زار الرئيس جمال عبدالناصر البحرين في صباح يوم 2 مايو 1955 عندما توقفت الطائرة التي تقله للتزود بالوقود في مطار البحرين. ويقول عبدالرحمن الباكر عن هذه الزيارة: «حينما مر بالبحرين الرئيس جمال عبدالناصر، استقبل استقبالاً عظيماً بالرغم من عدم معرفة معظم سكان البحرين بقدومه حتى أنني أُخبرت في آخر لحظة وهرعتُ إلى المطار وكانت الطائرة على وشك الإقلاع، وبدون اهتمام بالمسؤولين البريطانيين ومستشار حكومة البحرين، أوقفتُ الطائرة وصعدتُ إلى داخلها وحييتُ بطل العروبة وأبديتُ تأسفي باسم شعب البحرين بأننا لم نعلم مسبقاً بمروره وإلَّا لقمنا بما يليق بمقامه ومنزلته عندنا من حفاوة وتكريم». وكما ذكرنا فقد اشتمل الكتاب على شهادات لـ55 شخصية من أعلام البحرين في مختلف المجالات السياسية والثقافية والفنية والتي عاصرت فترة حكم عبدالناصر، ومن بين هذه الشخصيات المرحوم الأستاذ جاسم مراد وهو عضو سابق في المجلس الوطني حيث قال: حين قيام ثورة 23 يوليو 1952 كنت متواجداً في مصر، حيث شهدت الحدث التاريخي. وبدأت بعدها الأحداث تتوالى في مصر، وحين تولى عبدالناصر زمام الرئاسة، اتضحت أهداف الثورة لقيادة الرئيس جمال عبدالناصر الذي كان مؤمناً بالقومية العربية والوحدة العربية والعدالة الاجتماعية ودحر الاستعمار عن الدول العربية واستقلالها، وكنا في البحرين قبل زمن عبدالناصر نتوق للحرية والاستقلال، فجاءت الثورة المصرية بقيادة جمال وأهدافها فأكدت مطالبنا بالحرية والاستقلال ومقاومة الاستعمار البريطاني. وفي زمن عبدالناصر قامت الجامعات المصرية باستقبال الطلبة البحرينيين والعرب للدراسة في كلياتها المختلفة، حيث درسوا العديد من التخصصات كالطب والهندسة وغيرها من التخصصات مما أسهم في الوعي والثقافة والمهن العلمية التي استفادت منها البحرين. ومن ذكريات الشاعر والناقد الدكتور علوي الهاشمي حول هذه الفترة نقتطف هذه الفقرة: «في حياتي عدد من المحطات كان الرئيس جمال عبدالناصر يشكل فيها جزء من تكويني الشخصي، منذ أن كنت في صباي الأول، حيث أذكر أني حينما كنت في التاسعة أو العاشرة من عمري أي في عام 1954 أو عام 1955 م، وتحديداً عندما جاء جمال عبدالناصر إلى البحرين عن طريق مطار البحرين متجهاً عائداً من مؤتمر باندونغ وهي المحطة الأولى لي حين أدركت حب أهل البحرين وتعلقهم بعبدالناصر، حيث انتقل شعب البحرين إلى مطار البحرين لإلقاء نظرة عليه، حيث أذكر جيداً فقد كنت أنا وأبي وعمي في سيارتنا، انطلقنا من البيت في المنامة في فريق المخارقة، قاصدين مطار البحرين بالمحرق، وحين شاهدنا شدة الازدحام المروري عند الإرسالية الأمريكية والتي تقع بجوار الكنسية، واستمر الازدحام والسيارات متوقفة أكثر من ساعة، وكان طابور السيارات المزدحمة المتوقفة ممتداً إلى المحرق، وبعد ساعة ونصف عدنا إلى البيت في فريق المخارقة حيث لم يتسن لنا مواصلة السير إلى المحرق للمشاركة في استقبال عبدالناصر.». «كنت حينها أهوى رسم الشخصيات فرسمت صورة أم كلثوم ومحمد عبدالوهاب، ومن ضمن الشخصيات التي رسمتها الرئيس جمال عبدالناصر، وكان معي في الصف الأستاذ الكاتب إبراهيم بشمي، وقد قام بتصويري بكاميرته وأنا أحمل الورقة التي رسمتُ فيها صورة جمال، وأعتقد أن هذه الصورة لاتزال بحوزة الكاتب إبراهيم بشمي حتى الآن.». المصدر: كتاب البحرين في زمن جمال عبدالناصر. تأليف: إبراهيم ناصر الدوسري.
مشاركة :