كلنا للجليب والجليب لنا

  • 12/10/2019
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

عندما كان الفنان القدير محمد جابر يردد في مشهد «الحرمي» عبارته الشهيرة «يو آر ان لندن نت جليب الشيوخ» من مسرحية «باي باي لندن» في نهاية الثمانينات، كان الجمهور يصفق له كثيراً ويضحك أكثر في كل مرة يردد فيها تلك العبارة التي تداولها كثيرون طيلة ثلاثين عاماً من دون أن يشكك أحد في وطنيته أو يتهمه بالعنصرية حتى عيال الجليب نفسهم لم يتظاهروا أمام المسرح للمطالبة بإيقاف العرض أو إزالة الجملة.فالكويتيون في ذلك الوقت كانت توحدهم الكويت في عبارة «كلنا للكويت والكويت لنا»، لا فرق بين جليبي (نسبة للجليب) ومرقابي (نسبة للمرقاب)، لم تكن منطقة السكن تشكل حساسيتها المفرطة، لدرجة أنك حين تقول «بيتنا في الضاحية» يسألونك «أي ضاحية؟»، لا فرق بين عبدالله السالم عن صباح السالم رغم تباين المستوى، اليوم، جرب أن تقول بيتنا في الضاحية إن كنت في صباح السالم «ياكلونك» بشعارهم الجديد «لا ضاحية إلا عبدالله السالم»، بعد أن نزح سكان خيطان إلى اليرموك أقام القادمون الولاء المناطقي الجديد للتفرقة بين أهل العديلية وأهل مشرف، ثم تكرس الولاء المناطقي بقوة بين المناطق الداخلية والخارجية، ولم تعد الدوائر الانتخابية معياراً بعدما تقلصت من خمس وعشرين الى خمس، تضاعفت الولاءات المناطقية حتى داخل المناطق الجديدة نفسها، فمبارك العبدالله غير عن عبدالله المبارك والشهداء غير عن الصديق والقصور غير العدان، حتى لو ربطهم شارع واحد على النظام المصري الزمالك جنب إمبابة، رغم عدم وجود التباين المادي فقد يمتلك أحد ساكني المنقف أضعاف ما يمتلك أحد ساكني قرطبة، لكنها الكويت التي قرر شعبها أن يكون مختلفاً بخلافاته أكثر من اختلافاته!نعود للعبارة الشهيرة إياها التي تصدرت مقال سابق انتقد ممارسات طلابية خاطئة، انتقد الطلاب إياهم عنوان المقال أكثر من المقال، اتهمت بالعنصرية على طريقة «كل يرى الناس بعين طبعه»، فهم يرون ممارستهم أكبر من أن تقارن بالجليب وهم يعتبرون سؤالهم «هل أنتم من سكان الجليب؟»، هجوماً وإساءة لهم رغم اتهامهم بالإساءة إلى أهالي الجليب «المبتلشين فيني وفيهم»، وهم يعرفون أن الأمثلة تطرح ولا تعمم، ولا يقصد منها الإساءة لطرف من طرف، فالطرفان أبناء وطن واحد يجمعهم الرغبة في الإصلاح، ومعروف أن مشاكل الجليب تعاني منها الكويت مثلما تعاني من مشاكل المرقاب، ومن حق سكان المرقاب مناقشة مشاكل الجليب، كما من حق سكان الجليب مناقشة مشاكل المرقاب، مثالاً لا حصراً.والمثل بالمثل يطرح فإن أضفنا إلى عنصريتنا ضد الوافد وعنصريتنا القبلية والطائفية، عنصرية مناطقية جديدة بسبب تنامي الولاءات على حساب الولاء الوطني، فالمتضرر الوحيد هو الكويت التي سنستبدلها بمناطقنا، وكل يسمي منطقته سواء كنا «كلنا للجليب والجليب لنا»، أم «كلنا للصباحية والصباحية لنا».

مشاركة :