القوى الجديدة في إمدادات الطاقة المتجددة «2 من 3»

  • 11/25/2019
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

مع بزوغ القرن الـ21 بدا أن العالم يواجه قيدا من حيث الطاقة أكثر تنظيميا من الحرب أو الحظر، حيث كان مثل حائط الموارد الطبيعية. وكانت الاقتصادات النامية، خاصة الصين والهند، تستهلك كميات هائلة ومتزايدة من الطاقة سنويا وكان منتجو الطاقة يعانون كل عام لاستخراج كميات كافية من الوقود الأحفوري الجديد لتلبية الطلب. وكانت خطوط الاتجاه تشير إلى عصر جديد من ندرة الطاقة ووصل الخوف منه إلى ذروته عندما انبثق مصطلح جيولوجي جديد منذ عقد من الزمن تقريبا في المصطلحات العامة وهو "ذروة النفط". وكان المفهوم هو أن العالم استهلك نحو نصف جميع النفط الذي يمكن استخراجه من الأرض. وعندما كان العالم عند أعلى نقطة من هذا المنحنى المصيري كانت النظريات تشير إلى أن العالم يواجه مستقبلا يتسم بارتفاع شديد في الأسعار وحروب بترولية مع احتراق البترول. وتوقع عديد من مؤيدي مفهوم ذروة النفط أن المستقبل سيكون طريقا نحو الحرب، لتحقيق القصاص العادل الذي أشار إليه المفكر مالتوس من العالم المسرف للموارد. عصر جديد من الوفرة يمكن أن يحدث اختلافات كبيرة في أعوام قليلة. فقد أدى الارتفاع الكبير في أسعار النفط الذي رآه مؤيدو ذروة النفط كإثبات لتوقعاتهم في الألفية إلى تطورات هائلة في التكنولوجيا أدت بدورها، في جزء كبير من العالم على الأقل، إلى توسيع نطاق الإمدادات من الطاقة المجدية اقتصاديا. ويتزايد اليوم الإنتاج من أنواع النفط والغاز الطبيعي الذي يطلق عليه العاملون في هذه الصناعة اسم "غير التقليدي" وهذا يعني باللغة الإنجليزية البسيطة الصعب استخراجه من الأرض. ويعزى ذلك إلى حد كبير إلى أن ارتفاع الأسعار سمح بنشر تقنيات الإنتاج الجديدة معقولة السعر مثل التكسير والحفر الأفقي. وعملت السوق بمساعدة من إنفاق الحكومة على البحوث بشكل جيد. وكانت النتيجة واضحة في شكل موجة من الإثارة حول اكتشاف مخزونات كبيرة من المواد الهيدروكربونية غير التقليدية في جميع أنحاء الكوكب، من الولايات المتحدة إلى الصين إلى أوروبا وأمريكا اللاتينية. وقبل عقد من الزمن كان السياسيون الأمريكيون يشعرون بالقلق إزاء زيادة اعتماد البلد على واردات النفط من الشرق الأوسط، وكان رجال الصناعة يحذرون من أن ارتفاع أسعار الطاقة المحلية يدفع التصنيع إلى الخارج. واليوم، فإن السياسيين يناقشون ما إذا كان ينبغي تصدير كميات كبيرة من نفط وغاز الولايات المتحدة، وكل هذا الوقود الأحفوري المحلي دفع عددا من الشركات الرائدة التي يمكن أن تنقل موقع المصانع إلى أماكن أخرى من العالم إلى أن تبقي مصانعها وتعيد إنشاءها في الولايات المتحدة. وتتضح طفرة الوقود الأحفوري أيضا في التحول المذهل في بيانات النشطاء في مجال البيئة وغيرهم من مؤيدي الطاقة منخفضة الكربون والمتجددة أساسا. وبعد أعوام من المجادلة بأن الطاقة المتجددة ضرورية في جزء كبير بسبب نضوب الوقود الأحفوري، فإنهم يدعون الآن أن الطاقة المتجددة ضرورية أساسا نظرا لتراكم الوقود الأحفوري. وهم يطالبون في جميع أنحاء العالم بوضع حد أقصى على انبعاثات الكربون تكون صارمة بما فيه الكفاية لتكون غير مجدية في إحراق تلك المخزونات القيمة المدفونة. وسيكون من الصعب الحصول على تأييد لهذه الدعوة في الاقتصادات النامية التي لا تزال شهيتها للطاقة تزيد. وتعد الطاقة المتجددة في حد ذاتها مكونا مهما من الارتفاع الوليد الحالي في الطاقة. وينطلق إنتاج الطاقة من قاعدة صغيرة وبالتالي تظل قطعة صغيرة من حجم الطاقة العالمية. لكن زاد حجم هذه القطعة بوتيرة أسرع من توقعات عديد من الناس وتراوحت التوقعات السائدة إلى حد ما بشأنها من مستقبل مجرد تصاعدي إلى إيجابي للغاية. وزادت الطاقتان الشمسية والرياح بأسرع وتيرة مدفوعة بالإعانات الحكومية السخية. وهناك ثلاثة عوامل شجعت على تقديم هذه الحوافز وهي القلق إزاء تغير المناخ، ورغبة عديد من الحكومات في تشجيع الوظائف الحكومية، والعطاءات القومية من البلدان نفسها للفوز بما خلصت إلى أنه سيكون أحد السباقات التكنولوجية العظيمة في القرن الـ21. غير أنه بعد إطلاق عنان القوى الاقتصادية، فإنها تجد طريقها للخروج من تحت السيطرة. وزاد حجم الطاقة المتجددة زيادة هائلة من كونها مداعبة جميلة مراعية للبيئة إلى صناعة عالمية لا ترحم وذات سرعة وكثافة سحقت حتى عديدا من مؤيديها. وفي البداية قدمت البلدان الأوروبية إعانات سمحت للشركات بتحقيق ربح عن طريق تصنيع توربينات الرياح والألواح الشمسية وتغطية الكهرباء الأعلى سعرا الناتجة عن تلك الابتكارات. ثم استغلت البلدان التي تنخفض فيها تكاليف التصنيع، خاصة الصين، الحوافز الأوروبية لبناء صناعاتها الذاتية من الطاقة المتجددة الموجهة للتصدير. وفيما بعد، انخفضت تكاليف طاقة الرياح والطاقة الشمسية انخفاضا كبيرا بعد أن حقق هذا الاندفاع العالمي وفورات في الحجم لما كانت صناعات وليدة تتسم بعدم الكفاءة. واليوم أصبحت أسعار هذه المصادر المتجددة من الطاقة تنافسية مقارنة بأسعار الطاقة المولدة من الفحم أو الغاز في عدد قليل من الأماكن حول العالم التي لديها كثير من الرياح أو الشمس أو ترتفع فيها أسعار الكهرباء التقليدية أو الاثنين... يتبع.

مشاركة :