أكد تربويون أن سياسة الحماية الأسرية التي أقرها مجلس الوزراء تعزز منظومة الحماية للفئات المستهدفة، وتحافظ على لحمة المجتمع وتماسكه، وتوسع مظلة الحفاظ على الأسرة. وشددوا على أن الإمارات رائدة في حماية الطفل من حيث سن القوانين أو إنشاء الجمعيات الخدمية للطفل وتفعيل خطوط لنجدة الطفل، لافتين إلى أن إقرار صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، مشكوراً لآليات حماية الطفل ووقايته من كل أنواع العنف الأسري، يعد أكبر دعم لحماية الطفل، وهذا يتطلب جهداً في التوعية والتثقيف المجتمعي بها خلال الفترة المقبلة، محذرين من انعكاسات التغيرات الاجتماعية وتدخل الخدم في التربية والضغط النفسي الذي يعيشه الطفل نتيجة ازدواج التربية على تكوين شخصية الإنسان في الإمارات. وعبرت موزة الشومي نائب رئيس جمعية الإمارات لحماية الطفل، عن فرحتها باعتماد السياسة التي قالت إنها تنضم إلى منظومة حقوق الإنسان التي تسعى الدولة لتطبيقها، مشيرة إلى أن القوانين والتشريعات موجودة لكن ينقصها آليات التطبيق، وهنا يأتي دور هذه السياسة التي تساعد وتدعم تنفيذ القوانين ونفاذها، مؤكدة أيضا أن التطبيق وفقا لسياسة الحماية سيوحد كافة الإجراءات والتدابير على مستوى الدولة، وبالتالي القضاء على أي فجوات سابقة لعدم وجود آلية واضحة وموحدة وصريحة. وعدت الشومي السياسة التي وضعت لحماية الأسرة «مدونة شاملة» لوقف العنف ضد الفئات المستضعفة بالمجتمع، موضحة أن تسليط الضوء على الأسرة سعيا للحفاظ على تماسك المجتمع الذي تعتبر الأسرة نواته الرئيسية، داعية الجهات المختصة العمل بنسق واحد وتطبيق السياسة التي تحمي الفئة المستضعفة، وتنشر ثقافة التسامح. وأضافت: «مجتمع الإمارات مجتمع متسامح لكن إذا وصل إلى حد الإساءة للفئة المستضعفة لا تسامح وهذه كلمات واضحة وجلية وهامة تضع النقاط على الحروف، وقرار مجلس الوزراء باعتماد السياسة الموحدة بكافة تدابيرها يكون المجتمع آمناً ومستقراً والأسر متلاحمة». وقالت الدكتورة نورية العبيدلي مستشار تربوي، إن قيادة الإمارات تحرص على استقرار الأسرة وسن القوانين التي تساعد على حماية مختلف فئات المجتمع من أطفال ونساء ومسنين من العنف بشتى أشكاله، وهو ما يعكس مستوى الرقي والتحضر الذي يتمتع به المجتمع الإماراتي ليكون في مصاف الدول المتقدمة ليس فقط اقتصادياً وإنما اجتماعياً وإنسانياً لتوفر أسس الحياة الكريمة والمستقرة لأفراد المجتمع لأجيال قادمة. وذكرت أن الاستقرار الناتج عن محاربة العنف ومواجهته للقضاء عليه حتماً يزيد من مستوى الصحة النفسية لأفراد الأسرة والذي بدوره يعود بالنفع على المجتمع، مشيرة إلى أن النسيج الاجتماعي لأي مجتمع إنساني يتكون من أسر وأفراد، وكلما كانت الأسرة أكثر استقراراً وسعادة كان المجتمع أقوى وأكثر إنتاجية ونجاحاً. وقالت إن المساس بحقوق الطفل من القضايا التي لا تقبلها الإنسانية والفطرة السوية، وعندما نقول العنف بأنواعه نعني بذلك العنف اللفظي والجسدي معاً، ومن