حكاية الألماني العبيط

  • 11/20/2019
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

بما أنني كتبت كثيرا عن البله الذي يجعل كثيرين منا يسلمون رقابهم للمشعوذين، ومن بين هؤلاء المشعوذين أولئك الغربيون الذين يأتون إلى بلداننا ونسميهم استشاريين، فقد رأيت اليوم أن أحلّ عنكم لأحكي لكم عن المليونير الألماني، الذي ما ان التقى بالنبيل البريطاني السير روبرت سكوت مكميلان، حتى حسب أنه عثر أخيرا على الشريك المبدع الجهبذ في مجال المال والأعمال، فمكميلان يحمل لقبا وراثيا رفيعا، ولديه ضيعة في سكتلندا، (رجاء لا تبدأوا اسم هذا البلد بحرف ألف لا وجود له، فهي مثل سويسرا تبدأ بحرف أس الذي يقابله السين الساكنة عندنا) ولمكميلان علاقات واسعة بالأوساط التجارية في أوربا وأمريكا، ورأسه مليء بمشاريع تقطر ذهبا وأوراقا نقدية، وبالتالي فإن المليونير الألماني لم يتردد في تحويل مليوني دولار أمريكي إلى الحساب المصرفي للسير مكميلان في لندن، بوعد أن يتضاعف المبلغ في غضون شهر واحد، وبعد ان وصلت الحوالة البرقية من ألمانيا إلى بريطانيا اختفى النبيل البريطاني، واختفى معه المشروع المعجزة، واتضح انه بلطجي، نصاب، واتضح ان المليونير الألماني عبيط وبـ«ريالة»، فقد وثق في النبيل الوهمي دون ان يلتقيه بعد مراسلات بالبريد الإلكتروني، ولا استبعد ان يكون مكميلان هذا يعمل خبيرا ماليا أو طبيبا في بلد عربي، حيث «الرك والكلام ع اللون»، وبالتالي فإن أمثال أبى الجعافر لا يصيبون سوى الفتات من خير العرب، بسبب لون بشرتهم الكالح. كنت ضيفا على برنامج على مسؤوليتي للفنان السوري دريد لحام في بيروت على قناة أم بي سي، ذات مرة، وجاء ذكر عنصرية الغرب وكيف أن الأمريكان يضطهدون السود وذوي الأصول اللاتينية، فأخرجت من جيبي كيسا من الفستق المعروف باسم الفول السوداني، وسالت الفنانة السورية أمل عرفة التي كانت ضيفة ايضا على البرنامج: ماذا تسمون هذا فارتج عليها لبعض الوقت وسألتني: ما راح تزعل؟- كاد المريب ان يقول خذوني- فقلت لها: لو كنت سأزعل لما سألتك، لأنني اعرف سلفا أنكم تسمونه فستق عبيد!!!، فطالما انه يأتي من إفريقيا فهو يخص «العبيد»! ما علينا، وعودا على بدء أقول ان بنا ضعفا شديدا تجاه الأجناس الأوروبية، ذات البشرة الفاتحة، ونضفي على الصعاليك وشذاذ الآفاق الذين يفدون إلى بلادنا لقب «خبير أجنبي»، وبالمقابل فإن جعفر بن عباس بن شداد العبسي، ما كان سيقع الوقعة البليدة التي وقعها المليونير الألماني، حتى لو كان الأمر يتعلق بدولارين فقط لا غير، ورغم انني اخطط منذ سنوات طويلة للاقتران بامرأة ثرية تكون وحيدة أبويها، ويفضل ان تكون أمها متوفاة، وأبوها مصابا بالشلل الرعاش وضيق صمام القلب والسكري والعشى الليلي، والتهاب البروستات والباسور والنقرس والروماتيزم والزهايمر، إلا انه لم يكن واردا ان تستكردني أو تستعبطني تلك المرأة التي راسلتني عبر الإنترنت، وطلبت يدي زاعمة انها تملك الملايين التي ورثتها عن زوجها الراحل، وطلبت مني ان استوثق من مزاعمها بركوب الطائرة لمقابلتها في باريس أو لندن، فقلت لها: طز فيكِ (وكما قلنا من قبل فإن طز هذه كلمة غير نابية لأنها تعني في التركية الملح وأتى علينا حين من الدهر لم يكن يمر فيه شهر دون أن يخطب الزعيم الليبي معمر القذافي وتأتي على لسانه عبارة: طز في أمريكا، وبداهة فإن ابي الجعافر أعقل من ان «يطزطز» أمريكا في هذا المنعطف العولمي الحاد من تاريخ امتنا الفتية. ثمة سؤال غير بريء: هل وصف امتنا بالفتية من باب المدح المراد به الذم؟ أقصد اننا ظللنا «فتية» لأكثر من قرن فمتى نبلغ الرشد ونميز بينه والغي الفتيّ؟؟؟، المهم: لأن ابي الجعافر شاطر ومكحَّلٌ بالشطة فقد أدرك ان تلك السيدة «داخلة على طمع»، وحسبته عريس الغفلة فأرادت استدراجه إلى أوربا لتوقعه في حبائلها، ولو كان فيها «خير»، لزودتني بتذكرة السفر!! أقصد انها لو كانت بنت عز فعلا لما فات عليها ان تتحمل عني نفقات السفر، وان تزودني بعينات مجانية من ثروتها كبادرة حسن نية!

مشاركة :