منذ أسابيع، نقرأ سيلا من الأخبار والتقارير الأجنبية والعربية كلها تتحدث عن قرب ما يسمونها «مصالحة» مع قطر، أي بين الدول الأربع المقاطعة وقطر. بداية لا نظن أن كلمة «مصالحة» هي الكلمة المناسبة لوصف هذا الوضع حتى إن صحت هذه التقديرات. المصالحة تكون بين طرفين متخاصمين بينهما خلافات في وجهات النظر، وقد يتحملان نفس القدر من المسؤولية. وليس هذا هو الحال مع قطر. نحن إزاء ازمة قطرية يسمونها في الغرب الأزمة الخليجية. أزمة سببها كما نعرف سياسات وممارسات قطرية تهدد أمن الدول الأربع والأمن القومي العربي عامة. لهذا، الحديث يجب أن يدور حول حل للأزمة القطرية أو عدم حل. بغض النظر عن هذا الجانب، الذين يتحدثون عن قرب «مصالحة» مع قطر، يقدمون مؤشرات كثيرة يدللون بها على ذلك. في مقدمة هذه المؤشرات قرار البحرين والسعودية والإمارات المشاركة في كأس الخليج في الدوحة، ومنها التهدئة الإعلامية. وهناك أحاديث عن زيارة سرية قام بها وزير الخارجية القطري للسعودية وقدم فيها عرضا معينا من أجل إنهاء المقاطعة.. وهكذا. وبناء على هذا، توقع الكثيرون أن تشهد قمة مجلس التعاون التي ستعقد بالرياض بعد غد هذه المصالحة مع قطر، أو على الأقل حدوث اختراق كبير في هذا المجال. بالطبع، لا نعرف بالضبط هل هذا الكلام صحيح أم لا، وهل ستشهد القمة فعلا ما يسمونها مصالحة، لكن من واقع الأجواء الحالية، والتصريحات، والمؤشرات العامة، من الواضح فعلا أن هناك جديدا في القضية. كلنا كمواطنين عرب نتمنى أن تنتهي الأزمة فعلا بالشكل المقبول الذي يجب أن تنتهي به، وأن تعود قطر على هذا الأساس إلى محيطها الطبيعي الخليجي العربي. وقد كتبنا هذا مرارا منذ بداية الأزمة. لكن السؤال الآن هو: على أي أساس بالضبط يجري الحديث حاليا عن «مصالحة» مع قطر سواء في قمة الرياض أو في أي وقت آخر قريب؟ نعلم جميعا الأسباب التي قادت إلى تفجر الأزمة وفرض المقاطعة على قطر، والتي تتلخص في دعم قطر للإرهاب في الدول العربية، وتآمرها لتقويض نظم الحكم في عدة دول، والتحالف مع دول وقوى أجنبية معادية للأمة العربية. ونعلم أنه بناء على هذا، وضعت الدول الأربع المقاطعة 13 مطلبا يجب أن تنفذها قطر كشرط لإنهاء المقاطعة. ونعلم أيضا أنه على امتداد السنوات الماضية منذ تفجرت الأزمة وقطر ترفض أي تغيير في مواقفها وسياساتها وتنفيذ أي من هذه المطالب وتصر على أنها لم تفعل أي شيء خطأ. وذهبت أبعد من هذا حين تحالفت مع دولتين معاديتين هما إيران وتركيا. على ضوء كل هذا، من حقنا أن نعرف: ما الذي استجد بالضبط كي يجري الحديث عن مصالحة وشيكة، ويجعل هذه المصالحة مقبولة؟ هل قررت قطر تغيير سياساتها ووقف دعم الإرهاب والتدخل في شئون الدول العربية، وإنهاء التحالف مع الدول المعادية، وأبدت استعدادا لقبول المطالب التي طرحتها دول المقاطعة؟ وإن كان هذا هو الحال، هل لدى دول المقاطعة ضمانات بأن قطر سوف تنفذ ما تتعهد به، أخذا في الاعتبار السوابق السيئة السابقة؟ هل دول المقاطعة هي التي غيرت موقفها لأي سبب أيا كان، وقررت مثلا التنازل عن كل أو بعض مطالبها؟ هل الأمر برمته، كما يزعم البعض، وراءه بالأساس ضغوط خارجية، وأمريكية بالذات تطالب بغلق هذا الملف؟ هذه كلها تساؤلات مطروحة في أذهان الكل اليوم، أخذا في الاعتبار، أن الإعلام الموالي لقطر يردد أن دول المقاطعة هي التي تمر بأزمات، وهي التي تطلب المصالحة، وأن قطر خرجت منتصرة وأن المصالحة ستتم بشروطها. عموما، كما ذكرنا من حقنا أن نعرف إجابات عن هذه التساؤلات. وحين نعرف، سيكون لنا رأي وموقف.
مشاركة :