تطبيقات التكنولوجيا في الحياة اليومية «3 من 3»

  • 12/5/2019
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

أجريت أخيرا بعض أعمال الصيانة في منزلي. واستخدم أفراد فريق العمال هواتفهم المتنقلة لتصوير المواد التي تتطلب الإحلال، والتواصل مع زملائهم في متجر أجهزة الحاسوب، والوصول إلى موقع العمل، واستخدام مصباح ضوئي للبحث في الأماكن المظلمة، وطلب وجبة الغداء لتوصيلها إليهم والتواصل معي. كل هذه المهام التي كانت تستهلك وقتا في الماضي، تنفذ الآن بطريقة أسهل وأسرع، حيث يقضي العمال وقتا أقل في انتظار التعليمات، أو المعلومات، أو القطع المطلوبة للعمل. والنتيجة هي انخفاض تكاليف المعاملات وزيادة الكفاءة. واليوم، لا يستطيع إلا الأثرياء تحمل تكاليف تشغيل مساعدين تنفيذيين. لكن في المستقبل، سيكون لكل شخص القدرة على الوصول إلى خدمات المساعدة الرقمية التي يمكن أن تبحث في كميات كبيرة من المعلومات والتواصل مع مساعدين آخرين لتنسيق الاجتماعات، والاحتفاظ بالسجلات، وتحديد مواقع البيانات، وتخطيط الرحلات والقيام بعشرات الأمور الأخرى الضرورية لتنفيذ الأعمال. وتضخ شركات التكنولوجيا الكبيرة استثمارات كبيرة في هذه التكنولوجيا، ويمكن أن نتوقع رؤية تقدم سريع بفضل ضغوط المنافسة. وتعد الهواتف المتنقلة الآن أقوى وأقل تكلفة بكثير من تلك المستخدمة في رحلة أبولو 11 الاستكشافية المأهولة بالبشر، التي انطلقت إلى القمر في عام 1969، فقد أصبحت مكونات الهواتف المتنقلة "سلعية"، فالشاشات، والمعالجات، وأجهزة الاستشعار، ورقاقات النظام العالمي لتحديد المواقع، ورقاقات التواصل الشبكي، ورقاقات الذاكرة، أصبحت تكلفتها اليوم لا تذكر تقريبا. فيمكن أن تشتري هاتفا ذكيا ذي إمكانات معقولة الآن بمقابل 50 دولارا، ولا تزال الأسعار تنخفض. وأصبحت الهواتف الذكية أمرا عاديا حتى في المناطق الفقيرة جدا. وأتاح توافر هذه المكونات منخفضة التكلفة للمبتكرين دمج وإعادة دمج هذه المكونات لإنتاج أجهزة جديدة مثل أجهزة مراقبة اللياقة البدنية، وسماعات الرأس الواقعية الافتراضية، ونظم مراقبة المركبات منخفضة التكلفة، وما إلى ذلك. والراسبيري باي Raspberry Pi هو حاسوب سعره 35 دولارا تم تصميمه في جامعة كامبريدج ويستخدم أجزاء الهواتف المتنقلة ولوحة إلكترونية بحجم حزمة من أوراق اللعب. وهو أقوى بكثير من نظم يونكس Unix التي ظهرت منذ 15 عاما فقط. وتقود قوى توحيد المقاييس وتطبيق نظم الوحدات وانخفاض الأسعار التقدم في البرمجيات. فالأجهزة الجديدة المنتجة باستخدام أجزاء الهواتف المتنقلة تستخدم في كثير من الأحيان برمجيات مفتوحة المصدر لنظام التشغيل الخاص بها. وفي الوقت نفسه، أصبحت لوحات ذاكرة الحواسيب المكتبية من عصر الحاسوب الشخصي الآن مكونات في المراكز الضخمة للبيانات، التي تعمل أيضا على برمجيات مفتوحة المصدر. وتقوم الأجهزة المتنقلة بمهام معقدة نسبيا مثل التعرف على الصورة، والتعرف على الصوت والترجمة التلقائية لمراكز البيانات حسب الحاجة. وأدى توافر الأجهزة الرخيصة، والبرمجيات المجانية، والوصول غير المكلف لخدمات البيانات، إلى خفض كبير في الحواجز التي تعترض دخول الأسواق في مجال تنمية البرمجيات، ما وفر الملايين من تطبيقات الهواتف المتنقلة بتكلفة بسيطة. لقد رسمت صورة متفائلة لكيفية انعكاس التكنولوجيا على الاقتصاد العالمي، لكن كيف سيظهر هذا التقدم التكنولوجي في الإحصاءات الاقتصادية التقليدية؟ الصورة مختلطة نوعا ما في هذه الحالة. فلننظر إلى إجمالي الناتج المحلي، على سبيل المثال، الذي يعرف عادة بأنه القيمة السوقية لجميع السلع والخدمات النهائية المنتجة في بلد ما في وقت زمني معين. والمشكلة ترتبط بعبارة "القيمة السوقية"، لأن السلعة إذا لم تكن تباع أو تشترى، فإنها لا تظهر عادة في إجمالي الناتج المحلي. وهذه المسألة لها انعكاسات كثيرة. فإنتاج الأسر، والمحتوى الذي تدعمه الإعلانات، وتكاليف المعاملات، والتغيرات في الجودة، والخدمات المجانية، والبرمجيات مفتوحة المصدر، كلها أمور غامضة بالنسبة إلى إجمالي الناتج المحلي، لأن التقدم التكنولوجي في هذه الأمور لا يظهر مباشرة في إجمالي الناتج المحلي. ولننظر، على سبيل المثال، إلى المحتوى المدعوم بإعلانات المستخدم على نطاق واسع لدعم توفير الوسائل الإعلامية على الإنترنت. ففي الحسابات الاقتصادية الوطنية لمكتب التحليل الاقتصادي الأمريكي، تعامل الإعلانات كنفقات تسويق - منتجا وسيطا - وبالتالي لا تحسب جزءا من إجمالي الناتج المحلي. ومقدم المحتوى الذي ينتقل من نموذج أعمال الدفع مقابل المشاهدة إلى نموذج مدعوم بالإعلانات يخفض إجمالي الناتج المحلي. ومن الأمثلة على التكنولوجيا التي تحدث فرقا كبيرا في الإنتاجية، تكنولوجيا التصوير. ففي عام 2000 التقطت 80 مليار صورة في جميع أنحاء العالم، وهو تقدير جيد بالنظر إلى أنه لم تكن هناك إلا ثلاث شركات تنتج أفلاما في ذلك الحين. وفي عام 2015 يبدو أن هناك 5.1 تريليون صورة التقطت في جميع أنحاء العالم، أي زهاء 20 ضعف العدد السابق. وفي الوقت الذي زاد فيه الحجم زيادة هائلة، انخفضت تكلفة الصورة من نحو 50 سنتا للفيلم ووصلت تكلفة التحميض إلى الصفر تقريبا. وبالتالي، على مدى 15 عاما، انخفض السعر إلى الصفر وزاد الناتج 20 ضعفا. وبالتأكيد، هذه زيادة هائلة في الإنتاجية. لكن - مع الأسف - لم يظهر معظم زيادة الإنتاجية في إجمالي الناتج المحلي، نظرا إلى أن الأرقام التي تقاس تعتمد على المبيعات من الأفلام وأجهزة التصوير وخدمات التحميض التي لم تعد إلا جزءا صغيرا من عملية التصوير هذه الأيام.

مشاركة :