قال الباحث الأثري أحمد عامر، إن المصريين كانوا يتميزون طوال عصورهم بالدقة والإتقان في أعمالهم، فنجد أن الألوان استخدمت منذ العصور المصرية القديمة، حيث كان المصرى القديم يقوم برسم وتسجيل أعماله اليومية التى كان يقوم بها، وأيضا كان يقوم بتسجيل النصوص الدينية على الجدران والمقابر حيث كان يعتقد في البعث والخلود، فلهذا يعتبر الرسم والتسجيل على الجدران والمعابد له هدفين إحدهما دينى والآخر دنيوى.وأضاف "عامر"، ولقد ساعده في ذلك تعدد الألوان والمصادر اللونية التى كان يستخرج منها اللون، وقد كان النحت والتلوين حرفًا وثيقة الصلة بمصر القديمة بحكم ما كان واقعًا من تلوين كل أعمال النحت في الخشب والأحجار اللينة والأحجار الصلبة أحيانًا، وقد استخدمت المواد الملونة في التصوير منذ عصور ما قبل التاريخ على جدران الكهوف الصخرية، بل امتدت عبر العصور التاريخية المختلفة، فقد استطاع الفنان من خلال تلك التكوينات اللونية التعبير عن عن تقاليده ومعتقداته واستطاع أن يتخلص من القيود ورسم الأشياء مع عدم مراعاة المنظور وقواعده.وأشار "عامر" إلى أن المصريين القدماء كانوا يستخدمون سبعة ألوان في الرسم والتصوير هي الأصفر، والأحمر، والأزرق، والأخضر، والبني، والأسود، والأبيض، وكانوا يستخرجون بعضها من النباتات كالنيلة مثلًا، وبعضها الآخر من المعادن، وقد لاحظ علماء الآثار أن الألوان المعدنية وخصوصًا اللون الأزرق، يبقى حافظًا لبهجته ولا يمل إلى الخضرة ولا السمرة مع تعريضه للهواء، حيث كانوا يُركبونه من الرمل وبرادة النحاس وبيكربونات الصودا المحروقة، أما الألوان الثلاثة، الأحمر، والأصفر، والبني، فكانوا يستخرجونها من المغرة، كما أن اللون الأبيض كانوا يستخرجونه من الجير والجبس، ونجدهم في مقابر طيبة كانوا يرسمون الأشكال أولًا بالطباشير ثم يضعون عليها مادة ناعمة مركبة من المصيص الجيد والغراء الشفاف، ثم يلونونها باللون الذي يريدون، وكان الكهنة لا يسمحون إلا باستعمال هذه الألوان في كتاباتهم، وكانت لهذه الألوان رموز ودلالات ومعنى، فهي لم تكن اختيارات عشوائية بل اختيارات مبنية على معتقد.وتابع "عامر" أن اللون الأسود كان يرمز للخصوبة، للبعث من جديد، كما هو رمز للحفظ من التلف، هو لون طمي النيل الذي يحمله معه في كل فيضان والذي هو سبب خصوبة التربة، وهو لون استعمل للآلهة "أوزيريس" و"أنوبيس"، واللون الأزرق كان رمز للهواء والسماء، وهو لون الإله "أمون" الذي كان في الأصل إله الريح، اللون الأصفر هو لون الذهب والشمس ساعة الشروق، رمز الخلود، وكما يعتبر اللون الأصفر لون جسد الآلهة، اللون الأبيض لون الفرح والبهجة وأيام الاحتفالات، كما يعتبر لون النور المنبعث من الظلام، هو أيضًا لون الفضة التي منها تتكون عظام الآلهة، اللون الأخضر يرمز إلى الخضرة والنبات، وأيضًا إلى الشباب والصحة الجيدة والإحياء والتجدد، ويصوّر أيضًا الإله "أوزيريس" بجسدٍ أخضر اللون، اللون البني وهو لون الطمي، وكان الرسامون يلوّنون بشرة الرجال باللون البني، دلالة على القوة والاستمرار في العمل.
مشاركة :