لا تنشأ وصفات السياسات عن هذه المبادئ الثلاثة وحدها. فما يميز خبراء الاقتصاد الكينزي عن غيرهم من الاقتصاديين هو إيمانهم بفاعلية السياسات في تقليص مدى الدورة الاقتصادية التي يصنفونها ضمن أهم المشكلات الاقتصادية. وبدلا من النظر إلى عدم توازن الموازنات الحكومية باعتباره خطأ، أيد كينز ما يطلق عليه سياسات المالية العامة المضادة للاتجاهات الدورية التي تعمل ضد اتجاه الدورة الاقتصادية. فعلى سبيل المثال يؤيد خبراء الاقتصاد الكينزي الإنفاق بالعجز على مشاريع البنية التحتية كثيفة العمالة لتحفيز التوظيف وتحقيق الاستقرار في الأجور خلال فترات الهبوط الاقتصادي. ويتم رفع الضرائب لتهدئة الاقتصاد وكبح التضخم عندما يكون هناك نمو كبير في جانب الطلب. ويمكن أيضا استخدام السياسة النقدية لتحفيز الاقتصاد عن طريق خفض أسعار الفائدة، مثلا، لتشجيع الاستثمار. ويحدث الاستثناء خلال مصيدة السيولة، عندما لا تؤدي الزيادة في الرصيد النقدي إلى خفض أسعار الفائدة ولا تؤدي، بالتالي إلى زيادة الناتج والتوظيف. وقال كينز إن الحكومات ينبغي أن تحل المشكلات على المدى القصير بدلا من انتظار حلها عن طريق قوى السوق على المدى الطويل، سنكون جميعا في عداد "الطويل، لأنه، كما كتب، ولا يعني ذلك أن خبراء الاقتصاد الكينزي يؤيدون تعديل" الأموات. السياسات كل بضعة أشهر لإبقاء الاقتصاد عند مستوى التوظيف الكامل. ففي واقع الأمر هم يعتقدون أن الحكومات لا يمكن أن يكون لديها المعرفة الكافية لإجراء التعديل بنجاح. رغم أن أفكار كينز قد حظيت بقبول واسع النطاق عندما كان على قيد الحياة، إلا أنها أصبحت موضع تمحيص وتشكيك من جانب عديد من المفكرين المعاصرين. وما يجدر ذكره بوجه خاص خلافاته مع المدرسة النمساوية للاقتصاد التي اعتقد مؤيدوها أن حالات الركود والانتعاش هي جزء من النظام الطبيعي وأن تدخل الحكومة لا يؤدي إلا إلى إضعاف عملية التعافي. وقد سيطر الاقتصاد الكينزي على النظريات والسياسات الاقتصادية بعد الحرب العالمية الثانية وحتى سبعينيات القرن الـ20، عندما عانى عديد من الاقتصادات المتقدمة التضخم وتباطؤ النمو، وهي حالة يطلق عليها اسم "الركود التضخمي". وقد تراجعت شعبية النظرية الكينزية آنذاك حيث لم توفر استجابة ملائمة على صعيد السياسات إزاء الركود التضخمي. وقد شكك خبراء الاقتصاد النقدي في قدرة الحكومات على تنظيم الدورة الاقتصادية من خلال سياسة المالية العامة وأشاروا إلى أن الاستخدام الحصيف للسياسة النقدية خاصة التحكم في عرض النقود للتأثير في أسعار الفائدة، قد يخفف من حدة الأزمة "راجع ما هي المدرسة النقدية". في عدد آذار (مارس) 2014 من مجلة "التمويل والتنمية"، وقد أكد أعضاء المدرسة النقدية كذلك أن النقود يمكن أن تؤثر في الناتج في الأجل القصير لكنهم اعتقدوا أن السياسة النقدية التوسعية لا تؤدي في الأجل الطويل إلا إلى التضخم. وقد عمل خبراء الاقتصاد الكينزي بجزء كبير من هذه الانتقادات، وذلك عن طريق دمج منظوري الأجلين القصير والطويل بشكل أفضل في النظرية الأصلية ومراعاة أي فكرة أن التغير في الرصيد مفهوم حياد النقود في الأجل الطويل النقدي يؤثر فقط في المتغيرات الاسمية في الاقتصاد، مثل الأسعار والأجور، ولا يؤثر في المتغيرات الحقيقية، مثل التوظف والناتج. وقد بات خبراء الاقتصاد النقدي الكينزي والنقدي تحت المجهر مع صعود المدرسة الكلاسيكية الجديدة خلال منتصف السبعينيات من القرن الـ20 وأكدت المدرسة الكلاسيكية الجديدة عدم فعالية صناع السياسات لأن الأفراد المشاركين في السوق يمكنهم التنبؤ بتغيرات السياسات ويعملون على مواجهتها سلفا. وقد أشار جيل جديد من خبراء الاقتصاد الكينزي ظهر في سبعينيات وثمانينيات القرن الـ20 إلى أنه رغم قدرة الأفراد على التنبؤ بشكل صحيح، فإن الأسواق المجمعة قد لا تتوازن على الفور، وبالتالي، يمكن أن تظل سياسة المالية العامة فعالة في المدى القصير. وقد تسببت الأزمة المالية العالمية عامي 2007 و2008 في إحياء الفكر الكينزي. وكان هذا الفكر هو الأساس النظري للسياسات الاقتصادية التي استخدمتها حكومات عديدة في مواجهة الأزمة، بما في ذلك الولايات المتحدة والمملكة المتحدة. ومع انتشار الركود، العالمي أواخر عام 2008، كتب جريجوري مانكيو الأستاذ في جامعة هارفارد، في صحيفة "نيويورك تايمز" إذا كنت ستلجأ إلى اقتصادي واحد فقط لتفهم المشكلات التي تواجه الاقتصاد، لا يوجد أدنى شك في أن هذا الاقتصادي سيكون جون مينارد كينز. فرغم وفاة كينز منذ أكثر من نصف قرن، إلا أن تشخيصه للركود والكساد لا يزال أساس الاقتصاد الكلي الحديث. وقد كتب كينز "الرجال العمليون، الذين يعتقدون أنهم بعيدون تماما عن أي تأثير فكري، عادة ما يكونون عبيدا لأحد الاقتصاديين الراحلين". ففي عام 2008 لا يوجد من الاقتصاديين الراحلين من هو أشهر من كينز نفسه. لكن أزمة عامي 2007 و2008 بينت كذلك أنه كان ينبغي لنظرية كينز أن تشمل دور النظام المالي. ويعمل خبراء الاقتصاد الكينزي على معالجة هذا السهو من خلال دمج القطاعين الحقيقي والمالي في الاقتصاد.
مشاركة :