من يضبط إيقاع التنمية؟ - أيمـن الـحـمـاد

  • 5/17/2015
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

التخطيط هو عصب الأمم المتقدمة، وبدونه لا يمكن لجسم الدولة أن يتحرك كما يجب، وبقدر ما يكون تخطيط الدولة محكماً ودقيقاً بقدر ما تبدو حركة ذلك الجسم متزنة وهادئة وذات إيقاع واضح ومعنى وهدف وليست عشوائية، وهو بذلك يحتل موقع الرأس في جسم الإنسان. في المملكة يُفترض أن وزارة التخطيط هي المسؤولة عمّا يحدث في البلد في الجانب التنموي، وبالتالي فإن أي خلل نراه في المدى القريب والبعيد نرجعه لضعفٍ في عملية التخطيط.. ولعل أزمة المرور والسكن والمياه -على سبيل المثال- شاهدٌ على ذلك.. والسؤال الذي نطرحه على أنفسنا، ونحن نصارع زحام شوارع مدن الرياض وجدة هو: ألم يكن لدى وزارة التخطيط القدرة على التنبؤ بحجم ازدياد المركبات والسكان بعد عشرة أو عشرين عاماً، وبالتالي توقع حجم المشكلة الحاصلة الآن وتداركها قبل الوقوع فيها؟ فإذا كانت الإجابة بالنفي فتلك مصيبة، وإن كان بالإثبات فالمصيبة أعظم. يكمن سر التخطيط وبراعة المخطط في قدرته على التنبؤ، وبالتالي وضع الاستراتيجية، لذا تسمى وزارة التخطيط في كوريا الجنوبية وزارة الاستراتيجية والمال، والتنبؤ هنا يبنى على الأرقام والإحصائيات وليس خبط عشواء. إن من الضروري اليوم ومع الحضور الذي تحققه المملكة على المستوى السياسي والاقتصادي، أن يرافق ذلك رؤية واضحة لما يمكن أن تقدمه وزارة التخطيط، وما المنوط بها تحديداً، وإذا كانت هذه الوزارة قد وضعت أول أهدافها هو إعداد الخطط التنموية الخمسية، فإننا اليوم ونحن نعيش الخطة التنموية التاسعة علينا أن ننظر إلى الأمام وننسى ما تم خلال السنين الماضية، من منطلق ومبدأ المثل القائل: "لا تبكِ على اللبن المسكوب"، لأن في ذلك إضاعة للوقت. وعلينا اليوم أن نكون في مستوى قدرة بلدنا الذي نراه يستحق منا العناية، إن من الضروري أن نوكل التخطيط لأهله، وأن نستفيد من تجارب الدول الأخرى التي قطعت شوطاً في هذا المجال ونجحت بإسنادها مهمة التخطيط لمعاهد أكاديمية متخصصة ومحايدة ومرموقة ترسم الخط التنموي.. وعلى وزارة التخطيط أن تراقب بدورها مدى التزام قطاعات الحكومة بتلك الخطط فتقيّم وتقوّم وتصدر النتيجة كل عام، ليتم جرد الحساب ومعرفة الخلل وتداركه بإصلاحه. إن ضبط إيقاع العمل التنموي الحاصل في المشروعات الاقتصادية والتنموية في كافة القطاعات ضروري، وبنظرة بسيطة على بعض شوارع العاصمة حيث لا تنفك من أن تنتهي شركة ما من مشروع لتأسيس خط هاتفي أو كهربائي أو خدمي حتى تأتي أخرى للحفر في ذات الموقع، في مشهد عبثي ينم عن استهتار بمقدرات البلد ومواطنيه، لذا فإن مجلس الاقتصاد والتنمية ضرورة لفك الاشتباك الحاصل، ولرفع مستوى التنسيق بين القطاعات وتوحيد الجهود ومعرفة إلى أين نمضي؟

مشاركة :