المهم توعية المجتمع عن العنف اللفظي وكيفية تجنبه، فالعنف اللفظي خطير لأن آثاره خفية ولا تُرى مباشرة وإنما تظهر بشكل غير مباشر وعلى المدى البعيد، فالعنف اللفظي يحطم الشخصية وينال من الصحة النفسية للطفل التي تعوق نموه السليم ليكون فرداً فعالاً وإيجابياً ومنتجاً في المجتمع الذي يعيش فيه، لافتة إلى أن المحافظة على حقوق الطفل سمة المجتمعات الحضارية والناجحة والسعيدة. ومن جانبه قال الدكتور أحمد العموش أستاذ علم الجريمة بجامعة الشارقة، إن كثيرا من الأطفال يتعرضون للعنف بجميع أنواعه ولا يستطيعون الإبلاغ عنه خوفا من الوالدين أو العواقب التي يكاد أن تحدث بعد إبلاغهم عن هذا العنف، وغابت الإحصائيات والكشف عن حالات العنف ضد الأطفال في مجتمعاتنا العربية، وما أقره مجلس الوزراء من آليات يعزز من تلاشي هذه الإشكالية والحد منها، خاصة وأن الإمارات رائدة في حماية الطفل من العنف الذي غالبا ما ينبع من الأسرة، أو من فرد داخل العائلة. وتابع العموش أن ولي الأمر يحتاج لتثقيف وتوعية أكثر من الطفل بالأضرار التي ستلحق بالطفل نتيجة هذا العنف، وعلى الأم أن تكون الرقيب الملازم للطفل، لتراقب تصرفات المحيطين به من أقرباء وغرباء كي تجنبه الوقوع في فخ العنف. رفعة وقالت نورة سيف العميمي المهيري، الخبيرة التربوية، إن اعتماد مجلس الوزراء سياسة الحماية الأسرية، تأكيد يتجدد من قبل القيادة الرشيدة لأهمية الأسرة في نهضة المجتمع وتحقيق رفعة الوطن، من خلال تخريجها كفاءات وطنية واعدة قادرة على تحمل مسؤولية «أن تكون مواطناً في دولة الإمارات العربية المتحدة»، بحكم واقع الريادة والسعادة والتميز والتفرد في كثير من المنجزات التي طالت البشر والحجر بلا استثناء، وما يتطلبه هذا الواقع من عمل دؤوب وخطط تنموية تحافظ على المكتسبات وتعزز الريادة نحو القمة بلا تردد. وأضافت نورة سيف أن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، لطالما أكد أن الأولوية للمواطن وأن الإنسان في مقدمة الأولويات، وهذا النهج يتحقق على أرض الواقع من خلال تخصيص سموه أكثر من ثلث الميزانية الاتحادية لتنمية المجتمع وخدمة المواطن، مشيرة إلى أن الترابط المجتمعي والحفاظ على النسيج الأسري الإماراتي وتأكيد معاني الوحدة والترابط بين كافة أفراد الأسرة والمجتمع، هي قيم إماراتية متجذرة وراسخة في المنظومة المجتمعية والوطنية، وأن الحفاظ على هذه القيم هو مسؤولية نتشاركها جميعاً، وإن كان أساسها في البيت والأسرة التي تعد أساس الواقع ونواة المستقبل في كل ما تفرزه من تربية وتنشئة وحرص واهتمام بالأجيال الصاعدة. وأشارت إلى أن الأسرة أهم من المدرسة، فهي اللبنة الأولى في تشكيل شخصيات الأبناء، وفيها كل القدوات التي يحتاجها النشء، لذا لا بد من منحها مساحة متزايدة من الأولوية والاهتمام، وإتاحة المجال لها لتحقيق التربية المتوازنة وخلق أجيال واعدة، لافتة إلى أهمية دور الأم في الأسرة التي تسبق كل الأولويات، لذا لا بد من إعادة النظر في