أثار استقبال رئيس البرلمان التونسي راشد الغنوشي وزعيم حركة النهضة الإسلامية، للسفير التركي علي أونانير بمكتبه في مجلس نواب الشعب جدلا جديدا حول علاقة حركة النهضة بتركيا وتحديدا بحزب العدالة والتنمية الحاكم. وقال سفير تركيا في تونس علي أونانير عقب اللقاء الذي جمعه بالغنوشي، الاثنين، إن بلاده عازمة على مواصلة الاستثمار في تونس ووقوفها إلى جانب الشعب التونسي من أجل إنجاح المسار الديمقراطي. وذكر أونانير أن بلاده “حريصة على رفع حجم الاستيراد من السلع التونسية، ودعوة المستثمرين الأتراك إلى المزيد من ضخ السيولة، لأجل خلق فرص تشغيل جديدة للشباب التونسي”. وأثيرت في المشهد السياسي التونسي خلال السنوات التي تلت الثورة الكثير من الأسئلة حول العلاقة بين حركة النهضة وتركيا، ففيما تؤكد الحركة الإسلامية أن أنقرة تعد من أكثر الداعمين للثورة التونسية، يرى الكثير من المتابعين والخبراء أن تركيا هي المستفيدة من تونس وليس العكس. ويؤكّد هؤلاء أن العلاقة هي بين حزبين وليست بين دولتين، حيث إن حركة النهضة بنت علاقتها بحزب العدالة والتنمية التركي للبحث عن دعم سياسي وربما مالي يثير المخاوف من تعمّق النفوذ التركي في تونس. من جهة أخرى، يطالب خبراء الاقتصاد في تونس بوجوب مراجعة الاتفاقيات التجارية المبرمة بين تونس وتركيا، مؤكّدين أن إغراق السوق التونسية بالسلع التركية ساهم في ركود الاقتصاد وفي القضاء على التجارة الداخلية في عدة قطاعات حيوية. الزيارة بمثابة الاستنجاد والاستقواء بمحاور إقليمية لرسم ملامح الحكم في تونس مستقبلا خاصة أن صناديق الاقتراع في الانتخابات التشريعية لم تمنح النهضة أغلبية تمكنها من الحكم دون نسج تحالفات سياسية من الناحية السياسية، أكّد البرلمان التونسي في بيان أن السفير التركي أبلغ الغنوشي تهاني الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بانتخاب رئيس حركة النهضة كرئيس للبرلمان. من جهته، أكد الغنوشي خلال اللقاء، على “عمق العلاقات التاريخية والحضارية التي تربط الشعبين التونسي والتركي، والسعي المتواصل لتعزيز التعاون والشراكة في مختلف المجالات”. وشدد على أن “الشعب التركي وقف إلى جانب الشعب التونسي من أجل إنجاح المسار الديمقراطي، وفي مختلف المراحل الصعبة التي مرت بها البلاد”. وبيّن أن “موقع تونس الاستراتيجي في شمال أفريقيا، يجعلها بوابة اقتصادية وتجارية، بين شمال المتوسط وجنوبه ونحو البلدان الأفريقية”. وتفتح هذه الخطوة أبواب الاستفسار أيضا عن مدى علاقة اللقاء بمسار مفاوضات تشكيل الحكومة التونسية الجديدة بعدما كلّفت حركة النهضة الحبيب الجملي بتشكيلها، خاصّة أن الكثير من الكواليس تشير إلى وجود ضغوطات إقليمية كبيرة يقودها المحور القطري- التركي لإعادة بناء توازنات جديدة يقودها الإسلاميون في المشهد السياسي التونسي. وكان الغنوشي قد أدى أولى زيارة خارجية له، في موفى شهر أكتوبر الماضي عقب الإعلان عن نتائج التشريعية التي فازت بها النهضة بأغلبية. ووصف المراقبون آنذاك هذه الزيارة بالمثيرة للجدل في علاقة تحوم حولها الكثير من الريبة والشكوك، ليصفها البعض بأنها جاءت لطمأنة أردوغان على مستقبل الإسلام السياسي في تونس وفي شمال أفريقيا، فيما فسرها البعض على أنها بمثابة الاستنجاد والاستقواء بمحاور إقليمية لرسم ملامح الحكم في تونس مستقبلا خاصة أن صناديق الاقتراع في الانتخابات التشريعية لم تمنح النهضة أغلبية تمكنها من الحكم دون نسج تحالفات سياسية مع أحزاب أخرى.
مشاركة :