طالب الاتحاد النسائي البحريني بإلغاء المادة رقم 353 من قانون العقوبات والتي تنص على أنه «لا يحكم بعقوبة ما على من ارتكب إحدى الجرائم المنصوص عليها في المواد السابقة إذا عقد زواجًا صحيحًا بينه وبين المجني عليها، فإذا كان قد صدر عليه حكم نهائي قبل عقد الزواج يوقف تنفيذه وتنتهي آثاره الجنائية». واعتبرت رئيسة الاتحاد النسائي بدرية المرزوق خلال مؤتمر صحفي حول المادة 353 من قانون العقوبات البحرينية الصادر عام 1976 عقد يوم أمس، أن الاغتصاب من أشد جرائم الاعتداء جسامة، ولا يمكن للتشريع أن يمنح حصانة قانونية لمجرم مغتصب في حال زواجه من الضحية ويسقط العقوبة، بل يجب أن تتناسب العقوبة وجسامة فعل الاغتصاب، وتكون غير قابلة للقفز أو التخفيف، تحت أي ظرف أو مسمى، مشيرة الى أن المادة مشوبه بالعيوب الدستورية.وأكدت المرزوق أن إعفاء الجاني من العقوبة بمجرد زواجه من الضحية يتعارض مع الحق العام، فهناك حق للمجتمع في إنزال العقاب بمن يعبث بأمنه واستقراره ويرتكب الجرائم بحقه، ولا يسقط الحق العام بمجرد زواج المرأة الضحية من الجاني وان تنازلت شخصيا.ولفتت الى أن بقاء المادة بمثابة المكافأة للجاني على جريمته، ووسيلة تمكنه من الإفلات من العقاب بالإضافة إلى أنها قد تصبح ذريعة محفزة للبعض للاعتداء على فتيات ثم يكون الزواج هو نهاية هذه الجريمة، كما يتوجب على المشرع مواءمة كافة القوانين والتشريعات ومواكبة التطورات التشريعية، بما يضمن إقرار الحقوق وحفظ كرامة المرأة، حيث تختلف الظروف المجتمعية والثقافية اليوم عن سابقتها عندما وضعت المادة 353. وأوضحت قائلة: «هناك مشكلة تحديد المستفيد من الاعفاء في حال تعدد الجناة وحدوث (اغتصاب جماعي)، إذ كيف سيتم اختيار شخص واحد من بين المجرمين ويتم اعفاؤه في حال زواجه من الضحية، واذا ما تم اعفاء المغتصب ذاته وهو الذي قام بالفعل الأشد، وهو أمر مستنكر، فكيف يستمر تطبيق العقوبة على الشركاء الذين أسهموا أو سهلوا فعل ارتكاب الجريمة».وأكدت أن بقاء المادة يعني انتفاء العدالة بالنسبة للمرأة ضحية الجريمة الجنسية كما أنه يعد انتهاكاً لحقوقها. من جهتها، اعتبرت عضو الاتحاد النسائي فريدة غلام أن «المادة 353 تخلُّ بأسس الزواج الصحيح الهادف الى تأسيس أسرة باختيار حر ورضا تام، فالمغتصب ليس زوجا، فالاغتصاب يتم بغير رضا المجني عليها فكيف يتم الزواج برضاها، وهنا التناقض في النص القانوني». وذكرت أن «الاغتصاب يعد من أفظع الجرائم وأكثرها ألمًا للمرأة»، مشيرة الى أنه «يستحيل إقامة علاقة زوجية أسرية سليمة بين جان مرتكب لجريمة ومجني عليها، بالإضافة الى إمكانية اصابتها بأمراض تناسلية نتيجة ارتكاب الجريمة أو حدوث حمل قسري، وإذا كان المغتصب من بيئة ثقافية مختلفة، غير متكافئة والمعتدى عليها من نواحي الفكر والعادات والتقاليد أو الدين؛ فإن تزويجها يضيف تعقيدات نفسية وإنسانية أكثر اليها».الى ذلك، أكدت نائب رئيس مجلس إدارة الاتحاد النسائي عضو الاتحاد النسائي زينب الدرازي ضرورة عدم ربط إلغاء المادة 353 بمبرر ارتباطها بمواد أخرى من قانون العقوبات البحريني، مشيرة الى أنه بالإمكان مراجعة المواد جميعا وإيجاد مخارج قانونية، دون أن تدفع المرأة الضحية المغتصبة ثمن الجريمة بحقها ومن حياتها خاصة.وأكدت الدرازي أهمية الاستفادة من المطالبات القائمة في دول عربية كثيرة لمراجعة القوانين الخاصة بالعقوبات وتنقيحها، وإزالة كل المواد التي تؤدي ذات المفاعيل وتعفي الجناة من جرائم ضد النساء.وخلص المؤتمر بخمس التوصيات أهمها الغاء المادة 353 من قانون العقوبات الحالي، باعتباره خطوة ضرورية لإنصاف المرأة البحرينية، ولابد أن يكون التشريع قاطعاً ومحدداً ولا يمكن الالتفاف عليه، وأن تبقى العقوبة ثابتة وينال من ارتكب الجُرم جزاءه حتى لو عرض الزواج.وأوصى الاتحاد بمراجعة كافة مواد قانون العقوبات لعام 76 وتعديل ما يلزم توافقا مع أفضل الممارسات والتجارب ومواثيق واتفاقيات حقوق الانسان، وتعهد الاتحاد النسائي بمواصلة مدافعته بمختلف الوسائل انتصارا لحقوق المرأة الانسان.
مشاركة :