جنوب العراق يشتعل بمواجهات دامية وعصيان مدني

  • 11/25/2019
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

قُتل 9 متظاهرين بالرصاص في جنوب العراق، أمس، مع تصاعد العصيان المدني بعد قرابة شهرين من احتجاجات دامية تعتبر بين الأكبر في التاريخ الحديث للبلاد، يقابلها غياب أي أفق لحل سياسي. وتهز الاحتجاجات العاصمة العراقية بغداد، التي ساد فيها الظلام أمس بعد قطع التيار الكهربائي، وبعض مدن الجنوب، مطالبة بـ«إسقاط النظام» وإجراء إصلاحات واسعة. ويتهم المحتجون الطبقة السياسية ب«الفساد» و«الفشل» في إدارة البلاد. وقتل نحو 350 شخصاً، غالبيتهم متظاهرون، منذ بدء موجة الاحتجاجات في الأول من أكتوبر. وفي الناصرية التي تعتبر، مع الديوانية، رأس الحربة في موجة الاحتجاجات في الجنوب، قُتل 3 متظاهرين بالرصاص في مواجهات مع القوات الأمنية، وأصيب أكثر من 50 آخرين، مساء أمس الأول، بحسب مصادر طبية. وقالت مصادر في مستشفى إن شخصاً آخر فارق الحياة في وقت لاحق متأثراً بجروح جراء طلقات رصاص في الرأس. وقُتل 3 متظاهرين في بلدة أم قصر في محافظة البصرة الغنية بالنفط، وأصيب 90 آخرون، بحسب ما أفادت مفوضية حقوق الإنسان في البصرة، مشيرة إلى أن الإصابات وقعت جراء إطلاق «الرصاص الحي» في أم قصر، حيث الميناء الحيوي بالنسبة إلى العراق. وشهد يوم أمس تصاعداً في حدة العصيان المدني في مدن الجنوب. وفي بغداد، قالت الشرطة: إن اثنين من المتظاهرين قُتلا أثناء مظاهرات ليلية في شارع الرشيد بوسط المدينة عندما استخدمت الشرطة الذخيرة الحية لتفريق المتظاهرين. قطع الجسور ففي الناصرية، قام المتظاهرون بحرق الإطارات المطاطية وقطع الجسور الخمسة، التي تعبر نهر الفرات للربط بين شطري المدينة. وفي البصرة، أشار شهود عيان إلى أن المحتجين عمدوا صباحاً إلى قطع بعض الطرق الرئيسة، ومنها المؤدي إلى ميناء أم قصر، المرفق الحيوي لاستيراد المواد الغذائية والأدوية. ومنذ بدء الاحتجاجات، تأثر عمل هذا الميناء مراراً جراء قطع الطرق. وبحسب الشهود، أطلقت قوات الأمن الرصاص لتفريق المحتجين. وبعدما جمدت الاحتجاجات المتواصلة منذ الشهر الماضي كثيراً من مناحي الحياة في مدن الجنوب، لاسيما على صعيد المدارس والدوائر الرسمية، أتت الاحتجاجات المتجددة، أمس، غداة قرار وزارة التربية العراقية بإعادة فتح المدارس، التي انضم طلابها إلى التظاهرات بشكل كبير في الأسابيع الأخيرة في مناطق مختلفة. لكن البيان لم يلق صدى في الناصرية، حيث بقيت المدارس مغلقة، ومثلها غالبية الدوائر الحكومية التي تجمع خارجها محتجون رفعوا لافتات كتب عليها «مغلقة بأمر من الشعب». واتسعت رقعة الاحتجاجات في الناصرية الواقعة على مسافة 300 كلم جنوب بغداد، لتشمل حرق مبنى الوقف الشيعي، وإقفال طرق مؤدية إلى مقر شركة نفط ذي قار، وحقل كطيعة النفطي. كما بقيت غالبية الدوائر الحكومية والمدارس مغلقة في مدن الحلة والديوانية والنجف والكوت والعمارة والبصرة. وفي ساحة الاحتجاج أمام مبنى مجلس المحافظة وسط العمارة، قال المتظاهر سالم حسن: «لا نخاف تهديدات المسؤولين وقطع الرواتب لمن يتخلف عن الدوام، فراتبنا لا يساوي قطرة دم نزفت من متظاهر»، مضيفاً: «لن نسكت على همجية السياسيين وتسويفهم لمطالبنا». وتأتي هذه التحركات غداة مقتل متظاهرين بالرصاص المطاطي في مواجهات بين محتجين والقوات الأمنية في بغداد، وهو ما رفع إلى