قد تعطيك المشاريع المخصصة لخدمة المجتمع شعورا جيدا، لكن هل تدرك حقا جميع إمكاناتك؟ إذا كنت ناشطا اجتماعيا، قد تقوم أحيانا بحضور مناسبات خيرية، أو التطوع لتنظيف الشاطئ، أو السفر إلى مناطق نائية لتسهم في تعليم الأطفال الفقراء. لا بد أنك واجهت ما يطلق عليه علماء الاقتصاد السلوكي "الوهج الدافئ"، الوهج هو إحساس يعطيك شعورا بالرضا كونك تقوم بمساعدة الآخرين. وستكون مع صحبة جيدة: جاء في تقرير للأمم المتحدة أعدته في 2015 حول التطوع في العالم، أن هناك 109 ملايين متطوع حول العالم يعملون بدوام كامل. لكن إليكم الخلاصة: البحث عن ذلك الوهج الدافئ قد يصرفك عن تبني نهج عقلاني من شأنه تعظيم تأثيرك. لنأخذ على سبيل المثال القفز بالمظلات كعمل خيري وكان شائعا في المملكة المتحدة في التسعينيات. وجدت دراسة شملت 1500 قفزة أنهم نجحوا في جمع 45 ألف جنيه استرليني من أجل الأعمال الخيرية، لكن كلفت الإصابات الناجمة عنها النظام الصحي في المملكة المتحدة 610 آلاف جنيه استرليني، أو أكثر من 13 جنيها من الخسائر المجتمعية مقابل كل جنيه استرليني تم جمعه. بالنظر بجدية إلى التأثير نستطيع تحديد التأثير من خلال هذه المعادلة البسيطة: تأثيرك = العالم بعد مشاركتك المجتمعية - العالم دون مشاركتك المجتمعية عند حساب التأثير ما يهم بالنهاية هو مدى مساهمتك في تحسين النتائج التي تعد بدورها مهمة للمجتمع، مثل الحد من الفقر، أو التعليم. توافر أهداف الأمم المتحدة المستدامة الإرشادات وتساعد على الحصول على مزيد من التفاصيل الدقيقة. يجب أن تنظر في تكلفة الموارد التي تستثمرها في المشروع. في حالة القفز بالمظلات، كان بإمكان المتطوعين القيام بشيء آخر يتماشى بشكل أفضل مع ما يجيدون القيام به. إضافة إلى ذلك، يترتب عن أي مشروع عواقب غير مقصودة، مثل كسور العظام جراء القفز، أو العجز والاعتماد على الآخرين. البحث عن الفرصة المثالية: ينطوي جوهر التفكير العقلاني على ثلاثة أسئلة يجب أن تسألها لنفسك: - ما احتياجات المجتمع التي ترغب في تسليط الضوء عليها؟ - ما نقاط القوة لديك التي قد تساعدك على تقديم مساهمة فريدة؟ - ما أهدافك من حيث دوافعك الشخصية والقيود؟ قد تقوم بخطوة إضافية وتسأل نفسك: هل بإمكاني بذل جهد أكبر لمعرفة الآثار المترتبة عن استخدام عملي كمنصة؟ إذا كنت تعمل في شركة كبيرة، قد تكمن نقطة قوتك في روح المبادرة الداخلية، والاستفادة من مهاراتك ومنصبك وشبكة علاقاتك لبناء مبادرة تعود بالفائدة على كل من شركتك والمجتمع. في مقالي المقبل: سأتحدث عن التعاون المستدام بين القطاعات .. بناء منصات عالمية لتأثير مجتمعي، حيث سأبين وزميلاي كريستيان بودي وميشيل روجان، كيف بإمكان رائد الأعمال الموظف البحث عن أصحاب مصلحة من الداخل والخارج لإقامة تعاون مشترك بين القطاعات لأحداث أثر اجتماعي. نشر في مقالنا Academy of Management Discoveries، في سياق شركة استشارات إدارية عالمية. ويلاحق القصص التي ينجح فيها موظف واحد بإطلاق مبادرة مجتمعية. كانت الفكرة إنشاء مؤسسة اجتماعية تقوم الشركات من خلالها بجلب قدراتها الاستشارية إلى قطاع التنمية الدولي. والأهم من ذلك، عوضا عن الجهود التقليدية للمسؤولية الاجتماعية للشركات صممت المبادرات الاجتماعية للشركات كمشروع قائم بذاته يستطيع بسهولة الحصول على الدعم، وقابل للتطوير حتى في سياق الشركة. يبذل الاستشاريون في الشركة ممن يعملون على مشروع المسؤولية الاجتماعية قصارى جهدهم، كأن يطبقوا مهاراتهم في إدارة سلاسل الإمداد على توزيع اللقاحات في المناطق النائية في إفريقيا. تفرض المبادرة على عملائها رسوما أقل وتعمل نحو الاستدامة من خلال الطلب من الاستشاريين تخفيض رواتبهم خلال فترة المشروع. يحظى البرنامج بشعبية بين الاستشاريين وأسهم بشكل كبير في إشراك الموظفين والمحافظة عليهم. ألهم النموذج نطاقا أوسع في مجال الاستشارات الإدارية التي تحولت من نهج قائم على المعاملات يخدم عملاء شركات فورتشن 500 إلى نموذج قائم على الشراكة يهدف إلى تلبية احتياجات المجتمع الملحة. تسهل شركة الاستشارات الآن التواصل بين أصحاب المصلحة المختلفين بشكل روتيني، كأن تصل مشغلي الهاتف المتحرك، ووزارات الصحة، ومقدمي الرعاية الصحية في رواندا وتنزانيا وكينيا، لإطلاق منصة لمراقبة الأمراض.
مشاركة :