دعا باحثون إلى عدم التهاون مع الانتهاكات والأخطاء في منصات الإعلام الجديد، مشددين على فرض الغرامات والتوقيف الفوري للمستخدمين الذين يجهلون النحو واللغة. يأتي هذا في وقت قلل فيه مشاركون اليوم في جلسات اليوم الثالث والأخير من مؤتمر (الإعلام الجديد واللغة العربية)، والذي تنظمه الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، من تأثيرات الإعلام الجديد على أداءات اللغة العربية بين الشباب كونها لا تشكل خطرًا على اللغة ولا على مستخدميها. في حين قال آخرون: إن من ينادي للهجة العامية أو اللهجات الملحونة ويشجع على اللغات الأخرى في أسلوب الخطاب والتواصل، فإنه يدعو للقطيعة والانزواء والشذوذ عن الأصل. مؤكدين على تقصير الأدباء والروائيين والباحثين عن استثمار معطيات التقنية، ومسايرة مستجدات التكنولوجيا خاصة التطبيقات الذكية. وأكدوا أن وسائل الإعلام الجديد أتاحت اليوم للجمهور أن يتحرر من السلطة التي كانت تفرضها عليه البلاغة قديمًا، فصار المتلقي يمكنه معرفة ما إذا كان هذا الخطاب يتلاعب به أم لا. لافتين إلى انحسار دور الرقيب في الكتابة التويترية عن الكتاب الورقي، مما يتيح للشاعر أن يحلق ويغرد بما يوافق قريحته، وتجربته الشعورية دون خوف من مقص أو حجب. في البداية قالت الأستاذ المساعد بجامعة تبوك د. إيمان بنت محميها الأسمري أنه لا يوجد مانع من التفاعل مع الوسم غير الفصيح على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" بلغة فصيحة، لأنه يُضفي على خطاب الوسم شيئًا من المرونة الممزوجة بروح العصر. وعدت عميدة كلية العلوم والآداب بعنيزة سابقًا د. بدرية بنت إبراهيم السعيد "تويتر" من أقوى وسائل التواصل الاجتماعي؛ وبخاصة في جانب الشعر. واعتبرته أداة تفاعلية بين الشعراء والمتلقين من محبي الشعر ومتذوقيه، وأنه يعد مجالاً رحباً للشعراء الكبار أو الصغار، فيما أشارت الأستاذ المساعد الأدب بجامعة الملك سعود د. حصة بنت زيد المفرّح إلى أن المواقع الشخصية والمدونات الأدبية تتوفر فيها معظم شروط الوصلات الإشهارية الحديثة، وفيها يتم تسليط الضوء على المنتجات الأدبية مع عرض أبرز ما يحتويه كل منتج ومواصفاته الفنية. من جانبه ذهب عضو هيئة التدريس بجامعة الطائف د. طلال بن أحمد الثقفي إلى أن التقنية شريك رئيس في إنتاج النص التفاعلي وتلقّيه؛ ولذلك اخترقت مكونات النص القارة في عرفنا التواصلي. في حين برأت عضو هيئة التدريس بجامعة تبوك د.عائشة بنت يحيى الحكمي المتلقي من قضية العزوف عن القراءة. بدروه دعا أستاذ الأدب والنقد المساعد بجامعة حائل د. فهد إبراهيم سعد إلى استنهاض الأفكار الجديدة لدى المبدعين؛ لإنتاج أعمال سردية ذات صبغة رقمية تواصلية لم تُثر بعد، كالإفادة من (سناب شات- واتساب – تليجرام) في إنتاج سرد مغاير. وأوضحت الباحثة أحلام بنت هندي القرني أن لغة الخطاب عبر وسائل التواصل الاجتماعي كلما كانت سهلة واضحة، كان الأثر المترتب منها أعظم، وكان استيعاب جميع فئات المجتمع لها أقوى. من جهته، أفادت الأستاذ المساعد بجامعة طيبة د. آمال يوسف المغامسي بأن "تويتر" فضاء إلكتروني يتسع لجميع الأطياف والثقافات، وارتباطه بالبلاغة عمومًا وبلاغة الإقناع خصوصًا شديد الوضوح. من جانب آخر بين الأستاذ المشارك في جامعتي الأزهر وتبوك د. علي يحيى نصر عبدالرحيم أن القصص القصيرة جدًّا والتي تنشر عبر منصات الإعلام الجديد تفتقد كثيرًا من المعايير النصية العامة وبعض الخصائص المميزة للبنية السردية المكثفة للقصة القصيرة جدًّا. مضيفًا بأن الغالب الأعم في القصص المنشورة يمكن تصنيفه من النمط العالي بلاغة وسرداً. وأوضحت وكيلة قسم الإعلام بجامعة الملك سعود أن د.أمل بنت محمد التّميمي "الأنا الفردية" في الثَّقافة العربية والإسلامية لها كيان وخطاب أدبي في الخطاب المكتوب والخطاب الإعلامي المرئي. كما أكد عضو هيئة التدريس بجامعة الباحة د. خالد الجميحي أنه تحقق عبر جدارية تويتر تأثير جيد أدى إلى استقبال المنتج الشعري بطريقة إيجابية توحي بالوعي الجماهيري بالشعر الفصيح؛ ولهذا فقد كانت هناك شريحة كبيرة اهتمت بالإنتاج الشعري مما يوحي كسر الأفق الذي يقول إن الشعر الفصيح يعيش في حالة انكسار وكساد. بدوره أوضح الأستاذ المشارك بالجامعة الإسلامية د. عبدالرحمن بن دخيل ربّه المطرفي أنّ التقنية بفضائها الرحب ووسائلها المرنة جدّاً قد أثّرت تأثيراً كبيراً في حياة النّاس، وسلوكهم، والعلاقات بينهم، ممّا يستدعي رصد ذلك كلّه، وتحليله، وتقييمه. إلى هذا أوصى أستاذ البلاغة والنقد المساعد بجامعة الطائف د. أحمد بن عيسى الهلالي بأن تتعاون وزارة الثقافة ووزارة الإعلام على استحداث تنظيم خاص للمبادرات الثقافية بصفة عامة، والمبادرات اللغوية والأدبية بوجه خاص، بالإضافة إلى أن حث الجامعات الباحثين وطلاب الدراسات العليا إلى دراسة محتوى المبادرات الأدبية واللغوية وتقييمه، وتوجيه النصح إلى القائمين عليها بما يزيد من حضورها وفاعليتها. وأخيرًا قال أستاذ اللغويات بجامعة الملك عبدالعزيز، د. محمد سعيد ربيع الغامدي إن فكرة انتهاك حقوق المؤلفين الفكرية عند نشر الكتب على الشبكة العنكبوتية تعرض النشر الورقي للخسارة، مما قد يؤدي إلى موت النشر ثم إلى موت الكتاب.
مشاركة :