... وفي العراق اثار قديمة ايضا تقدم حضارات قديمة وبها ألوان متعددة قريبة من البيئة ومثلها كانت حضارة المايا والاستيك في اميركا الجنوبية كما ان مدائن صالح في المملكة العربية السعودية فان اللون الرمادي والابيض بتنسيق جميل. وفي الكويت لدينا اثار في جزيرة فيلكا وفي الصبية وهي تميل الى البيئة حيث لون الصخور والرمال حيث اللون الابيض والرمادي بدرجات مختلفة والتي تمثل جماليات رائعة خاصة عندما تنظر اليها مع زرقة مياه الخليج العربي. ولا يفوتنا ذكر الالوان في المباني الشهيرة مثل البيت الابيض في الولايات المتحدة الاميركية ومبنى الكرملين في جمهورية روسيا حيث التناسق بين اللون الابيض واللون الذهبي،وكذلك المنازل القديمة في مدينة قرطبة الاسبانية التي ما زالت البلدية تحافظ عليها مما اكسبها تميزا اضافة الى الرخام الابيض في مبنى تاج محل بالجمهورية الهندية، ويمكن التحدث عن ابراج الكويت فهي مبنى جميل والوانه الفضية التي تميل الى اللون الازرق تمنحها جمالا أخاذا خاصة انها باتت مشهورة مع انتشار وسائل الاعلام الحديثة،وهناك مبان ملونة كثيرة في مختلف دول العالم وما سبق كان للذكر وليس للحصر. وفي التصوير السينمائي نجد انها تعكس الواقع كما انها تعكس الرسالة التي يريد ايصالها منتج الفيلم فهو يسعى الى غرس مفاهيم لدى الناشئة بشكل خاص ولدى الشعب بشكل عام،وهذا ما تفعله الانظمة الشمولية ابان الحرب الباردة،ويتم خلالها تقديم اللون الاحمر بصورة جميلة في الافلام السينمائية الا ان بعض افلام السينما في اوروبا الشرقية تقدم العكس بذكاء فهي تقدم الزوجة التي قبض الامن على زوجها،وبات رجال الامن يترددون على منزلها للتفتيش اكثر من مرة،وفي كل مرة تجلس على الكرسي وبينما رجال الامن يفتشون لا تتحرك وفي المرة الاولى كانت الاضاءة قوية ثم بدأت تخفت تدريجيا الى ان وصلت الى بات الضوء يغطي نصف وجهها والنصف الاخر محاطا بالظل،وهنا استطاع المخرج ان يقدم ما يدور في ذهنه دون ان يتعرض للعقوبة من قبل رقابة السلطة الشمولية. وعند مشاهدة فيلم سينمائي جيد فانه يحقق المتعة من خلال النص والتمثيل والتصوير والاخراج والاضاءة والصوت والديكور والملابس والماكياج والطبيعة وكل تلك الامور تضم ألوانا عدة،ويميل بعض المخرجين الى استخدام الالوان في التعبير عن بعض الامور الا ان البعض الاخر لا يكترث للالوان في الفيلم السينمائي وان وجدت فهي لا تحمل الكثير. وهناك تعبير عن بعض المخرجين من انهم يقدمون صورة جميلة عبر مشاهد افلامهم،وعادة فان المخرجين يعتمدون على فريق من المصورين او على رئيس المصورين كونه يتلمس التفاهم والانسجام بينهما بصورة كبيرة لذا فانه يحب العمل معه في كل اعماله السينمائية. والواقع ان الافلام السينمائية تقدم الكثير من الالوان انما هناك اختلاف في طريقة استخدام كل لون بغية الحصول على انتباه المتلقي والتأثير على مشاعره عبر توظيف الالوان وهي معادلة ليست سهلة بل معقدة وتتطلب رؤية متأنية،وهي مرتبطة بالمخرج عندما يريد ان يقدم مشهدا فيه رومانسية او سعادة او قلق او خوف او قتل ودمار،وكل حالة هناك اكثر من لون يعبر عنها،ومتى ما كانت الالوان ملائمة وغير متكلفة فانها ستخدم الفيلم السينمائي وتحظى باهتمام الجمهور والنقاد. والامثلة كثيرة على استخدام الالوان ودلالاتها في السينما الا انني سأذكر فيلمين فقط ففي فيلم «طريق العودة» فان المخرج «بيتر وير» كان منسجما مع البيئة والطبيعة القاسية لاحداث الفيلم في سيبيريا فاستخدم الوانا معينة للملابس والاثاث الخشبي الذي ظهر بنفس لون جسد الانسان اضافة الى الوان الطبيعة الابيض والاخضر حيث الثلوج والاشجار القادرة على تحمل المناخ المتجمد والطبيعة القاسية اضافة الى درجات اللون الاسود والظل. ولان المسألة مرتبطة بمدى ثقافة المخرج السينمائي وبالتالي فهو صاحب القرار في اعتماد الالوان كعنصر رئيس في اجواء ومكونات الفيلم وهذا ما يمكن تلمسه في فيلم «أفاتار» للمخرج الكندي «جيمس كاميرون» الذي ملأ الفيلم بسلسلة من الالوان على اختلاف درجاتها حيث اللون الاخضر والازرق والوردي والبنفسجي ناهيك عن الضوء والظل في بعض الاحيان فكان فيلما سينمائيا رائعا حصد الملايين ومعه اعجاب النقاد والجمهور على السواء،وهو اكثر فيلم في تاريخ السينما قدم المتعة عبر الالوان في امتزاج مذهل مع الطبيعة والانسان. وفي الختام يمكن القول بأن الالوان تعيش بيننا،وتفرض علينا حضورها بصورة كبيرة ونحن وان كان بالامكان الاختيار بينها الا اننا لا نستطيع تجاهلها. * كاتب وفنان تشكيلي
مشاركة :