عند سؤال الجراح لمريض يعاني من السمنة عن مشاكله الصحية، في كثير من الأحيان يجيب المريض (عندي دهون في الكبد يا دكتور)، وفي غالب الأحيان يجيب الطبيب (ليست مشكلة فكل من يعانون من السمنة لديهم كبد دهنية متضخمة، وهذا كله سوف يزول مع نزول الوزن). وفي غالب الأحيان يكون هذا هو الوضع، لكننا نعرف الآن أن تراكم الدهون في الكبد أحيانا يؤدي إلى حالة مرضية اسمها (مرض الكبد الدهني غير الكحولي) أو NAFL، وهناك نوعان من هذا المرض، النوع الأول هو الكبد الدهني غير الكحولي وهو ما عناه الطبيب في الحوار السابق، والنوع الآخر والأخطر هو التهاب الكبد غير الكحولي المعروف بـ (ناش NASH) هذا النوع يشبه في تأثيره التهاب الكبد الناتج عن تناول كميات كبيرة من الكحول، وهو حالة خطرة تتطور إلى تكون ندبات وأضرار لا يمكن إصلاحها، وقد يتطور الأمر إلى تليف الكبد وفشله. أصبح هذا النوع من أمراض الكبد من أكثر أنواع أمراض الكبد المزمنة شيوعا بنحو 80 إلى 100 مليون مريض في العالم. رغم أن هذا المرض يصيب جميع الفئات العمرية إلا أن ذروته تكون في الأربعينات والخمسينات من العمر، وأهم أسباب الإصابة به السمنة، خاصة المرتبطة بداء السكري أو متلازمة اعتلال التمثيل الغذائي (الأيض أو الاستقلاب) ويرتبط ببعض أدوية السكر وبعض العلل المصاحبة للسمنة. أعراض المرض هي الأعراض نفسها الناتجة عن التهاب الكبد لسبب آخر، وتعكس الحالة التي وصلت إليها وظائف الكبد. جزء كبير من المرضى لا يشكون من أعراض معينة، ويتم تشخيصهم عند عمل تصوير للبطن بسبب آخر، وبعضهم يشكون من أعراض عامه كالإجهاد أو ألم بسيط في أعلى البطن، ولكن عند تقدم الحالة تبدأ الأعراض الناجمة عن التليف والقصور كالاستسقاء واليرقان (الصفار). التشخيص يتم عن طريق الأشعة لتصوير الكبد ابتداء بالأشعة الصوتية، وعادة ما يجري عمل أشعة مقطعية أو مغناطيسية، وعمل أشعة الفايبروسكان لتقييم درجة الإصابة في الكبد، وذلك كله بعد استبعاد الأسباب الأخرى للتليف والالتهاب كالفيروسات والأدوية والكحول. وأحيانا يُحتاج إلى أخذ خزعة (عينة) من الكبد للتشخيص. العلاج الوحيد المثبت نجاحه في حالة (ناش) هو إنقاص الوزن. وقد أشارت الأبحاث إلى أن التحسن عند كثير من المرضى يبدأ عند نزول 5% من الوزن، وتكون الأرقام جيدة بعد تخطي الـ 10%، وجزء كبير منهم استطاع وقف عملية التليف وفي بعضهم استطاع الكبد أن يعيد بناء نفسه إلى حد ما، لكن في المقابل فإن أقل من 30% من المرضى في الدراسة نجحوا في إنقاص الوزن. وهنا تظهر الدراسات نتائج ممتازة لمن خضعوا لعمليات إنقاص الوزن جراحيا، ولكن لا توجد دراسات لتقارن بين الأنواع المختلفة من العمليات الجراحية، وإن كانت كلها أدت إلى تحسن ملحوظ. وذلك أيضا ينطبق على العلاج بالأدوية لإنقاص الوزن، حيث لا توجد أي دراسات تفيد عن مدى الأمان والفائدة من هذه الطريقة.
مشاركة :