يروى فيلم «آجورا» من إخراج التشيلى الإسبانى أليخاندرو آمينابار -الذى شارك في كتابته إضافة إلى ماثيو جيل- قصة عالمة الفلك والرياضيات والفيلسوفة «هيباتيا» السكندرية التى اعتبرت أمًا روحية للعلوم الطبيعية الحديثة، وقامت بدورها الممثلة البريطانية راشيل وايز.الفيلم الذى تكلف 73 مليون دولار، وجرى تصوير مشاهد منه في مالطا، حيث شُيدت ديكورات تمثل مدينة الإسكندرية القديمة بفنارها ومكتبتها؛ تدور أحداثه الواقعة في 85 دقيقة في عام 391 ميلادية، حيث يروى العلاقة بين «هيباتيا» رمز الحكمة و«أوريستوس» الذى يصبح الحاكم الفعلى للمدينة والذى يقف بجوار هيباتيا مدافعًا عنها حتى يستسلم في النهاية؛ وتناول الفيلم كذلك حكاية عبد هيباتيا «دافوس» الذى يتحول تدريجيا إلى الدين الجديد في ذلك الوقت «المسيحية»، حيث تقوم هيباتيا بعتقه، لكنه فيما بعد ينضم إلى جماعة متطرفة.يبدأ الفيلم وينتهى بلقطة لكوكب الأرض بشكلها الكروى، كتلخيص لرأى مخرج الفيلم الاحتجاجى على ميراث الكنيسة الذى كان يحارب العلم، فمن كان يناقش فكرة أن الأرض تدور حول الشمس، فإن مصيره كان الحكم عليه بالزندقة، لذا تبدو في الفيلم شخصية الزعيم الدينى المُسيطر، وهى الصورة التى تبنتها أوروبا قرونًا، وبلغت أوجها في عصور الظلام ومحاكم التفتيش بالقرون الوسطى، والتى جسّدتها في الفيلم شخصية الأسقف «سيرل» الذى أفتى بضرورة التنكيل والفتك باليهود المقيمين في الإسكندرية ونهب ممتلكاتهم وقتلهم. كذلك دعا الأسقف لمنع عمل النساء، وضرورة عودة المرأة وبقائها في المنزل وحظر عملها بالتدريس أو الفكر وعدم الاستماع إليها؛ ليُفضى رأيه في النهاية إلى التحريض على قتل هيباتيا كونها وثنية لا تؤمن بالديانة الجديدة، بالرغم من كونها تدافع عن حق أى كان في الإيمان بما يشاء، وكونها «ساحرة»، حسب قوله، لأنها ابتكرت نظريات علمية لن تعرفها البشرية إلا بعد اثنى عشر قرنًا من الزمن على يد عالم رياضيات والفلكى والفيزيائى الألمانى يوهانس كيبلر.يتناول موضوع الفيلم التطرف الدينى الذى عاشته مدينة الإسكندرية، حاضرة العالم العلمية والثقافية في ذلك العصر -القرن الرابع الميلادي- حين أصبحت المسيحية الدين الرسمى للإمبراطورية الرومانية؛ فأبرزت مشاهده اقتحام المعابد الإغريقية والرومانية، واقتحام مكتبة الإسكندرية-وهى أعظم مبنى علمى في العالم وقتها- من قِبل الجماعات المتطرفة ذات الهوس الدينى، والتى قامت بهدم التماثيل وتحطيم الرموز الفنية وحرق الأبحاث العلمية والوثائق والخرائط بدعوى انتمائها للتراث الوثنى.يُبرز الفيلم في نهايته تدمير المكتبة بصورة وحشية على يد المتعصبين في أعقاب تسلمهم المكتبة والمعبد القيصرى الذى يتحول إلى كاتدرائية، أما مكتبة الإسكندرية فإنها تتحول إلى خرابة يعشعش العنكبوت على جدرانها مكان اللفائف العلمية. بعد ذلك يتم القبض على هيباتيا وتجريدها من ملابسها استعدادًا لسلخ جلدها بالسكاكين في وسط الكنيسة، واعتراض عبدها السابق دافوس على ذلك، فالعبد والصديق القديم يقوم خنقها حتى لا تشعر بالعذاب والألم أثناء قيام الرجال بجمع الحجارة لرجمها-ذكرت كتب التاريخ أن هؤلاء المتعصبين قاموا بعد الرجم بتشويه جسدها ونثر أشلائه وجرها في المدينة والتمثيل بها وحرقها- لكنه يخبر البقية أنها فقدت الوعى، فيرجمونها بالحجارة ثم يمثلون بجثتها ثم يحرقونها.
مشاركة :