عوضا عن سؤال أنفسنا "ما الأمور التي ستدفع العميل لإعطائنا المال مقابلها؟"، تبدأ العقلية الجديدة بـ"ما الأمور المجتمعية التي تحتاج إلى تسليط الضوء عليها ومعالجتها"؟ تقوم شركة الاستشارات بعدها بتحليل المشكلة، واختيار الأجزاء التي يمكن أن تشكل قضية بالإمكان تناولها. أما الأجزاء الأخرى من المشكلة التي قد تعجز عن معالجتها بشكل فردي، فتستطيع اللجوء إلى شركاء لمعالجتها. يبدو أن الموظف الذي بدأ العمل كله -أي رائد الأعمال الموظف- وصل إلى النقطة التي يبحث عنها وتجمع نقاط قوته كاستشاري إداري، وهدفه المساهمة في مهام شاملة ومستدامة، وحاجة المجتمع إلى ممارسات متطورة قي قطاع التنمية. في حين أن تحديد أهدافنا والاستفادة من نقاط قوتنا يشكل عاملا مهما، فإن تطوير رؤية حول حاجات المجتمع الأساسية هو الذي يحسم وصولنا إلى النقطة التي نبحث عنها، لزيادة التأثير. ويأتي تريفور فيلد، تنفيذي مبيعات في جنوب إفريقيا مثالا على ذلك. أراد فيلد استخدام مهاراته المهنية لإنشاء نموذج عمل من شأنه تزويد المجتمعات الفقيرة بمياه شرب نظيفة. تعرف على سبيل المصادفة على اختراع يطلق عليه "بلاي بامب" يستخدم آلية مدمجة مع لعبة الأحصنة الدوارة للأطفال، في سبيل تسخير طاقة لعب الأطفال في سحب الماء من باطن الأرض. وكان هناك مياه خزان كبير، عليه لوحات إعلانية يتم استئجارها كمساحة إعلانية لتغطية تكاليف الصيانة. حلت "بلاي بامب" مشكلة المياه في إفريقيا عن طريق مرح الأطفال الفقراء، واستطاع الحصول على الملايين من خلال التبرعات. بحلول 2008 تم تركيب 1000 مضخة، وكانت خطته تطمح لأن يصل حجم التبرعات إلى 60 مليون دولار وتركيب 4000 مضخمة بهدف توصيل المياه لعشرة ملايين شخص. سرعان ما فشل المشروع لعدة أسباب. حيث إنهم لم يعيروا أهمية لمعرفة رأي المجتمع بهدف فهم احتياجاته الحقيقية، وكانت تكلفة المشروع عالية بالنسبة للبدائل الأخرى المتاحة مثل المضمات التقليدية اليدوية، كما ركز المشروع على تركيب عدد أكبر من المضخات بدلا من التركيز على الصيانة اللازمة، ولم يأخذ خطوة جدية لمنع عمالة الأطفال كون "بلاي بامب" تتطلب فترات طويلة من اللعب لتعمل كما هو متوقع. كما أن إيرادات الإعلانات كانت أقل مما هو متوقع، فلم ترغب الشركات بشكل عام في الإعلان كثيرا في المناطق الريفية في إفريقيا. لكن مع عدم إدراك المتبرعين الحقيقة وبقاء صورة الأطفال السعداء في مخيلتهم، استغرق الأمر أعواما قبل أن يتم تقليص المشروع في النهاية بشكل كبير. يظهر هذا المثال كيف تركز المشاريع ذات التأثيرات المجتمعية على القصص العاطفية، أو هوسها بالتوسع بسرعة دون ضمان تأثير حقيقي في حياة الأشخاص. على الرغم من أنه لا يتوقع من رائد الأعمال أن يعمل على حل كل شيء منذ البداية، من الضروري الاستثمار في فهم الحاجات الحقيقية للمجتمع، وإدراك أن أي حل لن يصل إلى حد الكمال. يبقى التواضع والصبر والتجريب والتعلم، المفاتيح الأساسية. وعن الجانب الإنساني، مما لا شك فيه أن البشر تحركهم دوافع كثيرة، ولا يكونون عقلانيين مثل شخصية السيد سبوك، خاصة في الأمور التي تأسر قلوبنا. يظهر التأثير بطرق لا تحصى. انضممت أخيرا لرحلة خيرية لبناء منازل في المناطق الفقيرة في كمبوديا. بالطبع كنت أعلم أن مهارتي في الإنشاءات مشكوك بها، وأن أشخاصا مثلي دفعوا تكاليف كبيرة لقاء التأمين على الحوادث ومكيف هواء مريح في السيارة. كان تأثيري في العمل الخيري سيكون أكبر في حال تبرعت بنفقات الرحلة. لكن من خلال مشاركتي، تعلمت وابني كثيرا عن الحياة في الريف الكمبودي، وعدنا نطمح إلى إحداث تأثير أكبر في المدى الطويل. لكن النظرة الأشمل جديرة بالتكرار: ينبع تأثيرك من حقيقة هي إلى أي مدى أصبح العالم أفضل بفضل مساهمتك؟ قد لا تكون أفضل طريقة للمشاركة هي الأكثر وضوحا أو سهولة. فعندما تضع قلبك في المكان الصحيح ستكون البداية رائعة، وسيساعدك ذلك على إعادة النظر في توقعاتك بعض الأحيان، ويدفعك للتساؤل: "ماذا كان سيفعل مستر سبوك؟".
مشاركة :