لا أتفق مع مقولة «إسلام بلا مسلمين ومسلمين بلا إسلام»

  • 11/9/2019
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

بعنوانٍ يتخذُ طابع المشروع الفكري «إعادة قراءة التراث العربي الإسلامي في كل المجالات بما فيها: العلوم، والفنون، والثقافة، والتاريخ، والدين» استضاف «مركز الشيخ إبراهيم للثقافة والبحوث»، ضمن موسمه الثقافي الحالي، المستعرب والأكاديمي الأمريكي الدكتور عبد الله لوكس، بيد أن هذا العنوان الضخم الذي كان من المقرر أن يناقشُ لوكس تحته دراسات المستشرقين المعاصرين وتفحص ما قاله المؤرخون السابقون، عن الفكر العربي والإسلامي، شطح عن كل ذلك إلى فضاء آخر يخلو من أية إعادة لقراءة التراث العربي والإسلامي!لوكس الذي بدأ اهتمامهُ بالثقافة العربية والإسلامية منذ مراحل شبابه الأولى، وشغف بنتاجاتها، وصولاً لإسلامه مطلع تسعينيات القرن الماضي، بدأ حديثه برسالة بسيطة مليئة بمشاعر المحبة «هذه المحاضرة رسالة حب للمجتمع العربي والإسلامي»، واصفًا المجتمع العربي بـ«شموس نهاري، وأقمار ليالي»، مضيفًا «الجمال يكمنُ في داخل هذا المجتمع.. لقد عشتُ في السعودية، والمغرب، ومصر، والأردن، والعديد من البلدان العربية، ووجدتُ أناسًا طيبين، وجميلين»، ومن هذا المنطلق يؤكدُ لوكس «إن الله اختار العربية لتكون موضع رسالته».بعد ذلك انتقل لتفصيل مسيرة حياته بدءًا من الشك، والأسئلة المستفيضة والفلسفية عن الله، والكون، والإنسان، ليصل أخيرًا إلى الإيمان بالدين الإسلامي، بوصفهِ الدين الأكثر قدرة على الإجابة عن كل تلك الشكوك في ذهنية ذلك الشاب الذي كان يعيشُ مغتربًا بين أهله، ليجيء إلى العالم العربي، ويجد نفسهُ في ألفة مع هذا المجتمع، كأنه كان يفترض به أن يكون هنا منذ الميلاد، لكنهُ حقق ذلك بولادة فكرية، فبينما تمت الولادة البيولوجية في المجتمع الغربي، انتقل لوكس بكل وعيه وشغفه، ليولد من جديد فكريًا في مجتمع وجده أقرب إلى نفسه من مجتمعهِ الأصل.يؤكدُ لوكس بأنا كبشر «بحاجة ماسة للإسلام»، وقد اتخذ حديثه طابعًا دينيًا تقليديًا يشي بشغفٍ عميق لما أنجزه من نقلة عظيمة بالنسبة إليه على المستوى الفكري، نقلة انعكست على عاطفته تجاه كل ما يرتبطُ بالإسلام، فنجده يصرح «كل العالم بحاجة للعرب ولغتهم بكل ما تحملها من مضامين وفلسفة وحكمة»، منتقدًا النسيان المقصود وتجاهل إنجاز العرب والمسلمين في العالم الغربي «دور العرب والمسلمين نسي في الغرب، فهم يتحدثون عن اليونان، ويقفزون منهم إلى عصر النهضة، دون ذكر للمنجز العظيم الذي أنجزهُ العرب للحضارة الإنسانية».وعلى الرغم من الإشارات التي ألقاها لوكس في حديثه، إلا أنه لم يتطرق لعنوان المحاضرة «إعادة قراءة التراث العربي الإسلامي في كل المجالات بما فيها: العلوم، والفنون، والثقافة، والتاريخ، والدين»، وكانت محاضرتهُ إشارات بسيطة لإنجازات المسلمين الحضارية، وتعبيرات عن إعجاب آخذ بالثقافة العربية والإسلامية، إذ يؤكد «المجتمع الإسلامي خرج كبار الفلاسفة والعلماء في التاريخ الإنساني، ولهذا أنا أعتقد بأن الإنسانية بحاجة إلى القيم الإسلامية». بل أن لوكس ينفي أي سبب ذي علاقة ببعض مناحي الثقافة العربية والإسلامية في ما تشهده المنطقة من اضطرابات، مؤكدًا نظرية المؤامرة، «الوضع الحالي في العالم العربي والإسلامي سببه الأول التدخلات الخارجية، كما أن الإسلام لا علاقة له بما يجري في هذا المجتمع». كما رفض لوكس المقولة الشهيرة التي تنسب لمحمد عبده، «في الغرب إسلام بلا مسلمين، وفي الشرق مسلمين بلا إسلام»، مكتفيًا بتبرير رفضه لها بالقول «كل مجتمع فيه ما فيه من المشاكل»، دون أن يبين عدم واقعية هذه المقولة كما يعتقد، أو مكمن خطئها، ليختم حديثه بمحاضرة مقتضبة وتقليدية، لم يكن فيها أية إعادة لقراءة شيء من التاريخ، أو الدين، أو أي شيء، سوى تقديم صورة لإنسان غربي، فتن بالثقافة العربية والإسلامية، وبقيمها العظيمة التي بات يؤمن بوجوب تعميمها لينتفع بها الإنسان في كل مكان!

مشاركة :