بالنسبة إلى الوعي العربي وتحديدا الوعي الخليجي فإنه ليس بجديد ما نشره «المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية IISS» الخميس الماضي من دراسة حول «نفوذ إيران الإقليمي»، ذكر فيها أن المليشيات التي أنشأها الحرس الثوري في دول المنطقة تعد بالنسبة إلى إيران أهم من صواريخها الباليستية وبرنامجها النووي، بل في الواقع هي أخطر أسلحتها! التقرير المكون من 217 صفحة والذي جاء بعد دراسة استغرقت 18 شهرا وتضمنت مقالات وتقارير وتحقيقات ميدانية تفيد بأن إيران أنفقت «16 مليار دولار» على تدخلاتها، إذ ذهبت 700 مليون دولار منها سنويا إلى «حزب اللات»، «هذا التقرير استنتج اليوم ما تعرفه شعوبنا وقادتنا وخاصة في الخليج عن دور وخطر تلك المليشيات الإرهابية العميلة» وأنها أذرع إيران التي بها مارست الإرهاب في دولنا، وفي البحرين كان الوعي بخطورتها مبكرا جدا، وهو الوعي الذي يعود إلى سنوات طويلة منذ التسعينيات بل والثمانينيات، وتبلور هذا الوعي شعبيا بشكل كبير بعد أحداث 11 سبتمبر و«الحراك الطائفي الانقلابي»! إن تقرير المعهد وهو «مركز فكري بريطاني» في مجال الشؤون الدولية ومقره لندن أفاد بما كانت تطالب به البحرين والسعودية على وجه الخصوص من أن ملف الإرهاب الإيراني في المنطقة قائم على تلك الأذرع العميلة من المليشيات الإرهابية المتطرفة والطائفية، ولذلك «وجب التعامل الدولي الحاسم معها»، وليس الاقتصار على برامج طهران في الملف النووي وبعدها بمدة طويلة مع الصواريخ الباليستية؛ لأن دور تلك الأذرع هو ما تعتمد عليه إيران في كل إرهابها في المنطقة وفي العالم، وخطورة المشروع الإيراني الإرهابي والتوسعي ينبع، ونؤكد ما قاله التقرير وقلناه مرارا، من أن تلك المليشيات المسلحة الموالية لطهران هي «خارجة عن كيانات الدول العربية التي تنشط فيها» لتحقيق التوسع والنفوذ الإقليمي لإيران في كل من العراق ولبنان وسوريا، وتحاول فعل الشيء نفسه في اليمن، بل وفي البحرين وشرق السعودية والكويت، وفشل مخططها حتى الآن في الدول الخليجية الثلاث بحفظ الله. ليس أخطر من تدريب إيران والحرس الثوري لجماعات عربية مسلحة وإرهابية وخارجة عن سيادة الدولة الوطنية وتبعيتهم وولائهم للولي الفقيه الذي يعمل اعتمادا عليهم في نشر الإرهاب والفوضى في بلدانهم التي تطمع «إيران الملالي» في السيطرة عليها! وأمام هذا الخطر نجد أن الموقف العربي بشكل عام ليس على مستوى الحدث! بل إنه اليوم صامت أمام ما يحدث في العراق ولبنان رغم أنه «منحة إلهية» للوقوف مع العراقيين واللبنانيين ضد تلك المليشيات الأخطر على الأمن القومي العربي ومنه الخليجي! وإذا أرادت الدول الخليجية المعنية بمكافحة الإرهاب الإيراني وإرهاب المليشيات التابعة لها فلا بد أن تعمل بقوة على تحريك الجامعة العربية ومجلس الأمن والمجتمع الدولي للوقوف مع الشعبين العراقي واللبناني، خاصة أن المخطط الإيراني كان غزو الخليج ودول عربية أخرى عبر مليشيات «الحشد الشيعي» في العراق وحزب إيران اللبناني في لبنان! فهل يقرأ العرب والخليجيون تحديدا هذه الانعطافة التاريخية المهمة في البلدين؛ لكي يتحركوا بموقف عربي داعم ضد خطر النظام في البلدين، اللذين تهيمن على سياستهما إيران؟! هل بالإمكان تحريك المجتمع الدولي ليقف ضد تلك المليشيات العميلة وإدراجها كملف إلى جانب «الملف النووي» وملف الصواريخ الباليستية باعتماد هذا التقرير الذي أكد ما نعرفه جيدا؟!
مشاركة :