ساعات تفصل لبنان عن اختبار القدرة على إجراء الاستشارات النيابيّة الملزِمة، التي أعرب الرئيس ميشال عون عن ارتياحه لتحديد موعدها بعد غدٍ الاثنين، آملاً في تشكيل حكومة جديدة تضطلع بتحقيق الإصلاحات، وتُخرج البلد من الأزمة الخانقة التي تعصف به، وتستجيب لمطالب الشعب اللبناني،علماً بأن الضغوط الدوليّة على السلطات اللبنانية اتخذت فعلاً طابعاً جديّاً، في ظلّ تحرك فرنسا نحو عقد اجتماع قريب لمجموعة الدعم الدوليّة للبنان الشهر الجاري، من دون ربطه بتأليف الحكومة العتيدة في لبنان، بل للضغط بقوّة من أجل تأليف الحكومة التي تستوفي معايير الدعم الدولي المنتظر، والذي ستسعى فرنسا، ومعها دول أوروبية أخرى، من أجل توفير مساعدات عاجلة للبنان في حال وُلدت الحكومة. يأتي هذا في وقت طلب رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري دعماً مالياً لبلاده من دول أجنبية وعربية عدة لتأمين المواد الأساسية الغذائية والأولية ومعالجة النقص في السيولة في بلد يشهد أزمة اقتصادية خانقة. وأعلن الحريري في بيان أنه «في إطار الجهود التي يبذلها لمعالجة النقص في السيولة، وتأمين مستلزمات الاستيراد الأساسية لللبنانيين، توجه بطلب لمساعدة بلاده بتأمين اعتمادات للاستيراد بما يؤمن استمرارية الأمن الغذائي والمواد الأولية للإنتاج لمختلف القطاعات». من جهة أخرى، قال مسؤول أوروبي إن الدعوات أرسلت لحضور اجتماع باريس يوم 11 ديسمبر الجاري. وذكر مسؤول لبناني «أنه اجتماع لمحاولة حشد الدعم لمساعدة لبنان على التعامل مع الأزمة الحادة التي يواجهها». موقف غامض وعشيّة الاستشارات، بدا الموقف بالغ الغموض والحذر، على رغم التفاؤل بما تمّ التفاهم عليه بين المعنيّين لإنجاز الاستحقاق الحكومي تكليفاً وتأليفاً، على رغم الإيجابيات التي أُمكن بلوغها في الساعات الأخيرة، خصوصاً على صعيد حسْم اسم المهندس سمير الخطيب مرشّحاً وحيداً حتى الآن لرئاسة الحكومة الجديدة، وذلك لثلاثة أسباب، بدءاً من مدى النجاح في الوصول إلى تجسيد الوقائع على الأرض انطلاقاً من استشارات التكليف، مروراً بالخلافات التي لا تزال موجودة في هذا الشأن، ووصولاً إلى قدرة الشارع على نسْف ما اتُّفِق عليه في الأيام المقبلة. وفي السياق، يشار إلى التكهّنات بوجود «سيناريوهات» عدّة ما تزال واردة أو مخبّأة لدى الكتل الفاعلة، وأبرزها احتمال عودة الحريري إلى رئاسة الحكومة. وهكذا، تبدو الأمور أكثر تعقيداً من الصورة «الزهريّة» التي أوحت بها عملية تحديد موعد الاستشارات، ذلك أنّ بورصة الأسماء لا تزال مشرعة على أسماء جديدة في الفترة الفاصلة عن موعد الاستشارات الملزِمة، وأنّ مفاجآت قد تحصل. وذلك، وسط ارتفاع منسوب الكلام عن أنّ موعد الحكومة لم يحنْ بعد لارتباطه بتطوّرات عدّة، إقليميّة ودوليّة، وترجيح إعادة إحياء تصريف الأعمال، أو العودة مجدّداً إلى صيغة تعيد تكليف الحريري. مع الإشارة إلى أنّ الحريري كان واضحاً في الإعراب عن تفضيله تشكيل حكومة اختصاصيّين تحاكي تطلعات الناس وضرورات المرحلة الاقتصاديّة الحرجة التي يمرّ بها لبنان، لكنّ الفريق الآخر رفض الأمر، فكان أن رفض الحريري في المقابل ترؤّس حكومة تكنو- سياسيّة، فاسحاً في المجال أمام هذا الفريق أن يخوض غمار تكليف شخصيّة أخرى لتولّي هذه المهمة. وإزاء التردّد في قرارات الأطراف السياسيّة، في ما يتعلّق بالاستشارات النيابيّة، بقي الرهان على ما سيُقدم عليه الحراك في الشارع، بعدما تحدّثت معلومات عن الاستعداد لإطلاق «أحد الغضب»، غداً، قبل 24 ساعة من إطلاق الاستشارات، في حين توقعت مصادر قريبة من الحراك المدني أن تشهد حركتهم طابعاً تصعيدياً، وصولاً ربّما إلى منع وصول النواب إلى قصر بعبدا الاثنين، اعتراضاً على أداء المعنيّين بالتكليف والتأليف شكلاً ومضموناً، وتحديداً مع استمرار التداول باسم الخطيب المرفوض من قبلهم.طباعةEmailفيسبوكتويترلينكدينPin InterestWhats App
مشاركة :