بموجب الدستور الأردني فإن الوزارات تعمل بموجب قوانين منشأة لها،وأنظمة وتعليمات تنظم سير شؤونها وصلاحياتها ومجال اختصاصاتها.صحيح أن عمل الوزارات المختلفة يكمل بعضه البعض باعتبار أن هذه الوزارات هي الأذرع التنفيذية للحكومة وبرامجها وسياساتها،لكن لكل وزارة اختصاص ومجال محدد بموجب القانون ،ولا يجوز أن يكون هناك توسع في صلاحيات وزارة على حساب وزارة أخرى.فقوانين العمل والعمال تنظم عمل وزارة العمل ،وقوانين التعليم العالي والجامعات الأردنية واعتماد مؤسسات التعليم العالي تنظم عمل وزارة التعليم العالي والبحث العلمي.لا نريد أن ندخل في القضية الجدلية المتعلقة بإنجازات وزارة العمل، وما ينفخ في الإعلام يوميا عن آلاف فرص العمل التي تم إيجادها، ومدى توافقها مع الوقائع على الأرض ومساهمتها في خفض نسب البطالة، فهذه قضية متروكة لتقييم رئاسة الحكومة والأجهزة الرقابية الأخرى.القضية محور هذا المقال تتعلق ببعض التوجهات التوسعية في صلاحيات وزارة العمل على حساب صلاحيات ومجال اختصاص وزارة التعليم العالي والجامعات الأردنية. ففي حين أن وزير التعليم العالي والبحث العلمي قد استهل عمله بتصريحات ووعود خلقت أجواء ايجابية حول استقلالية الجامعات وضرورة إنفاذ القوانين التي منحت هذه المؤسسات الأكاديمية شخصيات اعتبارية مستقلة لتمكنها من اتخاذ قراراتها بحرية تلاءم طبيعة العمل الأكاديمي الذي تمارسه، فإن إصرار وزارة العمل وكبار المسئولين فيها على تضييق الخناق على الجامعات فيما يتعلق باستقدام الأساتذة من الدول العربية للتدريس في بعض تخصصاتها يعد انتهاكا لمبدأ الاستقلالية للجامعات ويتناقض مع تصريحات الوزير المختص المعني وهو في هذه الحالة وزير التعليم العالي.وزارة العمل وفي إطار تجاوبها مع بعض الضغوط التي يمارسها المتعطلين عن العمل من حملة الدكتوراه بدأت بمضايقة الجامعات الرسمية في مجال استقدام المتخصصين الأكفاء من الدول العربية أو التجديد لهم.لا أعلم كيف يستوي الأمر بأن تقوم وزارة العمل بطلب السيرة الذاتية والإنتاج البحثي لأستاذ كبير وعالم جليل معروف على المستوى العالمي وليس على المستوى المحلي فقط للنظر بها من أجل اتخاذ قرار بتجديد تصريح العمل له؟ لا أعلم من سيقيم من وهل موظفين وزارة العمل مختصين في مجال الفيزياء النووية والأورام السرطانية والكيمياء العضوية والأمن السبراني والآثار البيزنطية ليحكموا على جدارة الأستاذ ومدى الحاجة إليه؟وهل وزارة العمل أصبحت هي التي تقرر مدى حاجة الجامعات للقوى البشرية؟ وهل وزير العمل هو الذي يقرر أن الأردني، ولمجرد كونه أردني يحمل شهادة دكتوراه من جامعة هو اختارها ودولة هو انتقاها وبتخصص هو اختاره وبوقت هو اختاره ،من حقه أن يدخل ويدرس في جامعاتنا التي اؤتمنت على تدريس أبنائنا دراسة جادة ومحترمة؟ والسؤال الكبير هنا هل الجنسية تتقدم على التأهيل العلمي والمهني؟ وإذا كان الأمر كذلك أليسوا هؤلاء الطلبة في الجامعات الأردنية أردنيين أيضا ومن حقهم أن يدخل عليهم أساتذة مؤهلون ؟هؤلاء الطلبة هم سبب وجود الجامعات وهم من سيكونون في سوق العمل في المصانع والمعامل والمختبرات والدوائر الحكومية يا ترى ألا يستحقون مدرسين أكفاء؟ كثير من المتعطلين عن العمل درسوا بعد تقاعدهم وهم في أعمار كبيرة نسبيا وكثير منهم حصل على شهاداته بالتراسل ودون دراسة مواد ووفقا لمتطلبات قبول رخوة وشروط دراسية متساهلة، فهل ندخلهم على طلبتنا بهذه السهولة.أنا مع الإفادة من خدمات هؤلاء المتعطلين عن العمل ومع توظيف من تخرج منهم من جامعات أردنية رسمية ،ومع من تخرج من جامعات محترمة لكن وفق حاجات الجامعات ومعاييرها وليس وفقا لضغوط سياسية هنا وهناك ووقفات احتجاجية تضايق المسئولين.يتوسم أعضاء الهيئة التدريسية في الجامعات الأردنية خيرا بتصريحات واستهلالات وزير التعليم العالي والبحث العلمي ويأملون بأن يستمر في المنافحة عن استقلال الجامعات، وأن يدرأ ،بكل ما أوتي من قوة، النزعات التوسعية لدى وزارة العمل للتدخل بشؤون التعليم العالي والجامعات تحت أي ذريعة.معيب أشد العيب أن يقف أستاذ أكاديمي لدية إنجاز بحثي عالمي ،ولدية اسم براق في عالم الفيزياء أو الكيمياء أو الطب النووي أو الانثروبولوجي يقف أمام موظف في وزارة العمل ويرفض منحه تصريح عمل أو التجديد له ،ويطلب منه إحضار سيرة ذاتية ونسخ عن بحوثه!أستاذ الجامعة يا وزارة العمل ليس عامل باطون أو حارس عمارة أو عامل مزرعة مع احترامي لأكف هؤلاء الذين يحب الله ورسوله أكفهم وأيديهم!!!!!!!!!!!واعجبي
مشاركة :