«تحدَّث أيّها الغريب، تحدّث» لـ غسان زقطان: بُحَّة الكلمات

  • 12/3/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

منذ القصائد الأولى لديوان الشاعر الفلسطيني غسان زقطان «تحدّث أيّها الغريب، تحدّث»، الصادر حديثاً عن منشورات المتوسط - إيطاليا، نسمعُ بحَّة في الكلمات، في صوت الغريب الذي مرَّ على عجلٍ في دربٍ معتمٍ لم يعد يأتي منه التَّائهون، لكنَّ الشاعر، في غربتهِ المُركَّبة، يصنعُ معجزاتٍ صغيرةٍ تجعلُ من الماضي، حُجَّةً يستعيدُ بها ذكرياتِ طفولةٍ بعيدةٍ، حيثُ المشهدُ الذي تغيَّر جذرياً واستُنزِفت ذاكرتُه عن آخرها؛ يتحوَّلُ إلى ألبومِ صورٍ يبحثُ عن ملامحِ ساكنيهِ. هناك تأصيلٌ شعرِيٌّ يطالُ المكانَ، والنّاسَ والحياةَ وما يتبعُها من تفاصيل، تشبهُ تعاويذ وحُجُب «بائع الغيب» الذي يحفظُ الذِّكريات من أن تضلّ، أو تضيعَ بينَ نظراتِ العيونِ الهائمة، يكتب غسان زقطان: رأيتُ الكثيرَ من العيونِ، تلكَ صنْعَتِي، سرقتُ خوفَها وألَمها وأحزانَها وبِعتُها لأغرابٍ جاؤوا للفرجة. مثلَ رحَّالةٍ، لا وجهةَ له، يبدو زقطان وهو يعيدُ رسمَ المدنِ والجبال والطرق والشوارع والأحياء التي يمرُّ بها، أو تمرُّ بها قصيدتهُ، فلا شكَّ أن هذا التقمُّص الحسِّي بينهما، القصيدة والشَّاعر، يعزِّزُ الصِّلة بين الغائب والحاضر، بين القارئ والكاتب، بين الصانع وحرفته، والفلاح وأرضه، والنَّديم وكأسه.. فالشَّاعرُ هو هؤلاءِ وأكثر قليلاً. ونقرأ على غلاف الكتاب، ما جاء في وصفِ (American Book Review) لشعر غسان زقطان على أنَّه: «شعر غنائي يحمل منظوراً وثائقياً للحياة في زمن الحرب. ولكن زقطان ليس شاعراً توثيقياً، بل شاعر يرسم صوته الغنائي في دفتر الأحداث الدامية في بلاده، ليصبح رجال الشرطة والطلقات النارية مجرد أساطير، ومجرد نيران غنائية».

مشاركة :