د. مجدى بدران يكتب: الأهداب التنفسية والمخاط والمناعة

  • 11/30/2019
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

الأهداب التنفسية زوائد مجهرية تنتشر على سطح الخلايا المبطنة للشعب الهوائية فى أغلب الثدييات، و يتواجد حوالى مائة من الأهداب على كل خلية طلائية، تسبح في المخاط و هى مزودة بكلابات تحمل المخاط من الطبقة المخاطية التى تليها. يتراوح طول الأهداب من 1-10 ميكرومتر و العرض أقل من 1 ميكرومتر،و يقل طولها فى الممرات الطرفية.تتواجد الأهداب فى كافة الأنابيب والمجارى فى جسم الإنسان ،مثل الأنف و الجيوب الأنفية و قناة أوستاكيوس الواصلة بين الأذن الوسطى وتجويف الحلق ، و قناة فالوب التى تصل بين المبيض والرحم وتنقل البويضات للرحم .أصبحنا ننظر للأهداب التنفسية كأجهزة بيولوجية متناهية الصغر أشبه بأجهزة النانو التيكنولوجية ، تقوم بمهام متعددة بكفاءة بالرغم من حجمها المتنامى فى الصغر الذى يعتبر أصغر من الخلية الحية أو البكتيريا .تهتزالأهداب بمقدار 800 مرة في الدقيقة فى الشعب الهوائية، و 400 مرة فى الدقيقة فى الأنف و الجيوب الأنفية.تتحرك الأهداب حركة منتظمة فى اتجاه واحد للخارج بعيدا عن مناطق تبادل الغازات، و تحرك المخاط أولاَ بأول خارج الرئة و بسرعة 9 مم فى الدقيقه.تنظف الأهداب التنفسية ما تحتها من خلايا بصورة دائمة،و تطرد ما يتجمع من مواد غريبة في الجهاز التنفسية. تحمل الأهداب التنفسية مستقبلات تكتشف المواد الغريبة ليتم التعامل معها على الفور للتخلص منها وطردها أولا بأول .ينتج الجهاز التنفسي فى الشخص البالغ حوالي لترين من المخاط يوميا ، و يتكون المخاط من كربوهيدرات،و مواد بروتينية،و مواد دهنية.المخاط غنى بالماء مما يرطب و يدفئ الهواء المستنشق .يفرز المخاط فى الجهاز التنفسى من نوعين من الخلايا ، نوع يتواجد فى سطح الخلايا التنفسية ويسمى بالخلية الكأسية لأنها تشبه الكأس ، والنوع الثانى من خلايا تتواجد فى النسيج الضام الذى يتواجد تحت الغشاء المخاطى فى المجارى التنفسية.الأهداب كاسحة للمخاط،و لولاها لتجمع المخاط وسد الشعب الهوائية فتحاول الرئتان التخلص منه بالكحة. المخاط بمثابة فخ مناعى يعمل كمصيدة طبيعية تحتجز جزيئات الأتربة و البكتيريا و الجسيمات الغريبة . يحتوى المخاط أيضا على مضادات حيوية طبيعية تسمى الديفنسينات تستطيع تحطيم البكتيريا ، و يحتوى أيضا على إنزيم اللايسوزيم المضاد للبكتيريا . فى الأنف يحاصر المخاط الجسيمات التى يتعدى قطرها 4 ميكرومتر،و يحول دون وصولها الرئة. يتواجد المخاط فى الغشاء المخاطى فى الأنف فى العديد من النهايات العصبية التى تستثارعند تواجد الجسيمات كبيرة الحجم ، وهذا يسبب العطس وهو بمثابة دفاع ميكانيكى ، فتندفع كميات كبيرة من الهواء طاردة الجسيمات الغريبة مع المخاط.يزداد إنتاج المخاط و تقل حركته فى الجهاز التنفسى فى حالات الربو،و الالتهابات الشعبية. تراكم المخاط الزائد وعدم خروجه من الجهاز التنفسى يحوله من وسيلة دفاعية إلى عامل من عوامل الخطورة ، فيصبح مرتعًا للميكروبات، و مزرعة لها تهدد حياة المريض.الأهداب لها دور فى المناعة، وتعمل كخطوط دفاعية تمنع دخول الميكروبات الخلايا، و هناك تنسيق وظيفى متناغم بين الأهداب و الخلايا المناعية . عند توقف الأهداب التنفسية عن الحركة سرعان ما تستوطن الميكروبات الممرات الهوائية .أمراض الأهداب بعضها وراثى يتأخر تشخيصها أحيانا، و بعضها مكتسب. شلل الأهداب الوراثى مرض نادر متنحى ، يظهر فى 25% من أطفال الوالدين اللذين يحملان الجينات المعيبة لكن بدون ظهور أعراض فى الوالدين. تغيب حركة الأهداب في شلل الأهداب الوراثى أو تقل،و يقل تنسيق حركاتها ، وبالتالى تقل عمليات تنظيف المجارى و الأنابيب الهوائية ، فيتراكم المخاط، و تصبح الالتهابات مزمنة خاصة فى الجيوب الأنفية، و الشعب الهوائية. كما تتكرر التهابات الأذن الوسطى فى حالات شلل الأهداب الوراثى ، و ربما تسبب فقدان السمع فى 75% من الحالات ، و تتكرر أيضا الالتهابات التنفسية خاصة فى حديثى الولادة، و بمرور العمر يحدث تدمير مستمر للجهاز التنفسى. تمدد الشهب الهوائه يحدث بالتدريج منذ الطفولة فى حالات شلل الأهداب الوراثى. ينشأ العقم فى حالات شلل الأهداب الوراثى نتيجة نقص حركة الحيوانات المنوية ، فذيل الحيوان المنوى يشابه الهدب.تتأثر كفاءة عمل الأهداب التنفسية بعدد الأهداب الصالحة للعمل،و قوة حركة الأهداب، و تركيب الأهداب البنائى،و التنسيق بين ضربات الأهداب مما يجعل الحركة منتظمة وفى إتجاه واحد للفم ، و تلوث الهواء، و برودة الجو، و قلة السوائل فى الجسم،وتناول بعض الأدوية مثل بعض مضادات الحساسية و بعض أدوية التخدير، و أدوية البرد،و قطرات علاج احتقان الأنف،و إدمان الكحوليات، و العدوى بالميكروبات.جفاف الأغشية المخاطية التنفسية يهدد سلامة الأهداب التنفسية . يمكن أن يصاب الأشخاص المصابون بالتهاب الشعب الهوائية بجفاف الأغشية المخاطية التنفسية مما يقلل من كفاءة الأهداب التنفسية بسبب زيادة فقدان السوائل مع ارتفاع درجة الحرارة والتنفس السريع وسيلان الأنف و ربما حدوث القيء أو الإسهال.التدخين يشل الأهداب ،و يقصر من أطوالها فتصبح قزمة، مما يقلل من وظيفتها، و يقلل من قوة ضرباتها فتصبح ضعيفة، و يدمرها على المدى الطويل. ينتج تدخين التبغ عدة مواد سامة للأهداب مثل سيانيد الهيدروجين،و الأكرولين و الأمونيا والفورمالديهايد و ثانى أكسيد النيتروجين.للحفاظ على منظومة الأهداب ينبغى الحرص على التغذية الجيدة و شرب الماء بوفرة و ممارسة الرياضة و البعد عن التدخين و الأتربة و الأدوية العشوائية .

مشاركة :