ويتيح ما يسمى بـ”التأجيل المرن” لبريطانيا الخروج حتى قبل انتهاء مهلة التمديد الجديدة، والتي تنتهي في 31 يناير، وذلك إذا ما صادق الجانبان على اتفاق الخروج. وأضاف توسك، على حسابه على موقع تويتر، أنه من المتوقع أن تصادق دول الاتحاد الأوروبي على القرار كتابة وكان البرلمان البريطاني قد أبدى دعما مبدئيا للاتفاق، إلا أنه رفض مهلة لثلاثة أيام اقترحها رئيس الوزراء بوريس جونسون للمصادقة عليه وعلى الجدول الزمني لخروج المملكة من التكتل في 31 أكتوبر الجاري. واستنادا إلى نسخة من الاتفاق، يمكن أن ينفذ بريكست في 30 نوفمبر أو 31 ديسمبر، في حال توصل رئيس الوزراء بوريس جونسون إلى إقناع البرلمان البريطاني بإقرار الانفصال بطريقة ودية. ولكن يتعيّن في هذه الآن على لندن أن تعيّن مفوضاً لدى المفوضية الأوروبية الجديدة، وأن توافق على أنه لن يعاد التفاوض حول اتفاق الانسحاب الذي وقّعه جونسون في 17 أكتوبر، وفق النص الذي وافق عليه التكتل. وقال المفاوض الأوروبي ميشيل بارنييه لدى مغادرته اجتماع السفراء، إنه كان “اجتماعا قصيرا وفعالا وبناء”، مضيفا “أنا سعيد جدا لاتخاذ قرار”. ويأتي هذا القرار في وقت دفع فيها جونسون نحو المغادرة في نهاية الشهر الجاري، لكنه اضطر للتخلّي عن ذلك، ولا يزال عليه أن يقنع النواب البريطانيين بالتصديق على الاتفاق الذي وقّعه مع بروكسل، من خلال التلويح بشبح الخروج دون اتفاق وتبعاته الاقتصادية على المملكة المتحدة. ويبدو أن هذا التأجيل لا يتيح خيارات كثيرة لرئيس الوزراء البريطاني الذي تلقّى أكثر من صفعة من مجلس العموم، لاسيما أن حزب المحافظين الذي ينتمي إليه جونسون يملك غالبية داخل المجلس بعضو واحد فقط ما لا يمكنه من المصادقة على اتفاق بريكست والجدول الزمني للخروج. ويرى مراقبون أنه مع احتدام الصراع بين جونسون والبرلمان، بسبب تأجيل الأخير المصادقة على التسلسل الزمني الذي رسمته حكومة جونسون لمغادرة المملكة ، قد يذهب الأمر حد سحب الثقة من جونسون وحكومته. وفي إطار مواصلة ضغوطه على مجلس العموم قال جونسون، السبت “لا يمكن أن يحتجز البرلمان البلاد رهينة أكثر من ذلك”. وأضاف “الملايين من الشركات والأشخاص لا يستطيعون تخطيط مستقبلهم. هذا الشلل يتسبب في ضرر حقيقي ويتعيّن أن تتحرك البلاد إلى الأمام في 2020”. ويأتي حديث جونسون في وقت تحصل فيه على موافقة البرلمان مبدئيا على اتفاق الخروج، لكن عدم المصادقة على التسلسل الزمني للخروج أرغمه على طلب الإرجاء بطريقة تعكس حالة التخبّط التي باتت تعيشها السلطات في لندن، حيث قدّم طلب الإرجاء دون توقيع. ووضع البرلمان جونسون أمام الأمر الواقع برفض المصادقة على التسلسل الزمني لبريكست، حيث أغلق عديد المنافذ الذي كان سيتوجه إليها جونسون وأهمها مغادرة التكتل دون اتفاق، حيث وافق من ناحية على الاتفاق وأجبره من ناحية أخرى على طلب الإرجاء بعد امتناع البرلمان على المصادقة على الجدول الزمني لتنفيذ بريكست. وخارج لندن لن يكون كذلك أمام جونسون كثير من الخيارات، حيث أكد دبلوماسيون أوروبيون، الاثنين، إنهم لن ينتظروا بعد الآن، وسيصدرون قرارًا دون مزيد من التأخير بعد أن وافقت بريطانيا على أنها لن تحاول تغيير اتفاق الانسحاب. وقال مصدر دبلوماسي فرنسي لوكالة فرانس برس في باريس “لقد تم تحديد شروط التمديد وتعزيزها، لاسيما بأن الاتفاق غير قابل للتفاوض”. ويهدد التأجيل منح خصوم جونسون وقتا إضافيا للنظر في الاتفاق الذي وقّعه مع الأوروبيين، حيث يرفض حزب العمال المعارض بزعامة جيريمي كوربين هذا الاتفاق. وحتى ذهاب رئيس الوزراء نحو إجراء انتخابات مبكرة قد لا تكون طوق النجاة له ولا المنقذ لاتفاقه، إذ يشهد حزبه المحافظ انقسامات كبيرة غذّتها مواقف جونسون المتشددة من معارضيه داخل الحزب، ما أدّى إلى خسارته الغالبية في البرلمان الحالي. وفي حال تمّ إجراء انتخابات مبكرة لن تكون هناك تغييرات كبيرة على مستوى الكتل النيابية داخل مجلس العموم البريطاني، حسب ما تشير إليه استطلاعات الرأي وهو ما سيزعج جونسون أكثر. وأظهر استطلاع للرأي أجري بين 23 و25 أكتوبر على إجراء انتخابات عامة مبكرة تقدّم حزب المحافظين البريطاني بزعامة بوريس جونسون على حزب العمال المعارض بـ16 نقطة. وأظهر الاستطلاع كذلك أن التأييد لحزب المحافظين زاد ثلاث نقاط منذ استطلاع سابق أجري قبل ثمانية أيام ليصل التأييد له إلى 40 بالمئة، في حين أظهر الاستطلاع أن التأييد لحزب العمال استقر عند نسبة الـ24 بالمئة دون تغيير. وتراجع حزب الديمقراطيين الأحرار المؤيد للاتحاد الأوروبي نقطة واحدة مسجلا 15 بالمئة، بينما حصل حزب بريكست بزعامة نايجل فيراج، والمرجّح أن ينافس المحافظين على أصوات مؤيدي الانفصال عن الاتحاد الأوروبي، على 10 بالمئة. وتؤكد هذه النتائج أن تركيبة مجلس العموم لن تتغير كثيرا ما يزيد من المخاطر المحدقة باتفاق بريكست الذي توصلت إليه المملكة مع الاتحاد الأوروبي وكذلك مستقبل بوريس جونسون السياسي، حيث بات يخشى الأخير أن يواجه مصير رئيسة الوزراء السابقة تيريزا ماي التي أجبرت على تقديم استقالتها، بعد فشلها في تمرير الاتفاق التي توصلت إليه مع الأوروبيين بشأن بريكست.
مشاركة :