قالت خبيرة مستقلة من الأمم المتحدة إن العمال الأجانب في قطر يواجهون التمييز بسبب جنسيتهم وأصلهم القومي ويعانون من “انتشار التنميط” العرقي والإثني. وشهدت الدولة الخليجية تدفقا للعمال الأجانب خصوصا من الدول النامية الفقيرة، استعدادا لبطولة كأس العالم لكرة القدم 2022 ما يعني أن 90 بالمئة من سكان قطر هم من غير القطريين. وتأتي تصريحات الخبيرة الأممية في وقت حذرت فيه العديد من المنظمات الدولية والحقوقية من تنامي التمييز ضد العمال الأجانب في قطر. وكانت منظمة العفو الدولية قد حذّرت في وقت سابق من أنّ قطر تُخاطر “بمخالفة الوعود التي قطعتها على نفسها من أجل التصدّي لعملية الاستغلال العمّالي الواسع النطاق لآلاف العمّال الأجانب” قبل انطلاقة بطولة كأس العالم لكرة القدم. وصرحت تنداي أشيوم، المقررة الخاصة حول التمييز “يتأثر تمتع الكثيرين في قطر بحقوق الإنسان إلى حد كبير بأصلهم القومي وجنسيتهم”. قليلون هم العمال الأجانب الذين يتأهلون للحصول على إقامة دائمة ولا يحصل أي منهم على المزايا الاجتماعية التي يتمتع بها القطريون وغالبا ما يتم توظيف العمال الأجانب للقيام بأعمال معينة بحيث أن النساء القادمات من جنوب شرق آسيا عادة ما يعملن خادمات في المنازل، بينما يعمل الرجال من جنوب آسيا في أعمال البناء التي لا تتطلب مهارة، بحسب المقررة. وأضافت أن “العديد من العمال ذوي الدخل المتدني يمضون جزءا كبيرا من حياتهم العملية في قطر، ويواجهون خلال ذلك عوائق جدية تمنعهم من التمتع الكامل بحقوق الإنسان الأساسية”. وقليلون جدا هم العمال الأجانب الذين يتأهلون للحصول على إقامة دائمة، ولا يحصل أي منهم على الجنسية والمزايا الاجتماعية التي يتمتع بها القطريون. وبالرغم من أن الدوحة تحاول المناورة على أكثر من صعيد من أجل إسكات المنتقدين لطريقة التعامل مع العمال الأجانب من خلال الترويج مثلا لإصدار قانون يحمي هؤلاء في نوفمبر الماضي، فإن أعين المنظمات لا تنام وهي تحاول إيقاظ الجانب الإنساني في المسؤولين القطريين لتحسين معاملاتهم للعمال الأجانب. ويعد المقررون الخاصون جزءا مما يعرف بالإجراءات الخاصة لمجلس حقوق الإنسان ولا يتحدثون باسم الأمم المتحدة، إلا أن نتائج تحقيقاتهم يمكن أن تستخدم من قبل المنظمات الأممية الأخرى، وبينها مجلس الحقوق وستقدم أشيوم تقريرها النهائي حول زيارتها لقطر إلى مجلس حقوق الإنسان الأممي في يوليو 2020. وحذرت المقررة الأممية من أن “التنميط ينتشر في القطاعين الخاص والعام وأنه يتم افتراض أن الرجال من أفريقيا جنوب الصحراء ليسوا نظيفين، بينما النساء مباحات جنسياً، كما يعتبر القادمون من جنوب آسيا غير أذكياء”. وأضافت “أما القادمون من أميركا الشمالية وأوروبا وأستراليا، فيعتبرون متفوقين، ويعتبر البيض بشكل عام أكثر قدرة وكفاءة”. ولكن أشيوم أكدت أنه رغم أن التمييز والعنصرية لا يزالان يمثلان مشكلة في قطر، إلا أن السلطات أقرت بالمشكلة لكن دون أن يتم تقديم حلول ملموسة تخفف من وطأة الظاهرة. وقالت “وجود النمطية العنصرية والإثنية والقومية والهياكل التمييزية… هي في جزء منها ثمرة تاريخ العبودية في قطر”. وتم إلغاء العبودية في الإمارة سنة 1952. وغالبا ما تتعرض الدوحة لانتقادات لاذعة ومطالبات بتعزيز ترسانة القوانين المنظمة لآليات تشغيل العمال الأجانب فيها، لكن من الواضح أن قطر لا تصغي لنداءات المنظمات الدولية. وفي وقت سابق من هذا العام كانت منظمة العفو الدولية قد دعت الدوحة إلى رفع الحدّ الأدنى للأجور من أجل ألا يكون العمّال الأجانب مثقلين بالديون، كما دعت إلى وقف ممارسة بعض أصحاب العمل الذين يُصادرون جوازات سفر عمّالهم. وناشدت أيضا المنظّمة غير الحكوميّة قطر توفير حماية أفضل لعمّال المنازل البالغ عددهم حوالي 175 ألفاً، والذين “يبقون بعيدين عن الأنظار ومنسيّين“. وقالت أشيوم -وهي أيضا أستاذة قانون في كلية الحقوق بجامعة كاليفورنيا الأميركية- إنها تلقت تقارير عن “انتشار التنميط العرقي والإثني من قبل الشرطة وسلطات المرور وحتى من قبل قوات الأمن الخاصة العاملة في الحدائق ومراكز التسوق في جميع أنحاء الدولة”. وأضافت أن التقارير تفيد بأن “مواطني جنوب آسيا وأفريقيا جنوب الصحراء الكبرى يمنعون من دخول قطر بسبب مظهرهم”. وأكدت المقررة الأممية كذلك “أنه لا يزال يتعين القيام بالكثير” في إشارة إلى الإصلاحات التي قد تنهي معاناة العمال الأجانب في قطر. وتخضع ظروف العمالة في قطر لمتابعة دقيقة من قبل منظمات حقوقية وإنسانية وعمالية منذ الإعلان سنة 2010 عن فوزها باستضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم في عام 2022، الأمر الذي جعل الدوحة في حاجة إلى يد عاملة كثيرة تساعدها على التجهيز للمسابقة الكروية الدولية.
مشاركة :