خروج الأبناء.. مسـاحـة حـرية مقيدة بشروط وضوابط

  • 11/22/2019
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

تحقيق: هند مكاوي عندما يبلغ الأبناء سناً معينة تظهر لهم متطلبات تتناسب مع أعمارهم، منها الاستقلالية والخروج مع أقرانهم بمفردهم، وهذا تطور طبيعي، وربما يؤدي حرمانهم من ذلك إلى مشاكل نفسية واجتماعية. بالتالي يجب أن يترك الآباء لهم مساحة مع الحرية مقترنة بضوابط وتوجيهات، ورقابة وتدخل فوري إن لزم الأمر. والأسرة هي المدرسة الأولى للأبناء، وتقع عليها مسؤولية غرس القيم والمبادئ الدينية والأخلاقية في أذهانهم وتعاملاتهم اليومية لتكون ركائز ترشدهم.تقول ليلى أمين، أم لثلاثة أبناء في أعمار مختلفة تتراوح من 5 إلى 14عاماً: «يجب أن يترك الآباء مساحة لأبنائهم للتعبير عن أنفسهم ولاختيار الأصدقاء والتخطيط لطلعات والخروج معهم، ولكن في حدود المسموح والالتزام بالمبادئ الأخلاقية التي نشؤوا عليها، فهذا يعمل على تقوية شخصياتهم ويكسبهم خبرات ومهارات التعامل مع الآخر ويساعدهم على فهم الواقع بشكل أكبر ويجب علينا كآباء أن نكون دائمي التنبيه والتحذير من المخاطر التي قد يتعرضون لها أو المواقف التي ربما تصادفهم وكيفية التعامل معها بوعي وأن نكون أصدقاء لأبنائنا حتى يطمئنوا لنا في البوح بأسرارهم والفضفضة عن المشاكل التي يتعرضون لها»وتوضح مريم عبدالله، موظفة: «لديّ ابنة وابن وبطبيعة الحال التعامل مع البنت مختلف عن التعامل مع الولد فمساحة الابن من الحرية أكبر مما يجعل ابنتي تتمرد على الضوابط التي أضعها فدائماً أكون مصاحبة لابنتي ذات ال 11عاماً في طلعاتها مع أصدقائها بأن أكون في نفس المكان الذي يوجدون فيه ودائمة الاتصال بها للاطمئنان عليها وأحياناً أتفق مع والدات أصدقائها ونتعرف ونجتمع سوياً في نفس المكان الذي تقرره الفتيات، بينما ابني أتركه يذهب بمفرده مع أصدقائه ولا يشترط أن أحضر معه في نفس المكان ولكن أحدد له وقتاً محدداً للعودة لا يتأخر عنه وعليه الالتزام به وأحذره دائماً من أصدقاء السوء والابتعاد عنهم».تؤكد منى عبد الجليل، ربة بيت، عدم إمكانية تحديد عمر معين يجب السماح للأبناء الخروج بمفردهم، وتضيف: «يرجع القرار في تحديد العمر المناسب الذي يعتمد فيه الأبناء على أنفسهم في التمييز بين الصواب والخطأ وإلى مدى نضج الشخصية والعقل. فنجد أحياناً أبناءً أعمارهم تفوق الخمسة عشر عاماً ولكن تفكيرهم محدود وغير قادرين على اتخاذ قرار ودائماً يستعينون بآبائهم في كل كبيرة وصغيرة، وربما يرجع ذلك لحرص الآباء الشديد على عدم مفارقة أبنائهم وفرض أرائهم وعدم ترك لهم مساحة من الحرية ظناً منهم أن ذلك لصالحهم فينشأ الأبناء ولديهم مخاوف من الآخرين ولا يملكون القدرة على مواجهة الحياة الواقعية». الأمور الوسط لدى منصور جاسم، موظف، عدة محاذير تجاه السماح لخروج الأبناء بمفردهم، ويقول: «دائماً خير الأمور الوسط فلا ندع الحبل على الغارب ولا نمسك به بشدة حتى لا ينقطع. والحياة عبارة عن مدرسة كبيرة نتعلم فيها من أخطائنا ومن تجارب الآخرين. ومن غير المعقول أن أعامل أبنائي كما كان يعاملني والدي، أسمح لأبنائي بالخروج مع وجود قائمة من الممنوعات نتفق عليها. وأعطيهم أسباباً مقنعة لتلك المحظورات.