الدوحة- الراية: نظّم الملتقى القطري للمؤلفين جلسة قراءة في كتاب، وذلك في إطار سلسلة الندوات الفكرية الدورية، لفهم وتوضيح المرجعيات النقدية، حيث عرض الملتقى، كتاب “اعترافات روائي ناشئ” للمفكر والروائي الإيطالي أمبرتو إيكو، لتكون المحاضرة التي قدّمها الدكتور عبد الحق بلعابد مجالًا للتوسع في طرح أفكار المفكر الإيطالي. واعتبر الدكتور بلعابد أن هذا الكتاب يعدّ إرثًا في الدراسات النقدية التأويلية ذات المرجعية الفكرية الفلسفية، نظرًا لتخصص صاحبه في السيميائيات ونظريات القراءة. وكشف في ذات السياق، عن وجهة نظر الكاتب بخصوص تأويل النصوص الأدبية وقواعد الكتابة الإبداعية، معتبرًا أن النصّ مجرد آلة كسولة ينشطها القارئ بالتفاعل معها وتأويلها والغوص في دلالاتها ومعانيها، إذ إن مَهمة القارئ تتمثل في ملء الفراغات وإزالة الغموض الذي يشوب بعض التفاصيل. ولم يكتفِ المفكر والكاتب الإيطالي في كتابه بوضع دليل أو مخطط للكتابة والنقد الاحترافي، بل تجاوز ذلك إلى تأطير المُمارسات من جانب المؤلف والقارئ على حدّ سواء إذ فرض على الكاتب تسجيل أرشيف القراءات التي سمّاها الموسوعة، وطالبه بالنزول من البرج العاجي والتواضع واشترط على القارئ التقيّد بحدود التأويل التي تطرحها الإشارات المضمنة في النص، وطالبه بالتوقف عند حدود النص والالتزام بالحياد والموضوعيّة. وركّز على أهمية القراءة والتوسّع في الأبحاث، ذلك أن الكاتب والناقد النموذجي يجب أن يكون مطلعًا وملمًا بالأعمال الأدبية، وبمختلف العلوم وأن يعطي المجال لنفسه للمُراجعة، وإعادة النظر في التفاصيل، لتصل أفكاره إلى مرحلة النضج، فكلما نضجت الأفكار بلغ الإنتاج الفكري مرحلة الإبهار. وأوضح بلعابد، أن السيميائي الكبير “أمبرتو إيكو” تمكن من خلال هذا العمل من بناء صرح كبير للكتابة والنقد يصعب اختراقه، إذ رصّ القواعد وحدد المفاهيم ووضع الأعمدة الأساسية للكتابة والنقد الاحترافي. واعتبر أن هذا الدليل الذي اقترحه إيكو لا يضع أيَّ قيود على العمل الإبداعي الأدبي، بل هو دعوة للمؤلفين الناشئين للإكثار من القراءة والانفتاح على النصوص الأدبية المُختلفة لتصبح لكل كاتب لائحة من الكتب والمرجعيات والمصادر يعتمد عليها في كتاباته، مؤكدًا أن الكتابة الإبداعية الناجحة هي بالأساس نتاج القراءات والمعلومات المُتراكمة.
مشاركة :