بدد خبراء عرب الفكرة النظرية السلبية المرتبطة بالاعلام الشعبي بوصفه مصدرا للشائعات والتضليل وضآلة قيمة المحتوى، وحرصوا على تجاوز هذه النظرة والانتقال إلى التعامل مع هذا النوع الإعلامي بإيجابية وتطويره والاستفادة من شعبيته وقربه من الشارع العربي. ونظمت جمعية “إعلاميون” في مدينة الرياض ملتقى إعلاميا مفتوحا بعنوان “الإعلام العربي الشعبي إلى أين؟ رؤى وتطلعات”، بمشاركة خبراء وإعلاميين سعوديين وعرب، بهدف إيجاد حلول لاستثمار “الإعلام الشعبي”، وتجاوز سلبياته، وتطويره، وذلك بمناسبة اختيار الرياض عاصمة للإعلام العربي 2019. وقدّم 24 مشاركا في اللقاء آراء مختلفة حول الإعلام العربي الشعبي وأهميته وسلبياته، والكثير من الجوانب التي تتناول التعريف به وبنشأته. وأكد محمد الأحمد، وكيل كلية الآداب الأستاذ المساعد في قسم الإعلام في جامعة الملك سعود بالرياض، أن الإعلام الشعبي يواجه صراع المصداقية والأسبقية، وقد أصبح باستطاعة فئة من منتسبي الإعلام الشعبي الوصول إلى مؤيديها في جميع أنحاء العالم بعد انتشار وسائل التواصل الاجتماعي وقلة الرقابة على المعلومة التي تبث. وبدوره، اعتبر عادل حنفي مؤسس ورئيس جمعية “مصريون في حب الخليج” أن الإعلام الشعبي له دور فعال وغير مكلف، وله متابعون بالملايين، عكس القنوات التي تصرف الملايين، ومتابعوها بالآلاف. وأضاف أنه يوجد دور كبير للإعلام الشعبي لا يقل أهمية عن الإعلام الرسمي، وذلك لعدة أهداف، أهمها انحيازه إلى المواطن البسيط، خاصة وأن هذا المواطن في أغلب الأحيان يستمد المعلومة منه دون تكلف كما أن أسلوبه يعتمد على البساطة البحتة. الإعلام المهني أصبح في المرتبة الثانية بعد الإعلام الشعبي في اليمن، وهو ما تسبب في نشر الشائعات وتصدرها وطالب حنفي بتشديد الرقابة على يوتيوب الذي يعتبر من أكثر وسائل التواصل الاجتماعي ضررا، مبينا أن هناك قنوات فضائية تقوم بدور الإعلام الشعبي السلبي، منها نحو 20 قناة مأجورة تقوم بنشر الأكاذيب وتروج للشائعات. ويهدف الملتقى المفتوح للاستفادة من الإعلام الشعبي في تعزيز ترابط الشعوب العربية، بعد ظهوره في عصر الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي؛ وهو ما أسهم في سهولة الوصول للمعلومة حتى أصبح كل مواطن عربي إعلامي يعبر عن رأيه بشكل مباشر. وأكد الإذاعي عوض الله محمد أنه لا بد من التفرقة بين الإعلام الشعبي والإعلام الشعبوي؛ إذ أن الإعلام الشعبوي يتميز بالغث والسمين، خاصة ما يُنشر عن الحكومات. وأضاف أن المحتوى الإعلامي أصبح ضعيفا لغويّا، وهو يعكس هشاشة الاهتمام باللغة العربية وضحالة الثقافة في مجتمعنا العربي. ومن جانبها، رأت الدكتورة فايزة الحربي، أستاذ الإعلام في جامعة الملك سعود بالرياض، أن الإعلام الشعبي أسهم في الإثارة السلبية، ونشرها بسرعة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وذلك من باب التسلية، وهي