انتهت معركة أبوتريكة أو كادت أو بدأت.. وأدلى كل فرد من ملايين مصر بدلوه، وقال رأيه.. فمنهم من ناصره تمامًا، ومنهم من ناصره إلا قليلاً، ومنهم من ناصره على استحياء ومنهم من اشترط قبل المناصرة، ومن شتم قبلها، ومن توضأ بعدها! ويخطئ من يظن أن المعركة جاءت لمزيد من الانقسام بين أبناء الشعب الواحد، وكذلك من يتوهم أنها جاءت للإلهاء أو حتى الاستقواء! لقد جاءت حكاية أبوتريكة منحة سماوية لترطيب قلوب ونفوس وبيوت أبناء مصر! لقد جاءت الحكاية بمثابة اختبار إلهي لمدى تقبل المصري للآخر بعد أن عملت الفتنة عملها، وتسبب الاستقطاب في انقسام الشارع المصري، والمصنع المصري، والمزرعة المصرية، والمدرجات المصرية، والبيوت المصرية، والشقق المصرية، والغرف المصرية! فجأة وبلا موعد نزلت حكاية أبوتريكة كأول اختبار اجتماعي من نوعه في تاريخ مصر المعاصرة، لمعرفة مدى إمكانية تقبل مواطن لآخر يختلف معه في الرأي والفكر والتوجه، بعد معارك ساخنة سقط فيها من سقط، واستشهد فيها من استشهد، واعتقل من اعتقل، وخرج من خرج، ودخل من دخل! أتحدث هنا بعيدًا عن أية استقطابات أو توجهات أو ميل سياسي أو غرض أو مرض، ولا أقترب بطبيعة الحال «المايل» بالتأكيد من دوامات الاتهام بالتعريض أو التحريض أو الإساءة، أو حتى الاقتراب من حكم قضائي، أو من قرار سياسي، أو نحو ذلك من التهم الجاهزة. أتحدث عن الأمل! نعم عن الأمل في أن يصطف الشعب من جديد، ويتوحد من جديد، ويتزاور كله من جديد. يقترب رمضان المعظم ونفحاته، وتسري روح الكرم والسماحة، فيظهر وجه مصر الجميل، ومعدن شعبها الأصيل.. والحق عندي أن هذا الوجه تعرض للتشويه بمياه النار والدمار، كما أن هذا المعدن تعرض للصهر والانصهار بل الانكسار.. ولأن ذلك كذلك، فلتسرِ روح التعامل مع قضية أبوتريكة لتكون عنوانًا للمرحلة المقبلة. ليبراليون يتعاطفون مع تريكة وأقباط، وساسة كبار، وأطفال صغار، إنها مصر عندما تصفو ويتسع قلبها مرددة: شعب واحد لا شعبين، وطن واحد لا وطنين! تحكم المحكمة بما تحكم به، فهذا شأنها القضائي، وتلعب السياسة دورها، فهذا نهجها، ويبقى شعب مصر الواحد، ونيلها الواحد، ووجدانها الواحد مهما طال الزمن. sherif.kandil@al-madina.com
مشاركة :