الحرس الثوري يقود حملة لتصفية معارضي خط إيران في العراق

  • 12/10/2019
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

قالت مصادر عراقية مطلعة إن الحرس الثوري الإيراني يقف وراء موجة التصفيات التي طالت نشطاء وقادة محليين للاحتجاجات، وأنه قد يوسع حملته لتطول نشطاء آخرين ورموزا سياسية ليست موالية لخط إيران بشكل واضح، أو لأنها تقف في المنتصف مثل الزعيم الشيعي مقتدى الصدر. ولم يؤثر اغتيال ناشط مدني مساء الأحد في جنوب العراق على سير الاحتجاجات الشعبية المناهضة للحكومة العراقية واتساع النفوذ الإيراني، رغم القمع الذي أدى إلى مقتل أكثر من 450 شخصا منذ الأول من أكتوبر. واغتيل الناشط المدني البارز فاهم الطائي (53 عاما) برصاص مجهولين في وقت متأخر الأحد، في مدينة كربلاء، بينما كان في طريق العودة إلى منزله من التظاهرات المناهضة للحكومة، حسبما ذكر. ويؤشر هذا الاغتيال إلى وجود خطة يوجهها الحرس الثوري، وتشرف على تنفيذها ميليشيات تابعة للحشد الشعبي، هادفة إلى القصاص من قادة الاحتجاجات ورافعي الشعارات التي تطالب إيران بالانسحاب من العراق وكشفت المصادر أن الحرس الثوري يدرس فعليا تصفية الزعيم الشيعي البارز مقتدى الصدر، بعدما تحول إلى عقبة حقيقية في طريق القضاء بشكل كلي على التظاهرات التي يشهدها العراق منذ مطلع أكتوبر الماضي. وتشير المصادر إلى أن الحرس الثوري، اختبر إمكانية تصفية الصدر فعلا، عندما أرسل طائرة مسيرة حلقت فوق المنطقة التي يتخذها مقرا له في مدينة النجف المقدسة لدى الشيعة، لذلك طالب الصدر أنصاره بتشكيل أطواق بشرية حول منزله، وهو ما حدث يوم السبت. وحتى الساعة، يشكك المتظاهرون في نوايا الصدر، ويعتقدون أنه يحاول أن يفصل نفسه عن الطبقة السياسية الفاسدة التي يتظاهرون ضدها، انتظارا لفرصة مناسبة كي يستولي على نتائج الاحتجاج ويقدم نفسه بديلا. لكن أنصاره ما زالوا أيضا، يسقطون في ساحات التظاهر في بغداد والمحافظات، لأنهم يتقدمون صفوف المحتجين في التصدي لقوى الأمن والميليشيات التي تمارس القمع الدموي. ويوم الجمعة، اندلعت سلسلة من التطورات، ربما تؤدي إلى فرز جبهتين مسلحتين في العراق، على خلفية حركة الاحتجاج. وبدأت التطورات عندما شن حزب الله العراقي هجوما بالأسلحة المتوسطة وقاذفات الصواريخ آر.بي.جي على المتظاهرين الذين يعتصمون في ساحة الخلاني وجسر السنك، بالقرب من ساحة التحرير، ما تسبب في مقتل 25 منهم، وجرح قرابة المئة. وبرغم عدد الضحايا الكبير، إلا أن أنصار الصدر الذين يرتدون قبعات زرقا في ساحات الاحتجاج، تصدوا للهجوم، ما تسبب في مقتل عدد منهم، لكنهم أمسكوا بأحد المهاجمين وسربوا هويته الشخصية إلى الإعلام، ليتبين أنه أحد عناصر حزب الله العراقي، وهو ما أجبر رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض على إصدار تعليمات مشددة تمنع تكليف عناصر هذا التشكيل بالانتشار في محيط مواقع الاحتجاج. وتوج الحشد الشعبي تصعيده ضد الصدر، ببيان غاضب فجر الاثنين، قال فيه إن سرايا السلام، وهي ميليشيا تابعة لزعيم التيار الصدري، تسببت في اندلاع المواجهات المسلحة في ساحة الخلاني وجسر السنك. واتهم الحشد المتظاهرين “المخربين” باختطاف عدد من الأشخاص من ساحة الخلاني ونقلهم إلى المطعم التركي في ساحة التحرير المجاورة، داعيا قوات الأمن إلى ملاحقتهم. وبرغم أن الحشد عاد وتنصل من هذا البيان، زاعما أن موقعه الرسمي تعرض للاختراق، إلا أن المتابعين يدركون أن قصة الاختراق ما هي إلا محاولة لخلط الأوراق. وقال مراقبون إن الحشد الشعبي يفتعل هذا التصعيد للتغطية على فضيحة تورطه العلني في قتل المتظاهرين. وتقول المصادر إن الطبقة السياسية الحاكمة كانت تريد أن يأخذ المتظاهرون فرصتهم الكاملة في ممارسة حقهم الدستوري قبل أن تقضي عليهم، حتى لا تستفز المجتمع الدولي، لكن الأمور بدأت تأخذ منحى مختلفا الآن، مع تحول حركة الاحتجاج إلى طرف في صياغة المشهد السياسي، ما يهدد مصالح جميع القوى المتنفذة. وترى الأحزاب السياسية الحاكمة أن الصدر بات يشكل خطرا على خطة تفكيك التظاهرات، بعدما تحول أنصاره إلى خطوط صد تحمي المتظاهرين في بغداد، لذلك فإن فرص تصفيته من قبل الحرس الثوري الإيراني تبدو كبيرة، إذا تطورت حركة الاحتجاج واحتاجت إلى درجة أكبر من القمع. ويعتقد مراقبون أن الصدر، الذي يقيم في إيران حاليا ويتلقى دروسا في الدين، لم يعد يسيطر على كل أنصاره، الذين يمثلون في جوهرهم طبقة الفقراء الكادحين، وهم بالمصادفة ركن رئيسي من أركان حركة الاحتجاج. ولكن الصدر لا يمكن أن يواصل الصمت في حال استمرت القوات الحكومية والميليشيات الموالية لإيران بقتل المتظاهرين وبينهم أنصاره، لأن ذلك سيضرب شعبيته الكبيرة، وهي في الوقت نفسه رأسماله السياسي. على الجانب الآخر، ما زال جهاز الاستخبارات الخارجية الإيراني “اطلاعات” ينظر إلى الصدر بوصفه شريكا شيعيا محتملا، لذلك يوصي بحمايته وادخاره لظروف ما. لكن إيران لن تجازف بتعريض مصالحها الواسعة في العراق إلى خطر يرتبط بحركة الاحتجاج، التي أطاحت حتى الآن برئيس الوزراء عادل عبدالمهدي الذي وصف مرارا بأنه رجل طهران المطيع، فضلا عن مدير مكتبه أبوجهاد الهاشمي الذي يرتبط بعلاقات وثيقة مع الحرس الثوري، وينظر إليه على أنه رئيس وزراء ثان. لذلك، يعتقد المراقبون أن طهران لن تتردد في اتخاذ أي إجراءات تحمي مصالحها من خطر حركة الاحتجاج التي رفعت شعار “إيران برا برا” بمجرد انطلاقها، فيما أحرق المحتجون قنصليتي الجمهورية الإسلامية في كل من كربلاء والنجف، مركز الهوية الشيعية في العراق.

مشاركة :