ضد الدول وضد المجتمع، وتهدف إلى تصعيد الخلافات وزرع المشكلات عن طريق الأعداء خدمة لمصالحهم. وأضافت أن هذا النوع من الإعلام رغم وجود إيجابيات له إلا أن سلبياته أكثر؛ إذ يميز النخبة من المجتمع تلك الرسائل التي تصدر عن الإعلام الشعبي. أما إسكندر الأصبحي رئيس هيئة الإذاعة والتلفزيون اليمنية، فقال في مداخلته إن الإعلام المهني أو الرسمي أصبح في المرتبة الثانية بعد الإعلام الشعبي؛ إذ أن الإعلام الشعبي يسيطر على الساحة الإعلامية في اليمن، وهو ما تسبب في نشر الشائعات وتصدرها. وتمنى الأصبحي أن تكون هناك مادة توعوية عن الإعلام، تُدرَّس في المدارس والجامعات في الوطن العربي وتضمن اللقاء محاور عدة من أبرزها نبذة عن الإعلام الشعبي العربي، الإعلام الشعبي العربي إلى أين؟ الفرق بين الإعلام الشعبي الرسمي، التطلعات والآمال المعقودة على الإعلام الشعبي، ومستقبل الإعلام الشعبي العربي. ومن جهته، تطرق إكرامي عبدالله الصحافي في صحيفة الاقتصادية للجانب المضيء في الإعلام الشعبي، وأنه مفهوم أوسع من حصره في الإعلام الجديد، ويمكن دعم وتكاتف الإعلام الشعبي والتقليدي؛ لأن جزءا كبيرا مما يُطرح في الإعلام الشعبي يعتمد على ما نمارسه في التقليدي، ويُتوقع أن يستمر ويتوسع، والدور الذي علينا هو الفلترة كمتلقين قبل أن نكون إعلاميين. وقال صلاح قادري مدير إذاعة صنعاء إن الإعلام الشعبي سلاح ذو حدين؛ إيجابي وسلبي. ومهمة الإعلام الرسمي الإسهام في خطة توعوية رديفة لمصلحة الأمة لعدم تشتيتها، خاصة في ما يوجه لفئة الشباب الذي يستخدم الإعلام الحديث، ويقضي جُل وقته على وسائل التواصل الاجتماعي، مشددا على أهمية توعية الشباب خاصة في المجتمعات التي تعاني الجهل، والإعلام العربي صنع كثيرا من الأحداث السلبية. وأكد الإعلامي فطين أحمد عبيد أن الغالبية يتلقون الأخبار عن طريق الإعلام الشعبي لسرعته وسهولة الوصول إليه.. كما أن الوضع المالي أسهم في انتشار الإعلام الشعبي لقلة التكلفة؛ لذا فإن 70 بالمئة من الشعوب العربية تعتمد وتثق بالمعلومات من خلال وسائطه المختلفة.. والعتب على بعض الإعلاميين في نشر الأخبار دون التحقق من المصداقية. وأشارت الإعلامية مي يوسف إلى أن شريحة جيل الألفية خرجت في ظل إعلام حُر، والإعلام التقليدي بالنسبة لها ثانوي؛ وهو ما جعل حرية تداول المعلومات في هذا الوقت سهلة؛ إذ أن الإعلام الشعبي قضى على الكثير من الجهود لرجال الإعلام والصحافة، وتسيد الإعلام الجديد الساحة وتحققت له الريادة الإعلامية. كما شددت على أهمية تبني الإعلام الشعبي من قِبل الإعلام التقليدي كمكمل له. ويُذكر أن مجلس وزراء الإعلام العرب أعلن اختيار الرياض عاصمة للإعلام العربي في خطوة تبرز المكانة الاستراتيجية الكبيرة التي تتمتع بها السعودية عربيّا، وذلك في دورته العادية الـ49 التي عُقدت بمقره بجامعة الدول العربية في القاهرة.
مشاركة :