واقعها المهني والوظيفي، ومنحها الثقة والأريحية والمرونة والوقت والإرادة لممارسة دورها التربوي في البيت ومع الزوج والأبناء بما يعزز من قيم «السنع» وقيمة التطور والريادة العصرية التي تحققها دولة الإمارات في هذا السنوات تحديداً، وذلك بحاجة إلى عمل دؤوب وخطط متقنة تتشاركها جميع الوزارات والهيئات والمؤسسات ذات الصلة على مستوى الدولة، حفاظاً على عطاء الأسرة. وتطالب هدى أبو بكر مسؤولة حماية الطفل في مدرسة السلام، باتخاذ إجراءات قد تساهم في حماية الطفل من جميع أشكال العنف ومنها إنشاء مراكز بحثية تخصصية مع تشجيع المعاهد العملية للقيام بالدراسات الميدانية ودعم الباحثين والإحصائيين من أجل تطوير البحوث وجمع البيانات بشأن قضايا العنف ضد الطفل، بالإضافة إلى نشر الوعي القانوني والشرعي الخاص بجرائم العنف ضد الطفل وفي وسائل الإعلام المرئي خاصة والمقروءة. وقالت إن ظاهرة العنف ضد الأطفال تفرض على الأسرة والمجتمع والحكومة والمؤسسات المدنية والتعليمية والأكاديمية والإعلامية تحمل المسؤولية بصورة جادة وتضامنية من اجل التصدي لهذه الإشكالية. وأوضحت أن العنف ضد الأطفال داخل الأسرة يختلف لعدة اعتبارات منها ظروف الوالدين ومستواهما الثقافي والتعليمي، إضافة إلى عدد أفراد الأسرة ونمط الحياة العامة الممتلئة بالمشكلات والأزمات التي تولد بعض ملامح العنف الموجهة ضد الأطفال. كما ذكرت هدير ممدوح معلمة في رياض الأطفال، أن مرحلة الطفولة من أهم المراحل في حياة الإنسان وأكثرها خطورة، ولذا فإن رعاية الأطفال تعد العامل الأساسي في التنمية الشاملة لأن الرعاية السليمة للطفولة تمثل المستقبل الزاهر لأي أمة، ويتطلب ذلك ضرورة الاستجابة لاحتياجات الطفل الأساسية، ويعتمد ذلك على التخطيط العلمي وتوفير المواد اللازمة لتنشئة الطفل ورعايته في مراحل نموه المختلفة، وتتزايد أهمية ذلك بالنسبة لأطفالنا، من حيث توفير الرعاية اللازمة وحمايته من أشكال العنف. وقالت إن هناك أهمية خاصة للطفولة في مجتمع الإمارات، بسبب كون هذه الفئة العمرية بفعل التغير والحراك الذي مر به المجتمع والطفرة الاقتصادية المترتبة على التغيير جعلت معظم الأسر تعتمد على الخدم، حيث يخضع الأطفال إلى تربية مزدوجة بين الأم الحقيقية والخادمة التي تمضي مع الطفل وقتاً قد يكون أكثر من الوقت الذي تقضيه الأم معه. كما قالت هبة محمد اختصاصية اجتماعية، إن الدولة سنت تشريعات والقوانين لكن عملية متابعة التنفيذ بالحصر بالأرقام والنتائج وصولا إلى حلول منطقية لكل فئة تضمنه السياسة المعتمدة، مؤكدة في السياق ذاته أن دستور دولة الإمارات كفل للأطفال الحياة الكريمة التي تحفظ سلامته العقلية والبدنية والنفسية، ما ساعد الأسر على تنشئة أطفالهم بطريقة سليمة، كما سنت الإمارات القوانين والتشريعات منها قانون الجرائم الإلكترونية وقانون حماية الطفل وديمة الذي كفل بجميع جوانبه الطفل، مشددة على ضرورة رفع سقف التوعية فيما يتعلق بالعنف ضد الفئات المستضعفة وكيفية حماية