بيروت «الخليج»: أنهى الحراك الشعبي، الذي يشهده لبنان شهره الأول، ودخل في الثاني، من دون أن تلوح في الأفق أية بوادر حلحلة، واستمر الشارع في منحاه التصعيدي، فيما سقطت المفاوضات الجارية على المسار الحكومي في محظور التسميات الخلافية، ضمن لعبة سياسية باتت مكشوفة، يُمارَس فيها تقاذف مريب لكرة العرقلة والتفشيل بين الجبهات السياسية. في هذه الأجواء، يبدو الواقع اللبناني مضبوطاً على غليان من دون سقف، بما ينذر، بتفاقم الأمور، وعلى الرغم من أن الحراك، أمس، تواصل في هدوء، ولم يتخلله قطع للطرقات، فإن الحركة التي انطلقت من عكار بواسطة ما سُمي «بوسطة الثورة»، التي كان مقرراً أن تجوب الساحل اللبناني وصولاً إلى صور مروراً بمحطات عديدة على طول الساحل، لم تلق ترحيباً في الجنوب اللبناني من قبل الحركة الاحتجاجية، بينما دعا ناشطون إلى تظاهرات حاشدة في ساحتي «رياض الصلح» و«الشهداء» وسط بيروت وباقي المناطق اللبنانية، اليوم الأحد تحت شعار «أحد الشهداء»، الذي يوافق اليوم ال31 على بدء الاحتجاجات. وفي السياسة، لا يوجد موعد محدد بعد للاستشارات النيابية المُلزمة بشأن تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة، وإن كانت أجواء القصر الجمهوري توحي باستعدادات رئاسية؛ لتحديد هذا الموعد في القريب العاجل، ولعل المناخات السلبية التي سادت في الساعات الأخيرة على إثر طرح اسم الوزير والنائب السابق محمد الصفدي لرئاسة الحكومة الجديدة، وما رافق ذلك من انعكاسات في الشارع وتحركات اعتراضية عليه من قبل الحراك الشعبي في أكثر من منطقة، هي التي فرضت التريّث في تحديد موعد الاستشارات، علماً أنّ بعض القوى السياسية المعنية بالملف الحكومي، كانت قد وُضعت في أجواء أنّ انطلاق الاستشارات الملزمة سيبدأ غداً الاثنين. وبحسب مصادر معنية بالمفاوضات الجارية بين رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري والمعاون السياسي لرئيس مجلس النواب علي حسن خليل والمعاون السياسي للأمين العام ل«حزب الله» الحاج حسين خليل، فإنّ الأمور عادت إلى النقطة التي كانت عليها غداة استقالة الرئيس الحريري، أي لا يوجد في نادي المرشحين لتشكيل الحكومة سوى الرئيس الحريري نفسه، فيما هو ما زال حتى هذه اللحظة غير قابل بالعودة إلى حكومة شبيهة بالحكومة المستقيلة؛ بل إلى حكومة بلا سياسيين، وهو طرح لا توافقه عليه قوى سياسية كبرى؛ مثل: التيار الوطني الحر إضافة إلى حركتي «أمل» و«حزب الله». وتبعاً للأجواء العنيفة، التي أعقبت طرح اسم الصفدي، والتي ترجمت بتحركات صدامية في الشارع، وبهجوم عنيف عليه من قبل مكونات الحراك الشعبي، فإنّ ذلك، بحسب المصادر نفسها، قد قَلل من حظوظه، التي أصبحت شبه معدومة. وسط هذه الأجواء، لم يعلن القصر الجمهوري عن تعيين أي موعد للاستشارات النيابية الملزمة على الرغم من تسريب مسألة الاتفاق على اسم الصفدي كرئيس مكلف، والذريعة أن الأمر يحتاج إلى المزيد من التشاور. وقالت مصادر متابعة لاتصالات بعبدا، إنه باعتبار أن الرئيس ميشال عون لم يحدد موعداً للاستشارات؛ فكل ما يقال في هذا المجال يدخل في خانة الافتراض على الرغم من التقدم الذي حصل بالموافقة على الصفدي. وأكدت المصادر المتابعة لاتصالات القصر الجمهوري، أن عون ليس بوارد أن يعيد الاصطفاف وفق قوى (8 و14 آذار)، وهو قضى عليه من خلال انفتاحه، ولا يريد إعادة إحيائه، بينما نفت مصادر مقربة من القصر الرئاسي في بعبدا أن يكون القصر الجمهوري على علم أو علاقة بكل ما صدر من تسريبات تتعلق بتشكيل الحكومة.
مشاركة :