إذا تفوه إنسان بلفظ عنصري تجاه الغير في كل المجتمعات البشرية اليوم يقدم لمحاكمة عادلة، في ظل قوانين محكمة تمنع العنصرية أيًا كان نوعها أو لونها وتضع عليها من العقوبات ما يردع الناس من استعمالها ضد بعضهم بعضًا، وقد جاء الإسلام بالمساواة بين الناس في القيمة الإنسانية فكلهم لآدم وآدم من تراب لا فضل لعربي على أعجمي ولا لأبيض على أسود أو أحمر إلا بالتقوى، وما جعل الله الناس شعوبًا وقبائل إلا ليتعارفوا، لا أن يتعالى بعضهم على بعض بجنسه أو لونه أو عرقه فكلهم عند الله سواء، والمتعالي منهم على غيره لأي سبب من هذه الأسباب متكبر، والكبر من كبائر الذنوب التي لا يرضاها الله لعباده، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال الله عز وجل: (الكبرياء ردائي والعظمة إزاري، فمن نازعني واحدًا منهما قذفته في النار)، وقال صلى الله عليه وسلم: (يحشر المتكبرون يوم القيامة أمثال الذر في صور الرجال يغشاهم الذل من كل مكان)، فقد أرادوا العزة لأنفسهم بتعاليهم على الخلق فعاملهم الله بضد رغبتهم يوم القيامة فسلط عليهم الذل، وفيما أخرج البخاري عن المعرور بن سويد قال: لقيت أبا ذر رضي الله عنه بالربذة، وعليه حلة وعلى غلامه حلة، فسألته عن ذلك، فقال: إني ساببت رجلًا فعيرته بأمه فقال لي النبي-صلى الله عليه وسلم-: (يا أبا ذر أعيرته بأمه، إنك امرؤ فيه جاهلية إخوانكم خولكم، جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يطعم وليلبسه مما يلبس، ولا تكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم فأعينوهم)، وهذا من كان لك خادمًا تنصح أن تساوي بينه وبينك في مظاهر الحياة المعيشية، فمن منا يفعل هذا في زماننا؟! وفوق هذا نجد اليوم من ينزع بألفاظ تؤذي إخوانه، يعيرهم بلونهم إن كانوا من ذوي البشرة السوداء، وإن كان من إقليم وُهم أنه أفضل أقاليم بلاده، آذى إخوانه بألفاظ تنتقص منهم، وإن كان عربيًا ظن أن غير العربي أقل منه شأنًا وتعالى عليه، ويزداد الأمر خطرًا حينما يرى الرجل أنه أفضل من المرأة لمجرد الجنس ولا يدري لعلها عند الله خير منه، وقد ينتقص النساء عامة لجنسهن، وما علم أن سيدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: إنما النساء شقائق الرجال ما أكرمهن إلا كريم وما أهانهن إلا لئيم. إن العنصرية سلوك خبيث يفرق بين الناس وينشر بينهم الكراهية والبغضاء، ولضمان وحماية المجتمع منها فيجب أن تسن لها عقوبة تعزيرية تمنع أن يتمادى الناس فيها فيضطرب المجتمع بسبب ذلك ويختل أمنه، وإذا لم يسقط من تضرر منها العقوبة عن من أضره بها وإلا عوقب على ذلك علنًا حتى يرتدع الناس عن استخدام العنصرية تجاه بعضهم بعضًا. فالناس سادتي لا تردعهم إلا العقوبة، فقد روى عن الخليفة الراشد سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه قال: (إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن). فلنسع جاهدين إلى حماية مجتمعنا المسلم من العنصرية في الألفاظ والسلوك حتى تبقى الصلة بيننا طبيعية كما أرادها الله لنا، فهل ندرك هذا؟ هو ما أرجوه، والله ولي التوفيق. alshareef_a2005@yahoo.com
مشاركة :