وتقول روان عيسى، طالبة ثانوي: «أحب دائماً الاجتماع مع صديقاتي في بيوت إحدانا أو في الحدائق أو المراكز التجارية وأشعر بسعادة كبيرة أثناء تجمعنا لأننا من جنسيات مختلفة وهذه التجمعات تثري ثقافتنا وتثقل من شخصيتنا. إذ تقوم كل منا بالحكاية عن حياتها أثناء الطفولة في بلدها الأم وعاداتهم وتقاليدهم، ولكن تشترط والدتي دائماً أن تكون على معرفة بوالدات صديقاتي ولديها أرقام هواتفهن وتقوم دائماً بتوصيلي للمكان الذي نخطط للاجتماع فيه وتؤكد عليّ عدم مغادرة المكان والذهاب لمكان آخر كما أنها تكون دائمة الاتصال بي على الهاتف للاطمئنان وهذا من منطلق حرصها وخوفها عليّ، كما أنها أحياناً تتعرف على صديقاتي من باب المعرفة على شخصياتهن وبعض الأحيان تحضر والدتي معي تجمعاتي مع أصدقائي وأكون أنا وأصدقائي سعداء للغاية لوجودها معنا لأن والدتي هي صديقتي المقربة» صراع وتحدٍّ تقول د.آلاء الطائي، عضو هيئة تدريس بقسم علم الاجتماع في كلية الآداب والعلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة الشارقة:«الانسلاخ عن الأسرة أمر فطري وطبيعي، فكل الأفراد في المجتمع يحاولون رسم علاقات مع البيئة الخارجية المحيطة بهم. فنرى أن الآباء اليوم في حالة من الصراع والتحدي بين ما هو مسموح وما هو مرفوض لأبنائهم. فَنجدهم في حيرة بين منح الثقة وبناء شخصيات سليمة وبين مخاوف المخاطر المحدقة بأبنائهم من الرفقة السيئة والإدمان على المخدرات وغيرها من السلوكيات غير السوية في ظل عالم متغير ومنفتح على الثقافات الأخرى. وعليه نشخص عدة عوامل تحكم قرارات الآباء بالسماح للأبناء بالخروج بمفردهم لعل أهمها هو (السن المناسبة للخروج )، فنلاحظ قرار الآباء بالسماح لأبنائهم بالخروج بمفردهم يتناسب طردياً مع تقدم الأبناء في السن فكلما تقدم الابن في السن، زادت مساحة الثقة والحرية الممنوحة له في ضوء المراقبة والتوجيه غير المباشر.تضيف الطائي: «من واجب الآباء التحري عن رفقة أبنائهم ومتابعتهم لتفادي السلوكيات والمواقف السلبية التي قد تعرضهم لمخاطر عدة مثل حوادث الدهس أو التحرش أو التفحيط أو الإدمان أو التنمر. ويجب أن يحرص الآباء على متابعة المواقع الإلكترونية التي يستخدمها أبناؤهم خوفاً من اكتساب أفكار تحررية تشجع الأبناء على الانقياد خلف رغباتهم في الاستقلالية الزائفة على حساب صحتهم النفسية والجسدية وعلاقاتهم مع أفراد الأسرة.وتوضح: يجب تحديد نوع العقوبة المناسبة لمخالفة الأبناء لأحد الشروط المتفق عليها لتكون رادعة لهم من التعثر بمطبات الحياة السلبية ومخاطرها. إذن «مسك العصا من المنتصف» حل مثالي للآباء الذين يفرطون في منح الثقة للأبناء، والآباء الذين يخشون من خروج أبنائهم واختلاطهم بفئات أخرى.

مشاركة :