أنفسهم عند التعرض للعنف واللجوء للجهات المختصة. وأفاد المستشار القانوني أيهم المغربي أن دولة الإمارات مميزة في مجال حقوق الطفل وحقوق المرأة، وهذا ثابت من خلال تعزيز الجهود لحمايتهم، وقد صدر قانون الطفل وديمة رقم 3 لسنة 2016 لحماية الأطفال من جميع أشكال التمييز أو العنف أو الإهمال، والدولة تحرص على مصلحة الطفل، سواء كان مواطناً أم مقيماً، والإهمال يعرض من هو مسؤول عن رعايته لمساءلة القانون، فالطفل له الحق في الحماية من التعرض للنبذ والإهمال والتشرد، وله كذلك الحق في الحماية من عجز الوالدين أو القائم على رعاية الطفل أو تربيته؛ لأن ذلك الإهمال يمكن أن يؤدي إلى تعرض الطفل إلى الخطف أو البيع أو الاتجار به لأي غرض أو استغلاله بأي شكل من الأشكال مثل الاستغلال الفكري أو الجنسي. وتابع: «تحظر المادة (35) على القائم على رعاية الطفل تعريضه للنبذ أو التشرد أو الإهمال أو اعتياد تركه دون رقابة أو متابعة، أو التخلي عن إرشاده أو توجيهه أو عدم القيام بشؤونه أو عدم إلحاقه بالمؤسسات التعليمية، وفي حال عدم وجود من يقوم على رعاية الطفل تقوم الدولة بتوفير الأسرة البديلة أو إيداعه إحدى المؤسسات بناء على تقرير المختص الاجتماعي في حال تكرار الإساءة من قبل الوالدين أو في حالة عدم توافر الأسرة البديلة». وقال المغربي إن القانون الاتحادي رقم 3 لسنة 2016، بشأن قانون حقوق الطفل وديمة، قد نص على معاقبة أولياء الأمور الذين يتسبب إهمالهم وتقصيرهم في بعض الأحيان في حدوث الأذى لأطفالهم، وأوضح أن مواد القانون واللائحة التنفيذية له تناولت إجراءات وتدابير حماية الطفل من إهمال أولياء أمره. وأضاف المغربي: إن التدابير التي حددها القانون لحماية الطفل لا تعفي أولياء الأمور والقائمين على الطفل من العقوبة الجنائية أو الغرامة، التي يمكن أن تشملهم في حال ثبوت تعرضه للأذى بسبب إهمالهم، وحظرت المادة (34) تعريض سلامة الطفل العقلية أو النفسية أو البدنية أو الأخلاقية للخطر، سواء بتخلي القائم على رعايته عنه أو تركه بمكان أو مؤسسة رعاية دون موجب أو رفض قبول الطفل من القائم على رعايته أو الامتناع عن مداواته والقيام على شؤونهم، وتنص المادة (35) كذلك على أنه يحظر على القائم على رعاية الطفل تعريضه للنبذ أو التشرد أو الإهمال أو اعتياد تركه دون رقابة أو متابعة، أو التخلي عن إرشاده أو توجيهه أو عدم القيام بشؤونه أو عدم إلحاقه بالمؤسسات التعليمية، يعاقب بالحبس أو بالغرامة التي لا تقل عن 5000 درهم من يخل بأحكام المادتين، وفيما يتعلق بالحقوق الجسدية والنفسية للطفل، نصت المادة (36) على حظر تعريض الطفل للتعذيب أو الاعتداء على سلامته البدنية أو إتيان أي عمل ينضوي على القسوة من شأنه التأثير في توازن الطفل العاطفي أو النفسي أو العقلي أو الأخلاقي، ويعاقب بالحبس والغرامة التي لا تقل عن 50 ألف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين.طباعةEmailفيسبوكتويترلينكدينPin InterestWhats App
مشاركة :