امتاز الغرب بفن التعامل والمهارة والذكاء في الحوار، مع اختيار الألفاظ المناسبة، وتحري الصدق في الكلام، وهذه صفات عالية وآداب لم نمتاز بها نحن - من دون تعميم - رغم أننا تعلمناها ونشرناها في كتبنا، بل إنها أول توجيهات أشارت إليها شريعتنا، فالأدب واللباقة في الكلام أهم ما يطور الإنسان... ولكن هل برز هذا الفن في مجتمعنا؟فمن يَزور الدول الأوروبية، يرى النظام والاحترام المتبادل بين الناس والأمانة وعدم التعدي على حقوق الآخرين، كما في القول المشهور للشيخ محمد عبده عندما زار تلك الدول: «رأيت في أوروبا إسلاماً بلا مسلمين وفي بلدنا مسلمين بلا إسلام». فقد لفت نظره أن الناس في تلك البلدان يحترمون الآخرين، ويتعاملون معهم بأمانة وصدق، ويتعاطفون معهم إذا نزلت بهم نازلة أو حلّت بهم كارثة ويحاولون مساعدتهم على تجاوزها، بغض النظر عن أصولهم وأديانهم ولغاتهم وألوانهم. فَعَقد مقارنة بين الاثنين، فوجد أنهم يتخلقون بأخلاق الإسلام فى معاملاتهم وأعمالهم، على حين أن بعض بلاد المسلمين بعيدة عن أخلاق الدين، فقال عبارته المشهورة.ويحلل بعض المسلمين أن سبب حسن أخلاق الأوروبيين، يكمن في القانون الذى يحفظ التوازن بين مصالح الأفراد، بحيث لا يعتدي الخاص على العام ولا العام على الخاص، وذلك عن طريق العقوبة الرادعة على من يخالفه والتي لا يستثنى منها أحد كائناً من كان.إلا أن هذا التحليل ينطبق على الجرائم والمخالفات، وأما طيب الخلق والتعامل بلطف فهو خلق غريزي في الإنسان وعليه أن يجاهد نفسه لتثبيته، وأما إن عاش في مجتمع متأخر وترك تربية نفسه، ساءت أخلاقه، ولا تتحقق الرفعة والتطور والاستقرار إلا بالجمع بين: الحد من الجرائم، وتهذيب النفس.فالإنسان يسعى لاكتساب هذه الأخلاق العالية لتطبيق أوامر ربانية ترفعه وترفع مجتمعه، ثم النظر للقوانين الدستورية التي تعين على الانضباط بجوانب محدودة، فإن شريعتنا شاملة للجانبين: تحريم الجرائم وطيب المعاملة، والقانون يعاقب على الجرائم أو المخالفات الظاهرة ولا يجبر أحداً على الاحترام ولباقة الكلام، بينما أمر الله تعالى عام لكل المبادئ والأحكام، ولو كنا لا نطبقها فهذا قصور منّا، لا من شريعتنا السامية التي تدعو إلى كل ما فيه رفعة ورقي ونجاح للأمة.aalsenan@hotmail.comaaalsenan @
مشاركة :