الخصاونة يكتب: وزيرا التربية والتعليم العالي وتداعيات التوجيهي

  • 11/23/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

حظي امتحان الثانوية العامة الأردني (التوجيهي) بالمصداقية محليا ودوليا من حيث كونه مؤشر موثوق لقياس مستوى الكفايات المعرفية والقدرات والمهارات لطلبة الثانوية العامة.عمر التوجيهي هو موازي لعمر الدولة الأردنية، وقد كان دوما مرآة تعكس إمكانات الطلبة وقدراتهم الذهنية بدلالة علاقة الارتباط المعتبرة بين نتائج هذا الامتحان وتحصيل الطلبة في الجامعات.أكثر من 60 وزير تربية وتعليم تناوبوا على هذه الوزارة منذ تأسيس الدولة الأردنية ولم تهتز الثقة يوما بصورة ومصداقية التوجيهي الأردني إلا في فترتين هما عام ٢٠١١ وعام ٢٠١٩.ففي عام ٢٠١١ لم تكن نتائج الثانوية العامة حقيقية ،ليس بسبب خلل في وسائل القياس ونوعية الأسئلة ،ولكن بسبب حالة الفوضى في ضبط تنفيذ الامتحان ،والاستقواء على مراقبي الامتحان، وحالات الغش الواسعة ،واستخدام وسائل تقنية متطورة وتسخيرها للغش، ناهيك عن الرخاوة في الرقابة على الامتحان واستخدام مآذن المساجد في حل الأسئلة وتغشيش الطلبة. عانت جامعاتنا من ذلك الفوج من خريجي الثانوية العامة أشد المعاناة ،وقد أسر لي أحد رؤساء الجامعات الرسمية بأن جامعته بقيت تعاني من ذلك الفوج حتى عام ٢٠١٥.أما الفترة السوداء الثانية في مسيرة امتحان التوجيهي فكانت في العام ٢٠١٩ الذي شهد انتكاسة كبيرة في نتائج التوجيهي لم يكن مردها الغش ولكن كان سببها الامتحان نفسه ونوعية الأسئلة.أسئلة الامتحان كانت تستهدف المستويات المتوسطة والأقل من المتوسطة من شرائح الطلبة ،ولم يحتوي الامتحان على أسئلة تقيس القدرات العالية للطلبة بحيث أن الامتحان لم يتمكن من إفراز شرائح الطلبة المتفوقين وتمييزهم عن غيرهم.الامتحان ركز في معظمه على اجترار المعلومات واختبار القدرة على الحفظ والتذكر ولم يشتمل على قدر ولو بسيط لاختبار القدرة على التحليل والاستنباط والقياس، وهي بكل المعايير قدرات عاليه لا يمتلكها جميع الطلبة، وبالتالي أخفق الامتحان في إفراز وتمييز الفئة التي تمتلك هذه القدرات. ولعل السؤال المشروع هنا هو ما الذي حصل في هذا العام وحال دون مصداقية التوجيهي وأحدث فوضى العلامات بحيث أن إعداد الطلبة المتفوقين ممن احتصلوا على معدل فوق ٩٠ وصلت لمستويات فلكية استدعت بالضرورة التوسع في القبول الجامعي وإغراق الجامعات بأعداد هائلة من الطلبة تفوق قدراتها؟ إن جسامة الموضوع وفداحة الأذى الذي لحق بالوطن جراء هذا الامتحان في العام المذكور تستأهل فتح لجنة تحقيق محايدة مع وزير التربية والتعليم السابق والمسئولين ذوي العلاقة للوقوف على الأسباب التي أدت لذلك. إننا نعتقد بأن مسؤولية وزير التربية والتعليم الجديد الدكتور تيسير النعيمي ومديرية الامتحانات في الوزارة مسؤولية كبيرة للكشف عن الحقائق ومحاسبته الشخوص الذين لم ينهضوا بمسؤولياتهم. إن تشكيل لجنة تحقيق لمعرفة لماذا تمت إناطة مسؤولية وضع أسئلة امتحان التوجيهي بمعلمين فقط دون إشراك مدراء التربية، والخبراء، والمستشارين التربويين، كما جرت العادة في الأعوام السابقة!.المعلمين، كما يبدوا، تعاملوا مع امتحان التوجيهي مثل تعاملهم مع الامتحانات اليومية لطلبتهم ،في حين أن مدراء التربية والخبراء يراعون التنوع في الأسئلة لقياس القدرات والكفايات المختلفة لشرائح متعددة بهدف أن تعكس نتائج الامتحان قدرات هؤلاء الطلبة، وتفرز الطلبة المتفوقين عن المتوسطين ودون المتوسطين.ويبقى السؤال لماذا حدث ذلك ومن يتحمل المسؤولية والذي تصعب الإجابة علية دون تشكيل لجنة تحقيق ذات مستوى عالي حتى لا يتكرر الخطأ ولتجنب تكرار مثل هذا الخطأ الجسيم مستقبلا.السؤال الثاني والذي لا يقل أهمية عن سابقه هو ما الذي تم اتخاذه من إجراءات من قبل وزارة التعليم العالي ووزيرها الجديد الدكتور محي الدين توق والجامعات عموما لمتابعة أداء طلبة الفوج الأخير من خريجي التوجيهي عام ٢٠١٩؟. بعض المؤشرات الأولية تدعوا إلى القلق والاهتمام في بعض الكليات العلمية وخصوصا الطبية في بعض الجامعات، حيث احتصل طلبة الطب ممن معدلاتهم في التوجيهي فوق ٩٩ في الامتحان الأول في مساق مهم على نتائج مثيرة للفزع.يكفي الإشارة إلى انه من بين ٤٠ طالب ممن معدلاتهم فوق ٩٩ نجح اثنين في الامتحان الأول واخفق طالبا ٣٨ !!!!إنها مهمة كبيرة تقع على عاتق وزيري التربية والتعليم العالي لمتابعة نتائج التوجيهي من حيث أسباب ما حصل ومن حيث التداعيات والآثار السلبية لما حصل وما يمكن فعله لتخفيف هذه الآثار حيث يختص الشق الأول بوزير التربية والشق الثاني بوزير التعليم العالي.ما حصل في امتحان التوجيهي ونتائجه غير المسبوقة ،واضطرار الحكومة لقبول معظم الطلبة في الجامعات لأسباب سياسية وإدارية ،وربما للتغطية على انتكاسة ،أو ربما إهمال كبير لدى الجهات المنوط بها إعداد وتصميم امتحان الثانوية العامة، هذا كله يستدعي من وزير التربية المختص في القياس والتقويم لمراجعة ما حدث وتقديم تقرير شفاف للأردنيين الذين من حقهم أن يعرفوا الحقائق المتعلقة بأبنائهم ووطنهم. ما حصل في امتحان التوجيهي لا يرقى إلى مستوى الفضيحة فحسب بل يرقى إلى مستوى الجريمة التي سنضطر للتعايش معها لسنوات وستؤثر على سوية وجودة التعليم العالي في الأردن لسنوات عديدة قادمة. إنها دعوة إلى الحكومة ممثلة بوزيري التربية والتعليم العالي أن لا يدعا هذه الانتكاسة والكبوة الكبيرة في امتحان التوجيهي الأردني تمر دون مراجعة وتصويب ومحاسبة.امتحان الثانوية العامة كان دوما محل ثقتنا وثقة جامعاتنا والجامعات العربية والأجنبية من حيث مصداقيته كمؤشر على قدرات الطلبة وينبغي أن نحافظ عليه ونطوره لتحقيق مزيد من المصداقية والموثوقية فهل من مدكر؟.

مشاركة :