عشرة عدد الذين قضوا في مواجهات في العاصمة منذ الخميس الماضي. وواصل المحتجون، أمس، اعتصامهم في العاصمة، لاسيما في ساحة التحرير وعلى مقربة من ثلاثة جسور مقطوعة هي الجمهورية والسنك والأحرار. وقال متظاهر فضّل عدم كشف اسمه: «باقون في أماكننا ولن نتحرك حتى إسقاط الحكومة». وأضاف، من ساحة التحرير، قائلاً: «لن نتزحزح من هنا ولا لخطوة واحدة». رصاص في كربلاء وشهدت مدينة كربلاء، بغداد، مواجهات، أمس، بين قوى الأمن والمتظاهرين. وتبادل الطرفان قنابل المولوتوف الحارقة، بينما اتهم محتجون قوات الأمن باستخدام الرصاص الحي خلال الليل. واندلعت مواجهات واسعة بين الطرفين، مساء أمس الأول، في الشوارع والأزقة، حيث حاول المحتجون التحصن خلف عوائق حديدية، وقاموا برمي مقذوفات نحو قوات الأمن. وقال أحد المحتجين: «إن القوات الأمنية تقوم برمي المولوتوف على البيوت ورؤوس المتظاهرين، وبعد الـ12 بالليل يبدأ إطلاق الرصاص الحي». وقال متظاهر آخر في كربلاء: «المطالب واضحة: إسقاط هذه الحكومة الفاسدة»، التي تولت مهامها قبل نحو 13 شهراً. القضاء: الأفعال المرافقة للمظاهرات ليست إرهاباً أعلن مجلس القضاء الأعلى في العراق، أمس، عدم اعتبار الأفعال المخالفة للقانون العراقي، والتي ترافق المظاهرات جرائم إرهابية، وإنما هي أفعال يتم النظر فيها بحسب قانون العقوبات العراقي. وذكر بيان، صادر عن مجلس القضاء الأعلى، أن الهيئة الجزائية في محكمة التمييز الاتحادية أصدرت قراراً، أمس، اعتبرت بموجبه الأفعال، التي تُرتكب خلاف القانون من بعض المحسوبين على المتظاهرين، جرائم عادية يعاقب عليها قانون العقوبات، بحسب ظروف وأدلة كل جريمة. وأوضح البيان: «لا يسري قانون مكافحة الإرهاب على هذه الأفعال، لانتفاء القصد الجنائي لدى مرتكبيها، والمتمثل بتحقيق غايات إرهابية»، حسبما نص عليه قانون مكافحة الإرهاب. «عمليات بغداد»: عصابات تحاول حرق الأملاك أكدت قيادة عمليات بغداد في بيان، أمس، أن بعض من وصفتهم بـ «العصابات تحاول الوصول إلى البنك المركزي وأهداف حيوية أخرى، وتقوم بحرق المحال التجارية والأملاك العامة والخاصة، واستهداف القوات الأمنية بالقنابل الحارقة»، مضيفة: «إنهم ليسوا متظاهرين سلميين، لذا سيتم التعامل معهم بحزم، حسب الإجراءات القانونية الرادعة». وأشار البيان إلى أن ساحات التحرير والخلاني والطيران وغيرها، تشهد تظاهرات سلمية منذ أكثر من عشرين يوماً، و«لم يحدث أي صدام بين المتظاهرين والقوات الأمنية». وأعلن الناطق باسم القوات العراقية، أمس، أن عصابات تستغل التظاهرات لمحاولة تدمير وحرق مؤسسات الدولة والموانئ والمنشآت النفطية وأملاك المواطنين، وأكد أنه سيتم التصدي لهذه «العصابات» لمنع التخريب ومجابهة واعتقال من يقف وراءها. شرطة البصرة تعلن حالة التأهب القصوى أكد مصدر أمني عراقي، أمس، أن شرطة البصرة أعلنت حالة التأهب القصوى، تحسباً لأي طارئ خلال الفترة المقبلة. وأفاد المصدر بأن شرطة البصرة دخلت حالة الإنذار القصوى «ج»، مضيفاً لـ«السومرية نيوز»: «إن حالة الإنذار وفق الأوامر العليا، ستكون حتى إشعار آخر». وتشهد محافظة البصرة تظاهرات حاشدة بمختلف مناطقها، أسفرت عن مقتل وإصابة عدد من المتظاهرين والقوات الأمنية، كما تم حرق عدد من المقار التابعة للأحزاب والحركات السياسية والدوائر الرسمية، فضلاً عن قطع الطرق المؤدية إلى الموانئ والحقول النفطية.

مشاركة :