لجأ رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي إلى ورقة الترهيب من تداعيات الاقتتال الداخلي عبر التبشير بصدام أهلي وشيك في صورة سقوط نظامه. وعلى إثر فشل المناورات السياسية لحلحلة الأزمة، والتي زاد لهيبها على عكس ما خطط له، لوح رئيس الوزراء المأزوم بالبطش بالمتظاهرين الذين ازدادت حماستهم، ما ينذر بتصعيد لا يستبعد مراقبون أن يكون عبدالمهدي الخاسر الأكبر فيه. وصرح عبدالمهدي بأن الدولة لا يمكن لها أن تبقى مكتوفة الأيدي أمام حالات قطع الطرق والتهديد وتعطيل الدراسة والجامعات من قبل المتظاهرين منذ الأول من الشهر الماضي، محذرا من صدام أهلي خطير إذا انهار النظام العام في البلاد. ويوجه رئيس الوزراء العراقي بهذا التصريح رسالة إلى المحتجين الذين يواصلون حراكهم دون هوادة، مفادها بأنهم سيواجهون بطش القوى الأمنية إذا ما لم يستجيبوا لدعوات فتح الطرقات وفض الاحتجاجات. وعادة ما يسبق استعمال القوة الأمنية تحذيرات من هذا القبيل، من أجل جس النبض أولا وإيجاد مسوغات إذا ما انطلقت آلة البطش وحصدت الأرواح ثانيا، فيما يواصل العراقيون حراكهم حتى تحقيق مطالبهم. وسبق لرئيس الوزراء المأزوم إطلاق تحذيرات من هذا القبيل، إلا أن المبادرات السياسية، التي لاقت رفضا من المحتجين، عرقلت المضي قدما فيها. وتشير أوساط عراقية إلى أن ميليشيات تابعة للسلطة وللأحزاب الدينية الداعمة لها على أهبة الاستعداد للفتك بالمتظاهرين وأن تحذيرات عبدالمهدي بمثابة ضوء أخضر لتحركها بهذا الاتجاه. ونفذت القوى الأمنية مدعومة بالميليشيات جنوب العراق حملة بطش ليلة الثلاثاء-الأربعاء، وصفتها مصادر عراقية بأنها “بروفة” لما هو آت، في وقت يواصل فيه المتظاهرون تحركاتهم السلمية رافضين العودة عن مطالبهم بإسقاط النظام. وقال رئيس الوزراء العراقي، إن “الناس تريد أن تعود إلى مصالحها لأنها تضررت كثيرا، والدولة لا يمكن أن تبقى مكتوفة الأيدي أمام مثل هذه الأمور وإلا سينهار النظام العام، وإذا انهار النظام العام فهذه خسارة للجميع لأنه سيحدث هناك صِدام أهلي خطير”. وأضاف أن “التغيير لا يجري عن طريق التهديد ومنع شركات النفط والموانئ من العمل وتعطيل الدراسة والجامعات وقطع الطرق”. وتوعد “أي شخص يقوم بقطع الطرق والجسور والحرق والتأثير على عمل الوزارات والمدارس ودوائر الصحة يجب أن يحاسب على هذه الأعمال، ولا يمكن السكوت عن مثل هذه الأمور وفق القانون، ونحن مصممون على أن القانون يفرض نفسه ومجراه”. والأربعاء قطعت أغلب الطرق وأغلقت الدوائر الحكومية والمدارس في جنوب العراق غداة يوم دموي في هذا البلد الذي يشهد منذ شهرين اضطرابات تعد الأسوأ في تاريخه الحديث. وليل الثلاثاء الأربعاء وبعد ساعات من وقوع أعمال عنف للمرة الأولى خلال النهار في مدينة كربلاء واستخدم خلالها الرصاص الحي ما أدى إلى سقوط قتيل بحسب مصادر طبية، أعلنت الجهات المسؤولة عن إدارة العتبات الدينية عن إغلاق جميع مدارس الأطفال الدينية في مدن كربلاء والنجف المقدستين بالإضافة إلى مدينة الحلة عاصمة محافظة بابل الواقعة إلى الشرق من كربلاء. وتواصل الأربعاء تصاعد سحب الدخان من مدينة كربلاء التي يزورها الملايين من الشيعة سنويا قادمين من عموم العراق ومختلف دول العالم.
مشاركة :